الدكتور: سفيان خلوفي


هل حقًا تبدأ السنة الجديدة بلا أعباء؟ تأملات في "الغفران" بين الأديان والثقافات

سفيان خلوفي | soufyane kheloufi


02/01/2025 القراءات: 13  


مع دقات الساعة معلنةً بداية عام جديد، يسيطر على أجوائنا شعور بالتجدد والبدايات الجديدة. نكتب قوائم الأهداف، ونتمنى لبعضنا عامًا مليئًا بالسعادة، وربما حتى نغفر لأنفسنا وللآخرين. لكن السؤال الأعمق هنا: هل يمكن للغفران أن يكون بداية حقيقية لعام جديد؟ أم أن أعباء الماضي تظل تسكننا بصمت، رغم كل مظاهر الفرح؟

الغفران: قيمة إنسانية أم تحدٍّ مستحيل؟

في كل ثقافة ودين، يُعتبر الغفران قيمة سامية تعكس التسامح والقدرة على تجاوز الجراح. من النصوص المسيحية التي تدعو إلى "محبة الأعداء"، إلى التعاليم الإسلامية التي تحث على "العفو عند المقدرة"، وحتى الفلسفات الشرقية التي تركز على التحرر من الكراهية، نجد فكرة الغفران متأصلة في وجدان البشرية. لكن كيف يمكن تحقيق هذه الفضيلة في عالم مليء بالظلم والجراح التي لا تندمل بسهولة؟

عبء الغفران في ثقافات مختلفة

ما يجعل الغفران موضوعًا حساسًا هو تباين فهمه بين الثقافات. ففي بعض المجتمعات، يُعتبر الغفران ضعفًا أو استسلامًا، بينما يُنظر إليه في أخرى كشرط أساسي لتحقيق السلام الداخلي. وبينما يرى البعض أن الغفران هو السبيل الوحيد للتقدم، يرى آخرون أنه قد يكون جرحًا جديدًا إذا لم يترافق مع العدالة.

ديناميكيات الغفران داخل العائلات والمجتمعات

مع بداية العام الجديد، تُثار قضايا الغفران داخل البيوت. هل نسامح أفراد العائلة الذين خذلونا؟ هل نتصالح مع الأصدقاء الذين تسببوا لنا بالألم؟ هذه الأسئلة لا تحمل إجابة سهلة، خاصة عندما يتعلق الأمر بجرائم أو خيانات تركت أثرًا عميقًا.

هل الغفران خيار أم ضرورة؟

في ضوء كل هذه التحديات، تبرز مسألة مهمة: هل الغفران حقًا خيار متاح للجميع؟ أم أنه ضرورة نفسية نتبناها للنجاة من عبء الكراهية؟ الأبحاث النفسية تشير إلى أن الغفران يمكن أن يكون مفتاحًا للشفاء العاطفي، لكنه في الوقت نفسه قد يتطلب جهدًا كبيرًا ووقتًا طويلًا.

هل يمكن للسنة الجديدة أن تبدأ بصفحة بيضاء؟

بينما نرحب بالعام الجديد، ربما يكون الغفران أحد أعظم الهدايا التي يمكننا منحها لأنفسنا ولمن حولنا. لكن علينا أن نكون واقعيين: الغفران ليس نسيانًا، وليس دائمًا نهاية سعيدة. قد يكون أحيانًا بداية جديدة مليئة بالتحديات. ومع ذلك، فإنه خطوة نحو التحرر من قيود الماضي، مما يمنحنا فرصة حقيقية لنعيش العام الجديد بأقل قدر ممكن من الأعباء.

لذا، في هذا العام الجديد، هل ستكون لديك الشجاعة لتواجه سؤال الغفران؟


سنة، جديدة، أعباء، تأملات، غفران، أديان، ثقافات.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع