مدونة الدكتور محمد ماهر محمد السيد عبيد


المرأة فى الشريعة الإسلامية

بروفيسور د . محمد ماهر محمد السيد عبيد | Prof Mohamed Maher Mohamed alsayed


16/02/2025 القراءات: 10  


المرأة في الإسلام

تعتبر المرأة في الإسلام ذات مكانة عالية، حيث منحها حقوقًا وواجبات تساهم في بناء المجتمع ورفعته. وقد جاء الإسلام ليُحسن وضع المرأة ويُعطيها حقوقًا لم تكن موجودة في الكثير من المجتمعات السابقة. قبل ظهور الإسلام، كانت المرأة في بعض المجتمعات تُعتبر ملكًا أو سلعة، ولكن الإسلام جاء ليُعدل هذه النظرة ويوضح حقوقها وواجباتها على قدم المساواة مع الرجل في العديد من الجوانب.

1. حقوق المرأة في الإسلام:

الحقوق الدينية: الإسلام منح المرأة حقها في العبادة مثل الرجل تمامًا. فالمرأة مكلفة بأداء العبادات مثل الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج إذا كانت قادرة. وهذا يشير إلى أن المرأة متساوية مع الرجل في أداء العبادات.

الحقوق الاجتماعية: منح الإسلام المرأة حقوقًا اجتماعية تجعلها شريكة فاعلة في المجتمع. ففي مجال التعليم، أمر الإسلام بتعليم النساء كما هو الحال مع الرجال، وقد ثبت ذلك في العديد من الأحاديث النبوية التي تحث على طلب العلم. كما سمح الإسلام للمرأة بالمشاركة في الحياة الاجتماعية، مثل حضور المجالس العلمية، والمشاركة في الأنشطة العامة.

الحقوق الاقتصادية: من أهم الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة هو حقها في المال والميراث. فقد جعل الإسلام للمرأة حقًا في الميراث، وأكد أن لها الحق في تملك المال وإدارته بشكل مستقل عن الرجل. كما كان للمرأة في الإسلام حق في العمل والكسب، بل وفي اختياراتها المالية بشكل مستقل، ولا يجوز لأحد أخذ مالها دون رضاها.

الحقوق الزوجية: منح الإسلام المرأة حقوقًا كبيرة في الحياة الزوجية. فقد أكد على ضرورة المعاملة الحسنة والرحمة بين الزوجين، حيث قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" (النساء: 19). كما أن لها حق الاختيار في الزواج، فلا يجوز للولي إكراهها على الزواج من دون موافقتها. كما أن لها حق طلب الطلاق في حالة حدوث ما يستدعي ذلك، عبر ما يعرف بـ "الخُلع".

الحقوق الصحية: الإسلام أكد على أهمية الصحة الجسدية والعقلية للمرأة. وقد وضع الإسلام أحكامًا تنظم صحة المرأة بشكل خاص، مثل مراعاة الحمل والولادة، وحمايتها أثناء فترة النفاس والرضاعة، وأوصى برعاية صحة الأم والطفل.


2. المرأة في دور الأم:

من أبرز أدوار المرأة في الإسلام هو دورها كأم. فقد منح الإسلام الأم مكانة عالية جدًا، حيث جعل بر الوالدين، وخاصة الأم، من أعظم الأعمال الصالحة. ولقد وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطاعتها والاعتناء بها، وقال: "أمك ثم أمك ثم أمك". وهذا يشير إلى عظمة دور المرأة في تربية الأجيال وبناء الأسرة.

3. المرأة في المجتمع والسياسة:

في بداية ظهور الإسلام، كان للمرأة دور كبير في الشؤون العامة. على سبيل المثال، كانت المرأة تُشترك في معركة أحد وغيرها من الغزوات. كما أن هناك العديد من الصحابيات اللواتي شاركن في الحياة السياسية والقيادية في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل أم سلمة التي كانت مستشارة للنبي في أمور السياسة.

4. حقوق المرأة في مجال الميراث:

في حين أن العديد من المجتمعات كانت تحرم المرأة من حق الميراث، إلا أن الإسلام فرض لها حقوقًا مالية محددة. فقد جعل لها نصيبًا من الميراث في جميع الحالات، سواء كانت ابنة، أو زوجة، أو أمًا، أو أختًا. كما أن حقوقها في الميراث تُحدد بوضوح في القرآن الكريم، وفقًا للآيات التي تذكر أحكام توزيع الإرث.

5. المرأة في مجال العمل:

في الإسلام، العمل ليس مقتصرًا على الرجال فقط، بل يمكن للمرأة أن تعمل وتساهم في المجتمع إذا كانت مؤهلة لذلك. فقد كان هناك العديد من النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم اللواتي عملن في مجالات التجارة والصناعة والطب، مثل خديجة بنت خويلد، التي كانت سيدة أعمال مشهورة. الإسلام لم يمنع المرأة من العمل، بل شجعها على تطوير نفسها في إطار يضمن كرامتها وعفتها.

6. حقوق المرأة في مجال التربية والتعليم:

أعطى الإسلام للمرأة حق التعليم مثل الرجل، وجعل طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة. لذلك، حث الإسلام على تعليم المرأة وتعليم البنات. في تاريخ الأمة الإسلامية، كانت هناك العديد من النساء اللواتي أضأن العلم في مجالات مختلفة، وكان لهن دور كبير في نقل المعرفة والعلوم.

7. دور المرأة في الحياة الروحية:

المرأة في الإسلام تتمتع بعلاقة قوية مع الله، من خلال العبادة والتقوى. فقد أكد الإسلام على أن التقوى هي المعيار الأول لكرامة المرأة، حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (الحجرات: 13). بمعنى أن المكانة الروحية للمرأة تكون بحسب تقواها وورعها، وليس بناءً على جنسها.

8. مواقف خاصة في تاريخ الإسلام:

كان للمرأة في التاريخ الإسلامي العديد من المواقف البارزة التي تظهر مدى حرص الإسلام على رعايتها. فمن النساء الشهيرات اللواتي ساهمن في نشر الدعوة الإسلامية في عصر النبوة، عائشة بنت أبي بكر التي كان لها دور بارز في نقل الأحاديث النبوية، وفاطمة الزهراء التي كانت رمزًا للفضيلة والعطاء.

الخاتمة:

في الإسلام، تمتعت المرأة بمكانة مرموقة تفوق تلك التي كانت لها في كثير من الثقافات والمجتمعات الأخرى قبل ظهور الإسلام. وقد عَرفت المرأة في الإسلام حقوقها الكاملة في مختلف جوانب الحياة، بدءًا من العبادة والحقوق الاجتماعية، وصولًا إلى العمل والميراث. الإسلام لا يميز بين الرجل والمرأة من حيث الكرامة الإنسانية، بل يُعلي من قيمة العمل الصالح والتقوى كأعلى مراتب التفاضل بين الناس.


المرأة - الشريعة الإسلامية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع