مدونة الدكتور/ مازن جهاد إسماعيل الشوبكى
غياب القدوة لجيل بلا نجوم: الجريمة الصامتة ُقتل القدوة وصناعة الفراغ
الدكتور/ مازن جهاد إسماعيل الشوبكى | Mazen J. Al Shobaki
28/08/2024 القراءات: 463
تُعد القدوة من أهم العوامل التي تُشكل شخصية الأفراد وتوجههم نحو الأهداف الإيجابية، ففي عالم معقد ومليء بالتحديات، يحتاج الشباب إلى رؤية شخصيات ناجحة تلهمهم وتقدم لهم نموذجًا يحتذى به، ولكن اليوم، نجد أنفسنا أمام جريمة صامتة يُرتكبها المجتمع في حق الأجيال الجديدة: غياب القدوة.
لماذا يعتبر غياب القدوة جريمة في حق هذا الجيل؟
1. الضياع القيمي والأخلاقي: القدوة ليست مجرد شخصية معروفة أو مشهورة، بل هي تجسيد لقيم ومبادئ تؤثر على تصرفات وأفكار الأفراد، حيث انه ومع غياب الشخصيات النموذجية، يفقد الشباب البوصلة الأخلاقية والقيمية، مما يؤدي إلى زيادة في حالات الفساد والعنف والانحرافات السلوكية.
2. ضعف الطموح والإحباط: عندما لا يجد الشباب شخصية ترسم لهم الطريق نحو النجاح، تتضاءل لديهم الرغبة في التحدي وتحقيق الأهداف الكبيرة، حيث ينخفض الطموح ويصبح المستقبل مشوشًا وغير محدد المعالم، مما يسبب شعورًا عامًا بالإحباط واليأس.
3. الاستسلام للتيار العام: في غياب القدوة الحقيقية، يتجه الشباب غالبًا إلى تقليد الشخصيات العامة التي قد تفتقر إلى القيم والمبادئ، وقد تكون هذه الشخصيات ذات تأثير سلبي، تروج لأفكار مغلوطة وسلوكيات مدمرة، مما يزيد من تفاقم مشكلات المجتمع.
4. فقدان الهوية والانتماء: يُعد وجود قدوة قوية من الأمور التي تعزز شعور الانتماء لدى الشباب، سواء كان ذلك الانتماء إلى أسرة، مجتمع، أو وطن، فغياب هذه القدوة يؤدي إلى شعور بالغربة الداخلية والافتقار إلى هوية واضحة، مما يدفع الكثيرين إلى البحث عن الانتماء في أماكن غير صحية، مثل الجماعات المتطرفة أو الأنشطة غير القانونية.
كيف نعيد بناء القدوة
1. إبراز النماذج الإيجابية: من الضروري تسليط الضوء على الشخصيات الملهمة في مختلف المجالات من خلال الإعلام والتعليم، وتحفيز الشباب على التعرف عليها والاستفادة من قصص نجاحها.
2. تشجيع التفاعل مع الشخصيات النموذجية: تنظيم الفعاليات وورش العمل التي تسمح للشباب بالتفاعل المباشر مع الشخصيات القدوة، مما يعزز من شعورهم بالارتباط والانتماء.
3. تحفيز الأهل والمعلمين: يقع على عاتق الأهل والمعلمين مسؤولية كبرى في تقديم نماذج إيجابية وتربية الأجيال على القيم الإنسانية الرفيعة.
4. تعزيز الوعي بالقيم الأساسية: عبر المناهج الدراسية والأنشطة الشبابية، يجب التركيز على أهمية القيم الإنسانية، كالصدق، والنزاهة، والشجاعة، والعدالة، في بناء شخصية متوازنة.
إن غياب القدوة الحقيقية عن حياة الشباب هو جريمة يجب أن نتوقف عندها ونعمل على معالجتها فورًا، لأن هذا الفراغ يُعد من أكبر الأخطار التي تواجه مجتمعنا، فهو يقتل الروح المعنوية، ويضعف القيم، ويجعل من الصعب بناء جيل قوي قادر على مواجهة تحديات المستقبل، ولنكن نحن القدوة التي نبحث عنها في الآخرين.
القدوة، جيل الشباب، الجريمة الصامتة، صناعة الفراغ
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع