مدونة وسام نعمت ابراهيم السعدي


الإعلان العالمي انعكاس طبيعي لفلسفة ميثاق الأمم المتحدة

د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi


05/11/2021 القراءات: 3752  


يعتبر ميثاق الأمم المتحدة العلامة الفاصلة في تطور القانون الدولي لحقوق الانسان واسهام المجتمع الدولي في دفع الجهود الوطنية لاحترام حقوق الانسان، وبذلك يعد ميثاق الأمم المتحدة، الوثيقة الدولية الأولى ذات الطابع العالمي أو شبه العالمي الذي تضمن النص على مبدأ احترام حقوق الإنسان، وقد أعرب عدد كبير من الفقهاء المعاصرين، عن إيمانهم بأن المجتمع الدولي بتوقيعه وتصديقه على ميثاق الأمم المتحدة، قد أقرَّ بأن حقوق الإنسان لم تعد مسألة وطنية داخلية، بل إنها أصبحت من مسائل القانون الدولي، وافترضوا بناءً على ذلك أن الميثاق قد خوَّل الفرد بعض الحقوق الدولية المباشرة. وقد جعل ميثاق الأمم المتحدة من مقاصد هذه المنظمة تعزيز احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك اطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء، وذلك ارتباطاً بحفظ السلم والامن الدولي ورغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سليمة وودية بين الأمم، حيث نصت ديباجة الميثاق على ان شعوب الأمم المتحدة الت على نفسها ان تؤكد من جديد ايماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية( ) ونصت المادة الأولى في فقرتها الثالثة على انه مقاصد المنظمة الدولية تتمثل بـ "تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً، دون تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء" ، ونصت المادة الثامنة على "أنه لا يجوز للأمم المتحدة أن تضع أية قيود على أهلية الرجال والنساء للمشاركة في أجهزتها الفرعية في أية وظيفة وبمقتضى شروط المساواة". وأشارت المادة (13) من الميثاق إلى هذه الحقوق وهي تبين وظائف الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الفقرة (ب) بالقول: إلى أن الجمعية العامة تنشئ دراسات، وتشير بتوصيات لمقاصد عديدة منها: "الإعانة على تحقيق حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة بلا تمييز بينهم في الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء". وخصص الميثاق الفصل التاسع منه للتعاون الدولي والاقتصادي والاجتماعي، حيث أشارت المادة 55 منه على أنه : "رغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سليمة وودية بين الأمم مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، تعمل الأمم المتحدة على: "..... أن يشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تميز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء، ومراعاة تلك الحقوق والحريات فعلاً" ".، كما تنص المادة (56) من الميثاق على تعهد جميع أعضاء المنظمة الدولية بان يقوموا منفردين او مشتركين بما يجب عليهم من عمل بالتعاون مع الأمم المتحدة لإدراك مقاصدها المنصوص عليها في المادة (55) من الميثاق وهي: أ. تحقيق مستوى أعلى للمعيشة وتوفير أسباب الاستخدام المتصل لكل فرد والنهوض بعوامل التطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي. ب. تيسير الحلول للمشاكل الدولية الاقتصادية والاجتماعية والصحية وما يتصل بها وتعزيز التعاون الدولي في أمور الثقافة والتعليم. ج. ان يشيع في العالم احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء ومراعة تلك الحقوق والحريات فعلاً. ونصت المادة 62 الخاصة بوظائف وسلطات المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الفقرة الثانية منه: "وله أن يقدم توصيات فيما يختص بإشاعة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومراعاتها". وفي المادة 68 نصت على أنه: "ينشئ المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجاناً للشؤون الاقتصادية والاجتماعية ولتعزيز حقوق الإنسان، كما ينشئ غير ذلك من اللجان التي قد يحتاج إليها لتأدية وظائفه". وأخيراً واتساقاً مع مقاصد الأمم المتحدة المبينة في المادة الأولى من الميثاق. حيث نصت المادة (76) في الفقرتين (ج، د) على أن من بين أهداف نظام الوصاية الدولي- والذي حل محل نظام الانتداب القائم في ظل عصبة الأمم : "العمل على ترقية أهالي الأقاليم المشمولة بالوصاية في أمور السياسة والاجتماع والاقتصاد والتعليم، وإطراد تقدمها نحو الحكم الذاتي أو الاستقلال، وكذلك التشجيع على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء...". إن نقطة الإنطلاق الأساسية لصياغة الإعلان، كانت من باب القناعة التامة بأن ما جاء في الميثاق لم يكن كافياً. لذلك كان لا بد من أن تبادر المنظمة إلى إظهار مدى اهتمامها بموضوع حقوق الإنسان عن طريق صياغة وثيقة خاصة تعالج هذا الموضوع، وليس اعتباره مجرد هدف من بين عدة أهداف تسعى المنظمة لتحقيقها. إضافة إلى أن الاعتقاد السائد في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي أوساط هذه المنظمة العالمية آنذاك، ان حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لكي يتوفر لها الاحترام بشكل وافٍ ومرضٍ، يجب أن تصاغ أولاً بشكل واضح ومبسط حتى تكون في متناول الجميع حكاماً ومحكومين، أفراداً وهيئات، (وقد أشير إلى ذلك في ديباجة الإعلان العالمي). كما أن الدافع الأساسي لإصدار هذا الإعلان هو ازدياد اهتمام الشعوب واستمرار نضالها من أجل حقوقها وحرياتها من جانب، واهتمام المجتمع الدولي بحقوق الإنسان وتوفير الضمانات لها، للمساهمة في تماسك المجتمع الدولي وفي إقرار السلم والاستقرار العالمي من جانب آخر، وكذلك لعدم معالجة ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وحرياته بصورة متكاملة ومتناسبة مع ما لحقوق الإنسان من شأن في ترسيخ السلام والتضامن والاستقرار بين الشعوب والأمم. وانطلاقاً من إدراك واستيعاب هذه الحقيقة من قبل المجتمع الدولي فقد اتجه إلى إصدار هذه الشرعة الدولية لتحقيق التضامن.


الأمم المتحدة - حقوق الانسان - المبادئ والمقاصد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع