مدونة سعد لقليب / محمد


خصائص الحق المعنوي للمؤلف .

الدكتور : سعد لقليب / محمد | dr. saad louglaib / mohamed


01/07/2020 القراءات: 9163  


أكدت القوانين المقارنة و الاتفاقيات الدولية الخاصة بحق المؤلف و كذلك رأي غالبية الفقه إن الحق المعنوي للمؤلف من الحقوق المرتبطة بالشخصية ، بمعنى آخر انه من حقوق الشخصية أي الحقوق الملازمة لصفة الإنسان و ذلك باعتبار أن تفكير الإنسان و ابتكاره يكونان جزء من شخصيته و لا ينفصلان عنه.( )
وعليه يجب أن نتطرق لخصائص الحق المعنوي للمؤلف وهي .( )
1/- عدم قابلية الحق المعنوي للتصرف فيه :
استقر رأي الفقه على أن الحق المعنوي للمؤلف حق غير قابل للتصرف فيه باعتبار أن هذا الحق يكون جزء من عقل الإنسان و شخصيته فمن باع مصنفا له بيعا نهائيا يكون بمثابة من باع جزء من شخصيته و لذلك فان التنازل عن الحق الأدبي للمؤلف غير جائز لان التصرف الكلي-وليس الجزئي- بالإنتاج الفكري يتضمن اعتداء خطير على شخصية المؤلف.( ) و هذا ما أشارت إليه الاتفاقيات الدولية حيث جعلت الحق المعنوي غير قابل للتصرف فيه و للمؤلف بأن يطالب باحترام مصنفه ، كما نصت على حق أبوة المصنف و جعلته غير قابل للتصرف فيه ، واعترفت للمؤلف بالحق في معارضة كل تشويه أو تحريف قد يدخل على المصنف و لكن على الرغم من اختلاف الاتجاهات بين مؤيد و معارض لعدم قابلية الحق التصرف فيه و قابليته لذلك نستخلص أن الرأي الراجح هو عدم قابليته للتصرف فيه شأنه شأن الحقوق اللصيقة بالشخصية و هذا ما جاء في م 21/2 من أمر 03-05 المتعلق ب حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة.( )
2 /- عدم قابلية الحق المعنوي للحجز عليه :
إن مثل هذه الميزة ألا وهي عدم قابلية الحق المعنوي للحجز عليه ، اقتضتها طبيعة هذا الحق و كونه مرتبطا بشخصية المؤلف و حقوق الشخصية عموما ليس لها قيمة مالية حتى يمكن للدائنين الحجز عليها لاستيفاء ديونهم كما أن السماح بالحجز على الحق المعنوي للمؤلف فيه اعتداء خطير على شخصيته و مساس بالحقوق المرتبطة بها و أنه يجب التوفيق بين مصلحة الدائنين و احترام شخصية المؤلف.( )
والقواعد العامة تعتبر ان الحجز على الحق الشخصي يقع باطلا ، فإذا أجبرنا المؤلف على نشر مصنفه حتى نحجز عليه ونستغله ماديا فلا يصبح هدف النشر ثقافي ولكن الاستغلال المادي ، من اجل ذلك منعت غالبية القوانين الحجز على الحق المعنوي للمؤلف ( ).
3/-عدم قابلية الحق المعنوي للمؤلف للتقادم
يعتبر الفقيه (كانط) أول من اعترف بهذه الخاصية للحق المعنوي ، حيث خول للورثة بل أفراد المجتمع الحق في الدفاع عن المصنف بعد وفاة المؤلف ، والوقوف في وجه الناشر إذا حاول تشويه المصنف أو تحريفه أيا كانت المدة التي مضت على خلق المصنف.
وقد لقي هذا المبدأ تأييد الفقه و القضاء بعد ذلك ، فحقوق الشخصية تمنع من التقادم بصفة عامة سواء في التقادم المكسب أو التقادم المسقط .( )
فهو حق دائم و أبدي أي يبقى طول حياته كما يظل قائما بعد مماته ، عكس ما هو الحال بالنسبة لحق الاستغلال المالي الذي قيد بمدة محددة هي حياة المؤلف و عدد من السنوات بعد وفاته حددتها القوانين الوطنية لحق المؤلف و الاتفاقيات الدولية الخاصة بحق المؤلف ، بل يبقي هذا الحق المعنوي باقيا حتى بعد انقضاء المدة المحددة للحق المالي للمؤلف، ولا ينتهي إلا عندما يطرح المصنف نهائيا في طي النسيان و يتول مباشرة الحق المعنوي للمؤلف بعد وفاته ورثته و خلافائهم ( ) .
و تعترف غالبية قوانين حق المؤلف بهذا المبدأ و تنص صراحة على أن الحق المعنوي للمؤلف حق أبدي لا ينتهي ولا يسقط بالتقادم و يبقي بعد وفاة المؤلف ، و من بين هذه القوانين نجد الأمر 03-05 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة لاسيما المادة 21/2 .
4/-عدم قابلية انتقال الحق المعنوي إلى الورثة :
لقد أثار الاعتراف بهذه الخاصية للحق المعنوي للمؤلف الجدل حول المقصود بعدم قابلية انتقال الحق الأدبي إلى ورثة المؤلف ، و هل هذا يعني أن يكون المنع شاملا لجميع الامتيازات التي يرتبها الحق المعنوي للمؤلف؟ أم أن المنع يقتصر على بعض الامتيازات دون البعض الأخر ؟
ويرجع السبب في إثارة الجدل السابق إلى صعوبة التوفيق بين كون الحق المعنوي للمؤلف من الحقوق المرتبطة بالشخصية - و هي حقوق لا تقبل الانتقال بالميراث بسبب اختفاء الشخصية التي ترتبط بها – و بين الواقع العملي للحق المعنوي للمؤلف بعد وفاته و ما يتطلبه هذا الواقع من ضرورة الحفاظ على سمعة المؤلف الأدبية حيث يترك مصنفاته التي تتمثل فيها شخصيته و أفكاره و أرائه و هي بحاجة إلى من يحافظ عليها و يدافع عنها الأمر الذي أدى إلى اعتراف بعض القوانين ببقاء الحقوق الأدبية للمؤلف بعد وفاته و انتقالها إلى ورثته حتى بعد انقضاء مدة حماية الحقوق المالية و البعض الأخر نصت على أن الحق المعنوي للمؤلف غير قابل للانتقال للورثة إلا أنه بعد وفاة المؤلف يمكن للورثة ممارسة الحق المعنوي للمؤلف و في حالة عدم قدرتهم على ممارسة هذا الحق فإنه يمكن لسلطات الدولة أو المنضمات و الهيئات حماية حق المؤلف .
و عليه نستخلص أن هذه الخاصية غير مطلقة و إنما نسبية لأنه يمكن انتقال بعض الامتيازات المترتبة عن الحق المعنوي للمؤلف و في المقابل من غير الممكن تصور انتقال بعضها الأخر . ( )


حق المؤلف ، الحجز ، الورثة . الانتقال


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع