مدونة أ د محمد مصطفى أحمد شعيب


رمضان شهر الجود والكرم والإحسان

فضيلة الدكتور محمد مصطفى أحمد شعيب | Dr. Mohammed Mostafa Ahmed Shoaib


24/03/2025 القراءات: 21  


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن الشرع الكريم يحث المؤمنين ويربيهم على الجود والكرم والبذل والعطاء والإنفاق في سبيل الله تعالى، قال سبحانه وتعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
وقال جل وعلا: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (270) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}.
وقال سبحانه: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
وشهر رمضان شهر الجود والكرم والإحسان والبذل والعطاء، ومن الحكم والفوائد التي يجنيها الصائم من صيامه: إحساسه بالجوعى والظمأى والفقراء والمحتاجين، أن يجرب ألم الجوع، وضعف البدن الذي ينتج عن قلة الطعام والشراب، فيرحم الضعفاء والمساكين، ويلين قلبه تجاههم، فيتصدق عليهم، ويطعمهم، ويكسوهم، رجاء أن يرحمه الله جل وعلا، فالجزاء من جنس العمل، والراحمون يرحمهم الرحمن.
في الصحيحين عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ).
وفي مسند أحمد والترمذي وغيرهما عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من فطر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا). قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».
فالصوم يهذب النفس ويدعوها للجود والبذل والإحسان والصدقات، ولعل شرعية زكاة الفطر في ختام رمضان تشير لذلك أيضًا: ففي صحيح مسلم عن ابن عمر، قال: (فرض النبي صلى الله عليه وسلم صدقة رمضان على الحر والعبد، والذكر والأنثى صاعا من تمر، أو صاعا من شعير).
وبعض المسلمين يجعل رمضان وقتًا لزكاة ماله، وهذا حسن، فإنه يجمع بين عبادتين، عبادة الزكاة وعبادة الصوم.
وكفالة الأيتام رغب الشرع فيها أيما ترغيب، لاسيما في رمضان حيث شرف الزمان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين)، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ)، ومعنى(فلوه): المهر إذا فطم، و(مثل الجبل) كما لو كان تصدق بمقدار الجبل.
وفي المسند وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ).


الكرم، الجود، الإحسان، الإنفاق، تفطير الصائمين، الزكاة، الصدقة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع