مدونة الأستاذ الدكتور فليح مضحي السامرائي


✍️أنا وغمدان* .... فليح مضحي السامرائي....

الأستاذ الدكتور فليح مضحي السامرائي | Prof. Dr. Flayyih Mudhhi Al-Samrrai


01/01/2021 القراءات: 4814  


✍️أنا وغمدان* كان الجو من السحر والجمال لا يوصف ولا يترك ... وانا اتفقده مقيدا بقانون تقييد الحركة المشروط المعروف بـ (CMCO) واطل على جزء من الفضاء الكوالا لمبوري من الشرفة في الطابق الثامن عشر من مبنى (Amadesa) أواخر النهار ونحن ندنو من المساء.. فالغيوم المتلبدة ببهاء السماء وقطرات المطر تمشط رؤوس الفتيات الصينيات العائدات إلى بيوتهن وتلامس خدود المارة بلطف وخفة لا تزعج ولا تقلق ولا ترهق ... توفرت عندي محاسن الجمال الثلاث فكل شيء اراه جميلا ساحرا حتى أنني اجبر الأحداق ان لا تغلق من فيض حبي للمشهد الذي تتقلب ألوان قوس قزح فيه يوميا وأنا أجول ببصري في فضاء كوالالمبور الرحب... اخبرتني أميرتي الصغيرة (لقاء) وأنا في وسط المشهد بنفاذ الخبز ... أزداد شوقي للجمال لأنني سأصبح جزء من تلك الصورة واللقطة الجميلة التي ابصرتها واستمتعت بها ... هممت بالخروج وإذا بشهم العائلة يطلب المصاحبة ... زاد المنظر اكتمالا ومتسعا... خرجنا متجهين الى الساوث ستي (South City) الحي الذي ينقلك الى بيئة عربية مكتظة بكل شيء وأولها الدكاكين الصغيرة / البقالات العربية ... فتسمع قهقهة هناك وحديث هاتف مرتفع من بعيد ... ولمة شبابية لا تخلو من الفوضى والهرج... وسيارات تركها اصحابها خلف السيارات الواقفة بانتظام وتسببوا في ازدحام... وغيرها من فوضى البيئة الشرق اوسطية التي نُقلت لذلك الحي... لم يكن الخبز وحده من أوصيت بجلبه .. بحثت عن النومي بصرة بالمسمى العراقي (ليمون يابس) لم اجده في تلك البقالة التي اعتدت على الشراء منها ولا اعرف لماذا؟ ربما هي أول بقالة في المكان وطأتها قدمي وربما للطف معاملتهم وهم اجانب على البلد كحالتي... لم أجد النومي بصرة. توجهت الى البقالة الأخرى ولا يزال جمال الجو على حسنه في تلبده ونزول المطر الخفيف بالرغم من تغير الأجواء المحيطة واختلاف الرؤيا البصرية عندي فالأولى كنت أراها من فوق والآن اراها مع اختلاط فصورة الحياة الأولى تلاشت عندي لكن زقزقة العصافير كانت تعيد لها الحياة في نفسي مرة أخرى... عند البقالة الجديدة لأحد الاخوة اليمنيين سألته على الفور بعد التحية وفراغه من الحديث مع أحدهم. هل عندك (ليمون يابس)؟.. وعلى الفور بادرني بسؤال ماذا تسمونه أنتم؟. ضحكت من خلف الكمامة وكرر السؤال نفسه، فقلت: اسمه (نومي بصرة) ابتسم وقال: (لي مع هذا الاسم قصة) قلت متعنا بها، وسرد لنا (أن له صديق مقرب عراقي جاء ذات مرة وسألني هل عندك (نومي بصرة)؟ فاحترت بسؤاله ماذا يقصد؟ لكني استدركت الأمر وقلت أعذرني أخي نفذ عندي، وإن شاء الله على المرة القادمة تجده وعاد بعد أيام وسألني جلبت (نومي بصرة) فقلت: اعذرني أخي الموزع وعدني ولم يفِ بوعده، فانصرف صاحبي، ثم عاد مرة أخرى بعد أيام وسألني فقلت: للأسف لا يوجد، فاستسلم للأمر وقال: طيب أريد أن ألقي نظرة في البقالة عسى أجد شيء احتاجه في البيت واثناء تجواله صرخ!! يا أخي غمدان هذا (النومي بصرة) اكوام!! وانت تقول ما عندي، اعتذرت بعدم معرفة اسمه وأخذ وانصرف ومن يومها والكلام لغمدان: عرفت كل المسميات العراقية العجيبة والغريبة للمواد الغذائية) قلت: سأختبرك إن كان حقا ما تقول أم لا؟ وأنك تحفظ كل المسميات العراقية العجيبة والغريبة للأشياء كما قلت...! وسأسألك عن مادة انت تبيعها... (عندك تمن؟) وعلى الفور ضرب الرجل جبهته عاجزا متفاجئا ويريد ان يستذكر المسميات واستدركت بالقول: اتصور انه موجود ولعلمك هذا الاسم ينفرد به اهل العراق. تجولت في المحل وهو يتبعني ليعرف المادة والاسم فرأيت (التمن) وقلت موجود. عجز الرجل عن معرفته وتوسل أن اقول له الاسم ليضيفه إلى قاموسه للمعجم العراقي! قلت له قبل قليل تقول إنك تعرف كل المسميات العراقية، فقلت: إنه الرز ياعزيزي!!! ضحك غمدان الرجل الطيب وتجاذبنا أطراف الحديث ثم اخذت (النومي بصرة) وانصرفت عائدا مع احمد نستمتع بزهو الحديث عن غمدان وقصتنا معه. وما احسست من طيبته التي سحرتني واعترف هنا انني سأتبضع منه في قابل الأيام ولا أدري هل بسبب شطارة البائع الذي يتمتع بأخلاق عالية جذبتني، أم بسبب طيبته وطيبة اهل مدينة إب خاصة وأهل اليمن عامة وهذه قصتي مع غمدان، وسيكون لها تكملة في قابل الأزمان إن جاد علينا الرحمن ببقية من الزمان....... د. فليح مضحي السامرائي / كوالالمبور 19-12-2020ــــــ. 🌹🌷 * اسم غمدان نسبة إلى قصر غمدان، الذي يقع في مدينة صنعاء باليمن، واختلفت الروايات فيمن قام ببنائه لكن سيف بن ذي يزن هو أشهر وآخر الملوك الذين سكنوه، والقصر من عجائب الهندسة المعمارية ومن القصور القديمة والضخمة.


غمدا، إب، أنا وغمدان


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


ليتك استاذي اتحفنا بمذكراتكم اليومية كلما سنحت الفرصة، أجد فيها الذوق الأدبي مع الاغتراب


جميلة جدا


أمتعتنا والله اللهم أرفع عن أخوتنا باليمن ما هم فيه يارب العالمين