مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو


وجاء جيل طوفان الأقصى، أ. د. محمد محمود كالو

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


12/10/2023 القراءات: 1202  


وجاء جيل طوفان الأقصى
استيقظ العالم في صباح معركة طوفان الأقصى على نسائم بثّت أجواؤها روحاً مشرقةً في نفس كلّ مظلوم ومكلوم، يتوق لتحرير الأرض السليبة، كان موعدهم الصبح، فأضحى صباحاً منعشاً لمعنويّات الأمة المجروحة، وهي تتابع هذا التّطور الذي وصله جيل طوفان الأقصى الذي أغرق الجميع، فأصبح قادراً على النّيل من المحتلّ بهذه القوة والبسالة، وقد جاء منشور إيطالي يعبر عن ذلك بقوة، حيث تضمّن المنشور صورتين إحداهما لأطفال الحجارة وهم يقاومون دبابات المحتلين في بداية الألفين، وصورة أخرى عن مشاهدهم اليوم وهم يستقلّون هذه الدّبابات وقد غلبوا أصحابها على أمرهم، وجاء التعليق باللغة الإيطالية "كبر الأولاد"!
وهذا ما يذكرنا بصفية والدة الزبير كيف كانت تعده منذ صغره إعداداً خاصاً ليوم الكريهة والطعان، وأثمر هذا الإعداد ثمراً يانعاً ويافعاً قوياً، ذكر ابـن حجر في الإصابة أن العوَّام لما مات كان نوفل بن خويلد يلي ابن أخيه الزبير، وكانت صفية بنت عبد المطّلب تضربه وهو صغير، وتغلظ عليه، فعاتبها نوفل وقال: ما هكذا يضرب الولد، إنك لتضربينه ضرب مبغضة، فرجزت به صفية:
مَنْ قَالَ إِنِّي أُبْغضه فقد كـذب وَإِنَّمَا أَضْرِبُهُ لِكَـي يَلَبْ
وَيَهْزِمَ الجَيْشَ وَيَأْتِـي بَالسَّلَبْ وَلا يَكُن لِمَالِهِ خَبْأٌ مُخَبْ
يَأْكُلُ فِي البَيْتِ مِنْ تَمْرِ وَحَبْ
يا لها من أم عظيمة! أعدت ابنها الزبير منذ نعومة أظفاره كي يكون شجاعاً ثائراً وبطلاً مغواراً وفارساً مقداماً في ساحات الوغى، فكان يدور يمنة ويسرة، يستأصل بسيفه جذور الباطل في تفان قلَّ أن تجد له نظيراً، يقاتل كأنه يقاتل وحده، وكأنه جيش بكامله، وهكذا جاء جيل السّبت السّابع من أكتوبر، جيل طوفان الأقصى، بعد أن كبروا وسادوا وقادوا الساحة، وأتحفوا الأمّة بصباح مشرق.
إن ما حدث أثبتَ أنّ هذه الأمّة بحاجةٍ إلى قائدٍ حقيقيّ، لنصر حقيقيّ، فهي أمة غير متخاذلة كما يعتقد بعضهم، إنّما من يخذلها دوماً نخب العار، أمة حيّة يحكمها أموات، ولكنّها أمة تمرض ولا تموت؛ والقادم أدهى وأمر، رغم التعقيد إلا أن فيه نوراً وأملاً كبيراً بإذن الله تعالى.
لقد أيقظ "طوفان الأقصى" الأمة من جديد، وقدّم لها الغذاء الذي ستقتات عليه أجيالها لعدة عقود قادمة، بعد أن حطّم أساطير المستحيلات الوهمية للعدو المتفوّق والجيش الذي لا يقهر.
إذا نطق الرصاص فلا بد أن يخرس ويخسأ كل صوت نشاز، ولا بد للصغار أن يكفوا عن لعبهم وعبثهم ويبتعدوا عن الميدان، ولا بد للحثالات أن يعودوا إلى أوكارهم قانعين خانعين بما أحاط بهم من الذل والصغار.
نطق الرصاص ليعلن أن قافلة النصر قد انطلقت تحث الخطى واثقة ثابتة؛ لتستعيد الأمة حقوقها وتعود إلى عزها ومجدها، فمن التحق بالقافلة أفلح وفاز، ومن تخلف خاب وخسر.


طوفان الأقصى، كبر الأولاد، الحجارة، الدبابات، المحتل


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع