الأخلاقيات المهنية للمعلم وطرائق التدريس


الإتجاهات النفسية والسلوكية للمعلم

أ.د. ابكر عبدالبنات آدم إبراهيم | Prof. Dr. Abaker Abdelbanat Adam


05/10/2021 القراءات: 3405  


مفهوم الاتجاهات النفسية Concept of Psychological Attitudes: الاتجاهات النفسية هو حالة من الاستعدادات العقلية والنفسية والعصبية التي تتكون لدى الفرد من خلال الخبرة والتجربة التي يمر بها الفرد وتؤثر هذه الحالة تأثيراً ملحوظاً على استجابات الفرد لسلوكه إزاء جميع الأشياء والمواقف التي تتعلق بنفسية الانسان"(All Poort, 1954:55). كما عرّفه آخرون بأنه:" مفهوم يعبر عن محصلة استجابات الفرد نحو موضوع ذي صفة اجتماعية من حيث تأييده للموضوع أو معارضته"اسكندر،1960م:234). وعلى ذات النسق هو عبارة عن تنظيم لمشاعر الشخص فى معارفه وسلوكه أو استعداداته للقيام بأعمال معينة من خلال درجة القبول أو الرفض. ومعنى ذلك أن الاتجاه حالة استعداد للنشاط الجسمي والعقلي تعد الفرد وتهيئه لاستجابات معينة. ويتضح من خلال هذا التعريف بعض خواص الاتجاه، أنه مكتسب من خلال الخبرة وليس فطرياً أو وراثياً. وأنه ليس سلوك، وإنما هو عامل مؤثر في سلوك الفرد. وهنالك من عرّفه بأنه":استعداد عقلي متعلم للسلوك بطريقة ثابتة إزاء موضوع معين، أو مجموعة من الموضوعات"(اسكندر، نجيب، وآخرون،1960م:295). وعرفه ثرستون بقوله:" أنه درجة الشعور الإيجابي أو السلبي المرتبط بالموضوعات السيكولوجية" Maase,1984:33)). ويقصد بالموضوعات السيكولوجية أي رمز أو نداء أو قضية أو شخص أو مؤسسة أو مثال أو فكرة ... أو غير ذلك، مما يختلف حوله الناس. فالاتجاه لا يكون إزاء الحقاق الثابتة المقررة، وإنما هو دائماً اتجاه الموضوعات التي يمكن أن تكون مثار للجدل، فالحقائق ثابتة لا يختلف حولها الناس، ولا يمكن أن تكون موضوعاً للاتجاه مثلاً نقول:"الأرض كروية الشكل، أو أن الشمس تشرق من الشرق". أما (نيوكومب) فيرى أن الاتجاه حالة من الاستعداد تثير دوافع الفرد نحو شىء ما، أو عبارة عن استعداد العقل للإدراك والتفكير والشعور للاستجابة سواء كانت هذه الاستجابة سلوكاً عملياً أو مجرد حالة شعورية. وواضح من تلك التعريفات أن الاتجاه هو ميل مكتسب بالخبرة والتقليد، يتفاعل مع البيئة الاجتماعية والمادية للفرد.
ولا يمكن إحداث التقدم الإجتماعي والاقتصادي في أية مجموعة بشرية، إلا إذا توفرت الإمكانات المادية والروحية، والتمسك بالقيم السامية، وهذا ما يسمى بأخلاقيات المهنة. ولتحقيق ما سبق ذكره؛ على المعلم أن يتفاعل مع مجموعة من العوامل والمتغيرات التي تساعد في تكوين الاتجاهات السلوكية للطلاب، والتي يستمد من قيمهم الذاتية، فالإتجاه هنا هو سلوك مكتسب يكتسبه الفرد من خلال تفاعله مع مجموعة من المتغيرات الطبيعية التي تلازمه طيلة فترات حياته، والتي يكون لها دور كبير في التعبير عن قيمه ومعتقداته؛ ففي البيئة الأسرية تتكون الإتجاهات الأسرية للطلاب حسب قيم وأخلاقيات الوالدين والأخوة الكبار، لذلك نجد إن تأثير السلوك الأخلاقي المفروض من سلطة الوالدين يخلق إتجاهاً سلوكياً فردياً. كما يتكون السلوك الطوعي للطالب من خلال اتصالاته وعلاقاته مع أبناء فئته العمرية حيث يستمد من هذه الجماعات إتجاهات سلوكية ذات قيمة إيجابية أو سلبية بحسب نوع المصالح المشتركة التي تجمع بين أعضاء الفريق الواحد، والتي يحددها في الغالب ذلك الشخص الذي يمثل مصالحهم.
لذلك يرى ألبورت أن الاتجاه باعتباره حالة عقلية وعصبية ثابتة ثبوتاً نسبياً، ويتصف بالديمومة النسبية، فالطفل في مراحل بلوغه قد يحمل اتجاهاً ايجابياً نحو القيم الدينية، وقد يتغير سلوكه من موقف إلى آخر حسب الحالة الانفعالية المتغيرة. وبطبيعة الحال لا يمنع من كون الاتجاه ديناميكياً متغيراً في طبيعته، ولكن هذا التغير يحدث على المدى الطويل نتيجة لما يقع على الطفل من مؤثرات داخلية وخارجية نتيجة لتفاعله مع البيئة والاجتماعية والثقافية التي يعيش فيها. ومن هنا نستطيع أن نلمس صفة الثبات في الاتجاه إذا ما قورن بحالة الانفعال الذي هو حالة نفسية طارئة. وبما أن الاتجاه ليس سلوكاً في حد ذاته، ولكنه حالة يدفع نحو السلوك في بعض الأحيان، لأن السلوك الظاهري للطفل قد لا يؤكد اتحاه الطفل الحقيقي، فهنالك العوامل الاجتماعية قد تجعل الطفل يحجم عن التعبير الصريح عن اتجاهه الحقيقي ازاء الموضوعات الشائكة. وهنا يرى بعض علماء النفس أن السلوك دوافع لا شعورية خفية لا يدل دلالة قاطعة على قدرة الطفل في التمييز بين الاتجاه والعاطفة، فعاطفة حب الام نحو أبنائها تختلف عن اتجاه الأم نحو عملها مثلاً. فالاتجاه أكثر عمومية وشمولاً، لأنه يشمل على عدة جوانب عقلية ومعرفية وإدراكية، بينما العاطفة تقتصر على الجانب الوجداني والانفعالي. لهذا ينبغي الا نخلط بين الاتجاه والتعصب، فالتعصب حالة سلبية لا تقوم على أساس منطقي، بل هو شحنة انفعالية زائدة تجعل تفكير الفرد بعيداً عن الموضوعية والمنطق السليم. فتعصب الطفل نحو مجتمعه يجعله يشعر بالحب نحوها، والبغض تجاه كل ما عداها. وبالتالي يؤدي التعصب الى عزل المجتمعات، وكثيراً ما يخلط الناس بين الاتجاه والرأي، فاتجاه الطفل يعني استعداده العقلي للاستجابة أو الميل العام نحو الاقتراب أو الابتعاد عن موضوع ما. أما الرأي فإنها تشير إلى ما يعتقده الطفل أنه الصواب، وعلى ذلك فالاتجاهات أكثر عمومية من الآراء التي هي وسيلة التعبير اللفظي الذي يمكن الطفل من تحقيق رغباته مثل: حب العلم والعمل والتفكير العلمي والعودة للقيم الدينية التي تضفي على حياة الفرد اليومية معناً ودلالة، خاصة حين يتفق سلوكه مع اتجاهاته أو حبن يشبع دوافعه حاجاته النفسية والاجتماعية.
فالاتجاه بهذا المعنى يتخذ طابعاً شمولياً من خلال وجود علاقة بين الفرد وحاجاته سواء كانت ذاتية مرتبطة بالآخرين أو بالمؤسسات في أشكالها الرمزية المختلفة، لأن تلك الاستعدادات الخاصة بالفرد يحددها جانب شعوري يقوم الفرد بتحصيله من خلال علاقاته المختلفة، وأيضاً من خلال الخبرة المكتسبة بالتقليد والمحاكاة، وبالتفاعل مع البيئة الاجتماعية، بما تتضمنه من مؤسسات تربوية مختلفة كالأسرة والنادي والحزب(الأشول،1999م:45). فالتكوين اللاشعوري لهذه الاستعداد


الاتجاه- النفس- المعلم- الطبائع- القيم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع