مدونة البيتي العلمية


مجلة أكابرس ... نموذج النشر السريع للمنصات العاملة بنظام النسخ الأولية PrePrint (الجزء الثاني)

حسن محمد عبدالله البيتي | Hassan Mohammed Abdullah Albaiti


06/11/2024 القراءات: 50  


الآن وبعد إطلاعك عزيزي/تي على المقال الأول دعني أعرفك بطريقة دراستي لهذه الظاهرة العلمية إن صح التعبير، ففي سنة 2017 أنشئت شبكة الأنباء الأكاديمية Academic Press Network واختصار لها بالإنجليزي "ACAPRS" في منتصف 2017، تحت إشراف قسم الإعلام بجامعة طيبة بالمدينة المنورة.
رؤية الشبكة هو الدمج بين الإعلام والتعليم، وهو نتاج ما عُرِفَ بالإعلام الأكاديمي الذي بدأ نشاطه في جامعة داكوتا الشمالية في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1883.
وخلال دراستي للإعلام الأكاديمي، والذي لا زلت مستمر فيه حتى اللحظة، طرأ عليّ سؤال من أحد الأوراق العلمية التي قرأتها، حيث كانت العبارة التي استوقتني تقول: إن الإعلام الأكاديمي يستثمر في عملية النشر لديه على الأبحاث العلمية، والبتي كانت تعرف باسم صحافة الأبحاث في تجربة عملية قام بها أحد خبراء الإعلام الأكاديمي سنة 2011، حين أنشئ منصة خاصة لنشر الأبحاث العلمية بطريقة إعلامية.
السؤال هو: هل الإعلام الأكاديمي كفيل بالتدقيق في كل ما ينشر من أبحاث، وهل لديه سياسة احترازية في حال كان هناك انتحال علمي، أو صناعة الأوراق العلمية بواسطة الذكاء الاصطناعي، أو احتواء الورقة على ما يمس بقيم البحث العلمي؟
نعم أتكلم عن الذكاء الاصطناعي والذي أصبح معضلة حتى للمجلات التقليدية المحكمة، حيث سحبت مجلة Science direct ورقة علمية لباحثين صينيين في سنة 2024 بعد اكتشافها أن مقدمة الورقة كتبت باستخدام الذكاء الاصطناعي.
هذا السؤال جعلنا نرجع خطوة للوراء للبحث عن وسيلة تكفل النشر الإعلامي السريع والتحقق العلمي الرضين في آن واحد، فكان لابد من البحث عن وسيلة تجمع ذلك، ولكن وللأسف، ونظراً لإن بيئتنا العربية لا تترجم المعارف الغربية، فلم يكن وقتها لدي علم عن منصات PrePrint.
تمضي السنين حتى حصولي على الماجستير، وقد كان لي طموح بنشر كل الأوراق العلمية التي كتبتها وإشهارها في فضاء الإنترنت، ولكن تواجهك دائماً منصات المجلات العلمية التقليدية العربية، حيث لا يوجد ذكر لـ PrePrint إطلاقاً.
دفعني ذلك للسؤال أكثر، كيف ينتظر الباحث/ة شهور عدة لتحكيم أوراقهم ونشرها، ألا يوجد حل مبدئي لغاية حلول موعد التحكيم النهائي، فكانت سنة 2023 سنة تعرفي على PrePrint.
وجدت في هذا النوع من النشر ضآلة الباحثين وطلبة المنح الدراسية، الذي يحتاجون لهذا النوع من النشر عند التقدم لفرص مهنية أو أكاديمية.
فعزمت حينها على دراسة هذا النوع من النشر على مدى نصف سنة كاملة، تعرفت خلالها على ما يحيط هذا النوع من النشر من تحديات في وطننا العربي، ومن إشكاليات تقنية ومالية وبشرية، وعملت خطة عمل متكاملة للوصول إلى مجلة أكابرس للنشر العلمي، وكانت البيئة العلمية اليمنية الحاضنة لهذا المشروع.
وكما يقال: بداية الشيء أن تقر به أولاً قبل غيرك، فإيماني بهذا المشروع جعلني أتحمل وقتا طويلاً في برمجة منصة رقمية للمجلة، واستخراج تصاريح لمؤسسة تتبنى المجلة، وصولاً إلى ترميزها في منظمة ISSN، ومن ثم حصولنا على معرفات DOI من قِبل منصة CrossRef، وعمل حساب احتياطي سحابي للأبحاث العلمية في منصة Zenodo التابعة للاتحاد الأوروبي.
بدأت بعد ذلك مرحلة البحث عن أساتذة جامعيين متمرسين في مجال تحكيم الأوراق العلمية، ورغم أن صدمتي بأن الوسط الأكاديمي اليمني لا يعرف كثيراً عن هذا النوع من النشر، وإدراكي بأن تكوين الهيئة العلمية للمجلة سيكون صعباً، ويحتاج لبرهة من الزمن حتى يتكيف مع هذا النوع من النشر، وكذلك التحدي الأهم وهو نموذج التحكيم المتبع في مجلة أكابرس للنشر العلمي.
لقيت المبادرة ترحيباً وانضمام من أساتذة يمنيين من مختلف الجامعات اليمنية، وتشكلت اللجنة، وعقدت ثلاث اجتماعات لمناقشة العمل بهذا النوع من النشر العلمي، وما هو المسموح بنشره في المجلة.
والجميل في الأمر أن المجلة ورغم بداية عملها إلا أنها صارت موجودة في العديد من قواعد البيانات لمنصات عالمية تعنى بالنشر العلمي كمكتبة جامعة وارويك البريطانية، ومنصة Scilit وYubetsu الدوليتين، كما يتعرف على معرفات DOI من قِبل العديد من المنصات المعنية بالنشر العلمي، ومن بين هذه المنصات Google Scholar، الذي يعتمد على DOI لتسهيل البحث عن المقالات العلمية وربطها بمصادرها، وScopus الذي يدمج DOI ضمن قاعدة بياناته الواسعة لتمكين الباحثين من الوصول السريع إلى الدراسات المختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، تسهلResearchGate مشاركة الأبحاث باستخدام DOI، بينما يوفر ORCID نظاماً يربط الباحثين بمنشوراتهم عبر معرفات دقيقة، مما يضمن صحة التعرف على الأعمال العلمية.
وتتيح المنصات الأخرى مثل Mendeley و Zenodo و Semantic Scholar وDOAJ ربط معرفات DOI بالأوراق العلمية أو توليدها من خلال منصاتهم؛ لتمكين الباحثين من تنظيم أبحاثهم والوصول إلى المقالات الأكاديمية المفتوحة.
وبالنسبة لعملية النشر، وحفاظاً على استدامة النشر، فقد قررت المجلة بأن يكون النشر بدولار واحد فقط من داخل اليمن، ودولارين من خارجه؛ وذلك لاستدامة هذه المنصة العلمية، وهذا ليس بجديد، فقد كانت مجموعات المعاهد الصحية الوطنية الأمريكية تنشر بنصف دولار في ستينيات القرن الماضي، ولا ننكر أن هناك منصات تنشر مجاناً لكن بعضها توقف عن العمل كحال 10 منصات موجودة بقواعد البيانات المنشورة بدعم وزارة البحوث الفرنسية، كما أن عدد المنصات القائمة على الدفع النقدي 13 منصة علمية تقوم كلها على التحكيم القبلي للورقة العلمية.
إن النشر العلمي في الوطن العربي سيأخذ منعطف هاماً في ظل تقنية PrePrint حيث سيحقق العديد من الفوائد لمجتمع البحث العلمي العربي من طلاب وأساتذة وباحثين يرغبون في الحفاظ على خزينتهم العلمية حتى لا يفقدوا ملكيتها الفكرية ويدعوها حبيسة الأدراج، كما أن نشر النسخ الأولية سيظل داعماً للمجلات العلمية التقليدية وليس منفصل عنها، كما ستحافظ مبادرة مجلة أكابرس للنشر العلمي على استقلالها المالي والتقني حتى لا تتعرض للإغلاق كما هو حال بقية الأراشيف والمجلات التي أغلقت.


النسخ الأولية إعلام اقتصاد تعليم PrePrint النشر السريع كورونا


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع