طوفان الأقصى، مواقف وعبر، (3) المباغتة المكانية
سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI
10/10/2023 القراءات: 1333
أن يزحفَ الأبطال الأشاوس من #كتائب_القسام في #طوفان_الأقصى من مكان ما كان يُخيّل للجيش الصـ.ـهيـ.ـوني أن يُؤتَى من قِبلِه، فهي مباغتةٌ مكانيةٌ، مع أنّ ذلك الجيش قد حصّن السياج العازل بتحصيناتٍ ترخي بظلال الاطمئنان عليه من خلالِ أجهزة المراقبة المتطوّرة من آلات التصوير والمجسّات والدوريات وغيرها، فضلاً عن العمقِ الكبير في الأرض والارتفاع الشامخ في الجوّ، حتى أنّه ما كان يمرّ طائرٌ ولا حشرة (صرصور) مقترباً من السياج إلا ويصل علم ذلك إلى شاشات المراقبة التي تتسمّر عليها عيون المجنّدات اللاتي لا ينظرنَ يمنةً ولا يسرةً في فترة عملِهنّ إلا إلى تلك الشاشات، -كما صرّحت بذلك إحدى المجنّداتِ من وحدة المراقبة في فرقة غزة، حسبَ مقطع متداولٍ -،،، أمر هذه المباغتةِ لا يزال يحيّر المحلّلين في الجيش الصـ.ـهيـ.ـوني بل في العالم، كيفَ دخلَ هؤلاء الأبطال من خلال ذلك السياج؟!!!، وسرُّ ذلك عندَ الله وفي عمقِ بئرٍ لم يُكشَفْ غطاؤه لدى #كتائب_القسام، لعلّه يظهر في يومٍ ما،،، وما أشبه اليومَ بالبارحة، فيهودُ خيبر كانوا محصّنينَ في حصونٍ، من شدّة تحصينِها كانوا يظنونَ أنّها مانعتُهم من المسلمين، وكان المسلمون يظنون أنْ لن يخرجَ منها اليهود، وقد صوّر لنا القرآن ذلك أدقّ تصوير فقال: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الأَبْصَار} [سورة الحشر:2]، ولكنْ صاحبُ القضيّة الحقّة يأخذ بالأسباب، ثمّ يتوكّل على الله، ومن الأخذ بالأسباب المباغتةُ من المكانِ الذي يأمنُ منه العـ.ـدوُّ، إلا أنّ هذه المباغتةَ تستدعي معرفة دقيقة بمداخل ومخارجِ العـ.ـدوِّ، ومعرفة مواطنِ الضعفِ والقوّة لديه. وهذا المنهج هو الذي صاحبَ خالد بن الوليد في حروبه حتى قبلَ إسلامه، أليسَ هو الذي كانَ يترقبُ ترقّبَ الصقرِ وينتظرُ أنْ ينزلَ الرماةُ من جبلِ أحدٍ، حتى باغتَ المسلمينَ من خلفهم، فقلب بذلك موازين المعركةِ؟!، أوليسَ هو الذي سلك بالجيشِ إلى اليرموك طريقاً وعراً صحراوياً غيرَ معهودٍ، مع ندرة المياه فيه، لأجل مباغتةِ العـ.ـدوِّ من خلفِ الجيشِ ليثيرَ فيه الهلعَ والارتباك؟!،،، وليس ببعيدٍ من ذلك ما فعله القائد أبو موسى الأشعري بعد أن استعصت مدينة تَستُر الفارسية بالأهواز على المسلمين طيلة ثمانية عشرة شهراً من الحصار، حين وجّه مِجزأة بن ثور على رأس ثلاثمائة فارس ليباغت الهرمزان وجيشه بدخول المدينة من مكان غير معهود، فسلك مجزأة نفقاً تحت الأرض يصل بين النهر والمدينة، وبقي يصارع مع الجند ظلمة الليل وضيق النفق وعناء السباحة، حتى لم يبق من الجند معه إلا ثمانون، فلمّا وصلوا المدينة عند الفجر أغمدوا سيوفهم في حرّاسها وفتحوا مكبّرين أبوابها، فكانت مباغتة مكانية خلّدت نصراً مؤزّراً. فالعبرةُ من كلِّ ذلك أنّ أمّة الإسلام ينبغي أنْ تكونَ يقظةً متخذةً من عيونِ البومةِ لها عيوناً لتجد الثغرات التي تخرجها إلى فضاءات الرقيِّ والصدارة في هذا العالم. سيف بن سعيد العزري عشيّة الثلاثاء 24 ربيع الأول 1445هـ، الموافق له 10 أكتوبر 2023م.
طوفان الأقصى، فلسطين، القدس، كتائب القسام، اليهود، السياج العازل،
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة