هذا البحث جمع ودراسة للأحاديث التـي أعلها أبو زرعة الرازي (ت 264ه) وهي مخرجة في الصـحيحيـن معا أو في أحدهما، متوسلا إلى ذلك بمنهج المقارنة والموازنة بيـن أحكام أبي زرعة على تلك الأحاديث، ووجه إخراج الشيخيـن لها في الصحيح، مما سيظهر لنا جليا أن الاختلاف بيـن أبي زرعة والشيخيـن في إعلال الأحاديث وتصـحيحها إنما هو أمر اجتـهادي، تتباين فيه الأنظار، وتتفاوت فيه وجهات النقاد، ولا يمكن القطع فيه، وهم في ذلك دائرون مع القرائن. والهدف من ذلك هو بيان أن نقد الأحاديث وكشف عللها لا يقع إلا لمن كان واسع الاطلاع على الأخبار، عارفا بأحوال الرواة، خبيـرا بأغراضهم وعوائدهم في التحديث، مقارنا بينـهم وبيـن أسنانـهم وشيوخهم، مع التيقظ والنباهة، والديانة المانعة من اتباع الهوى، وهذه المهمة الخطيـرة تصدى لها صيارفة الحديث من أهل الجرح والتعديل، أما المتعاقلون الرقعاء الوضعاء فليسوا منـها في ورد ولا صَدَرٍ، ولا من النقلِ في مرمى ولا نظر، بل دثارهم البـهت، وشعارهم التلفيق، فأقصى أحوالهم أنـهم على الحقيقة مشاغبون، مموهون، لهم شبـهاتٌ يزينونَ بـها تمحلاتـهم، مع أن الباب في زمن الفوضى قد فُتِحَ لهم على مصراعيه لنشر آرائـهم، وبُسِطَ لهم المجال للإفصاح عن شواذهم، فامتدَّ شططهم إلى السنة المشرفة، وعينُـهم حقيقةً على القرآن الكريم.
أشرف مرادي | Achraf Mouradi | 788