التربية المؤهلة للحضارة والتربية المؤهلة للخسارة
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
03/09/2023 القراءات: 949
التربية هي عملية إعداد للإنسان وتأهيله لإعمار وإصلاحها، كإنبات النبات ورعايته حتى يستوي على سوقه وتينع ثمرته، ومن الخطأ الخلط بين مفهوم التربية وبين مفهوم التعلم، حيث لا يمكن لأي نظام تربوي أن يضطلع بمهمة تعليم الإنسان وإكسابه المعلومات التي لا يحتاج إلى غيرها مدى الحياة؛ وذلك لكثرة المعلومات وتضاعفها وتجددها باستمرار، ومن هنا جاءت فلسفة اليونسكو في التربية بأنها ليست التمدرس إنما هي التعلم المستمر مدى الحياة.
ويترتب على ذلك أن تعمل المناهج على إكساب الطلاب المهارات والأدوات التي تساعدهم على التعلم الذاتي المستمر مدى الحياة بدلا من حشو أذهانهم بالمعلومات غثها وثمينها، وأن تعمل على غرس معنى قوله تعالى: "وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِيلٗا" [الإسراء: 85] وقوله تعالى: "وَفَوۡقَ كُلِّ ذِي عِلۡمٍ عَلِيمٞ" [يوسف: 76] ، وقوله تعالى: "وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا" [طه: 114] .
ومن فوائد هذه النظرة الشمولية للتربية خفض سنوات السلم التعليمي الذي يستهل أكثر من ثلث العمر، وتقليل نسبة الهدر التعليمي، وتخفيف الضغط المالي عن الجهات الممولة للتعليم.
وعلى الجانب الآخر سيتطلب ذلك مزيد من الترابط والتنسيق بين جميع المؤسسات التربوية لتوفير برامج ووسائل التعلم الذاتي المستمر مدى الحياة، والاتفاق على فلسفة واحدة وأهداف محددة للتربية بين جميع الوسائط، كما يتطلب ذلك تحفيز المواطنين نحو التعلم الذاتي، وإنشاء مجتمعات التعلم.
وسينعم الجيل اللاحق بفوائد التغيير الذي يقود إلى صعود السلم الحضاري للأمة من جديد، وما يصاحبه ازدهار في جميع جوانب الحياة؛ لأنه لا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم ولا يحصل العلم إلا بالتعلم، وقد أثبت الله لملائكته قدرة آدم على إعمار الأرض وإصلاحها بقدرته على التعلم.
تربية، فكر، نهضة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة