مدونة سعد لقليب / محمد


مفهوم قانون العمل في التشريع الجزائري

الدكتور : سعد لقليب / محمد | dr. saad louglaib / mohamed


03/08/2020 القراءات: 15703  


أولا: التعريف بقانون العمل:
اختلف الفقه في التعريف بقانون العمل، و مرد هذا الاختلاف هو حداثة القانون، و اختلاف الآراء حول نطاق تطبيقه، و أول ما يظهر من هذا الاختلاف هو التباين في الاصطلاح، حيث عرف عددا من التسميات نوجزها في ما يلي:
1- القانون الصناعي:
و هو الاصطلاح الأول من حيث الظهور، حيث اقترن بالثورة الصناعية بأوروبا، غير أنه يفهم من هذا الاصطلاح أن المقصود بمجموع النصوص القانونية التي تنظم العلاقات القانونية بين التابع والمتبوع هي تلك التي يتحدد نطاقها في عمال الصناعة وحدهم، وبالتالي يخضعون وحدهم لقانون العمل، وعليه يكون هذا الاصطلاح قاصرا على الإلمام بكل فئات العمال، حيث يستثني فئة المأجورين الذين يؤدون عملا مأجورا في قطاع التجارة و الخدمات.
2- القانون الاجتماعي:
ترتكز هذه التسمية إلى إعتبار مجمل النصوص المنظمة لعلاقات العمل تهدف في الأساس إلى دعم الأمن الاجتماعي، غير أنه ما يعاب على هذه التسمية أن القانون الذي ينظم علاقات العمل ليس وحده الذي يضمن الأمن الاجتماعي، و إن كان جوهريا لتحقيق هذه الغاية، بل أن ضمان الأمن الاجتماعي تكفله مجمل القوانين متكاملة فيما بينها، حيث أن الهدف النهائي لوجود أي قانون هو تحقيق هدف السلم الاجتماعي.
3- قانون العمل:
يمكن لهذا الاصطلاح أن يشكل بديلا للاصطلاحات السابقة، من حيث كونه أكثر قدرة على التعبير عن النصوص التي تنظم العلاقات الناشئة عن العقود التي يتم بمقتضاها تبادل الجهد و الأجر فيما بين أطرافها.
4- تعريف قانون العمل:
وردت عديد التعاريف بصدد قانون العمل، إلا أن الاتجاه الغالب في الفقه يعرفه بأنه مجموعة القواعد القانونية و التنظيمية و الاتفاقية التي تنظم العلاقات القائمة بين كل من العمال و المؤسسات المستخدمة، وما يترتب عنها من حقوق والتزامات ومراكز قانونية للطرفين، وعلى هذا الأساس فإن قانون العمل يتشكل كالآتي:
4-- 1 من حيث النصوص:
لا يكتفي قانون العمل فقط بالتشريعات، وإنما يتعداها إلى الاتفاقيات الجماعية والأنظمة الداخلية .
4-2- من حيث مجال التطبيق:
ينصرف تطبيق قانون العمل الحديث إلى جميع الفئات العمالية، وفي مختلف المجالات: الصناعة، التجارة، والخدمات، فيما عدا الفئات المستثناة صراحة من الخضوع لقانون العمل لاسيما الموظفين، القضاة، وكذا المنتسبين لقطاع الدفاع الوطني.
5- من حيث الجوانب التي ينظمها:
لا يقتصر قانون العمل على تنظيم الحياة المهنية للعمال، أثناء سريان علاقة العمل، وإنما يتعداها إلى كل الجوانب التي لها علاقة بالعمل، حتى أثناء انقطاعه أو توقفه، مثل وضعية التقاعد والمرض.
ثانيا: خصائص و مميزات قانون العمل.
شكلت قواعد قانون العمل فيما بينها مجموعة ذات استقلالية جعلتها متميزة عن غيرها من القواعد، وتتلخص هذه الخصائص فيما يلي:
1- الصيغة الآمرة:
أخذ العمل بسلطان الإرادة في التراجع ، و ذلك أمام نمو الاتجاهات الاجتماعية على حساب المذاهب الفردية، مما ضيق من مجال هذا المبدأ لصالح القانون، الذي بدأ يتدخل في مجال قانون العمل بقواعد آمرة، مما ترتب عنه ظهور نظام عام حمائي تدعم معه مركز العمال في علاقة العمل على حساب سيطرة أصحاب العمل التي كانت تستند إلى قانون العرض والطلب، وإلى مبدأ سلطان الإرادة، ويبرز هذا التدخل في التشريع الجزائري من خلال الكثير من الأحكام القانونية، مثل نص المادة 53 من قانون 90/14 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي: "لا يجوز للمستخدم أن يسلط على أي مندوب نقابي بسبب نشاطاته النقابية عقوبة العزل أو التحويل، أو أي عقوبة تأديبية كيفما كان نوعها".
ولا يكتفي المشرع بإقرار المسؤولية المدنية للمستخدم لإخلاله بأحكام قانون العمل، بل يتشدد في المسؤولية ليجعل منها مسؤولية جزائية في بعض الحالات، كما هو الشأن في حالة إبرام عقد عمل لمدة محدودة في غير الحالات المنصوص عليها قانونا وفقا لما ورد في المادة 146 مكرر من قانون 90/11 المتضمن علاقات العمل المعدل والمتمم: " يعاقب على كل مخالفة لأحكام هذا القانون المتعلقة باللجوء إلى عقد العمل ذي المدة المحدودة خارج الحالات والشروط المنصوص عليها صراحة في المادتين 12 و 12 مكرر من هذا القانون بغرامة مالية من 1000 دج إلى 2000 دج مطبقة حسب عدد المخالفات."
2- ذاتية المصدر.
يعتبر قانون العمل في شكله المعاصر محصلة لجهود طبقة العمال من أجل وضع قواعد هذا القانون، مما جعله متميزا عن غيره من فروع القانون من حيث مصادره، التي يعتمد فيها بالخصوص إضافة إلى النصوص القانونية، أحكاما ذات طابع اتفاقي، تتمثل على الخصوص في الاتفاقيات والاتفاقات الجماعية، التي تترتب عن الأخذ بمبدأ التفاوض بين أرباب العمل و العمال، والتي لا يكون القانون إزاءها إلا مجرد كاشف عن إرادة المخاطبين بأحكامه، عمالا أو مستخدمين.
3-الاتجاه نحو التدويل.
عملت الآراء الفقهية والبحوث العلمية على التقارب بين أحكام قانون العمل في مختلف الأنظمة القانونية في العالم، مما يجعل بالإمكان الحديث عن عولمة قانون العمل، أو القانون الدولي للعمل، ويبرر اتجاه هذا القانون للتدويل بوجود منظمات دولية متخصصة تعنى بمسائل قانون العمل، مثل المنظمة الدولية للعمل، ومنظمة العمل العربية، والتي تساهم في التقريب بين النصوص القانونية المتعلقة بالعمل بفضل الاتفاقيات الدولية، والتوصيات والأعمال الاستشارية التي تقدمها للدول.










قانون العمل ، القانون الاجتماعي ، القانون الصناعي ، ذاتية المصدر ، الصيغة الآمرة .


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع