مدونة ا.د / عبد السلام خالد


استراتيجيات التحصين النفسي لشعوبنا من خطر فيروس الأيادي الأجنبية؟

أ.د عبد السلام خالد | Pr: Abdeslam Khaled


05/05/2021 القراءات: 2771  


أعتقد انه بدل اتهام شعوبنا كلما انتفضت ضد الظلم والاستبداد والفقر والجهل بأنها خائنة وتحركها أيادي اجنبية الأجدر بل من الحكمة في التسيير الانصات إلى صوتها ومطالبها والتفكير في كيفية توفير لها ما يجعلها تشعر بالرضى والاطمئنان والعيش الآمن في بلدها لتعزيز شعورها بالانتماء للوطن. مع العمل على تحصينها من كل الأخطار من اجل تعزيز وتقوية جهاز مناعتها ضد كل الفيروسات المهددة لتماسكها الاجتماعي. فشعوبنا تحتاج إلى من يشجعها على العلم والعمل وتعزيز ثقتها بنفسها، لتجاوز هاجس الخوف والتردد والاحباط التي تضعف عزيمتها إذا أردنا الانطلاق نحو غد جديد. فالتهرب من مواجهة الحقائق والواقع كما هو يزيد المشكلات تعقيدا ويزيد في اضعاف الثقة بين الحاكم والمحكوم والتي قد تستغل من قبل شياطين الانس والجن في تغذية الاحتقان والعنف. لقد أظهر الحراك الشعبي الجزائري منذ 22 فبراير خصائص مهمة خلال مسيرته النضالية والتي تحتاج البناء عليها واستثمارها في تحصين وتقوية الجبهة الداخلية وإعطاء دفع جديد لديناميكية الحياة السياسية والثقافية والعلمية لبناء دولة قوية ورائدة. ومن هذه الخصائص المهمة التي تحتاجها أي سلطة سياسية لاسترجاع ثقة الشعب في مؤسساته نذكر القيم الآتية: السلمية، الحضارية، حب الوطن، الحرص على الوحدة الترابية والشعبية، قبول التعدد والتنوع الثقافي واللغوي والايديولوجي، الحفاظ على الممتلكات العمومية والخاصة، رفض التطرف والتعصب ... وغيرها. وعلى هذا الأساس أصبح من الضروري المساهمة في بلورة استراتيجيات يمكن اعتمادها في تحصين شعوبنا نفسيا من كل أشكال التعصب ومن كل الاختراقات الآجنبية التي قد تستغلها ضد مصالح دولنا. علما أن هذه الاستراتيجيات التي سنقترحها قد اقتبسناها من مقالات سابقة لنا نشرناها في مجلات وطنية ودولية لا سيما مقال: التحديات الثقافية للعولمة وانعكاساتها على هوية الشباب المسلم الذي نشر في مجلة دراسات وأبحاث الدولية التابعة لجامعة زيان عاشور بالجلفة المجلد رقم 9 العدد رقم29 ديسمبر 2018، ومقال أخر في المجلة العربية للعلوم النفسانية سنة 2011 موسوم: أخطار الحرب النفسية على الدول العربية سنة 2011. كما ان هذه الاستراتيجيات تقتضي عملا متكاملا بين مختلف المؤسسات التربوية والاجتماعية، والإدارية والسياسية، ابتداء من الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد ووسائل الإعلام، والمؤسسات الثقافية عبر أساليبها الفنية والأدبية، وكذا مؤسسات المجتمع المدني من خلال خياراتها وقراراتها في اتجاه هذه المهمة لبناء دولة قوية بشرعية شعبية وعدالة مستقلة دون أي وصاية اجنبية. وعليه فأن الاستراتيجيات المناسبة هي: 1 ـ إستراتيجية التحصين النفسي(تقوية جهاز المناعة النفسية): عبر أنشطة أعمال تربوية وبيداغوجية دائمة ومستمرة تعمل على: ـ تعزيز روح الثقة في النفس – الاعتزاز بالذات ـ تنمية روح التحدي والنٌدية في التعامل مع الآخر. ـ تنمية روح المسئولية. ـ تنمية وتعزيز روح المحبة وحب الخير للآخر. ـ تحصينهم من الامعية (Beni oui oui) التي تجعلهم ينساقون وينقادون وراء كل الدعوات والنعرات المتعصبة بسهولة. عن طريق: ـ محاربة كل اشكال التمييز بين أبناء الآحياء والمدن وجميع البشر في كل المواقف مهما كانت اختلافاتهم العرقية او الدينية والمذهبية، السياسية، اللغوية والثقافية، الأيديولوجية وغيرها. ـ تشجيع الشباب على الأعمال التطوعية التعاونية التضامنية ذات العلاقة بالمصلحة العامة لغرس ثقافة الخدمة العمومية. وتنمية الذكاء العاطفي. 2 ـ إستراتيجيات التحصين الفكري، العقائدي(تقوية جهاز المناعة العقلية): عن طريق: ـ تقوية مفاهيم عقيدة المجتمع ومبادئه النبيلة وتصوراته المنطقية المبنية على التفكير العلمي في شؤون الكون والنفس والاجتماع والسياسة والحياة عامة. ـ محاربة الخرافات والاعتقادات البالية المثبطة للعزائم والمستسلمة للأوهام والخرافات. ـ محاربة كل أشكال التطرف والتعصب والاحتكار لفهم الدين ومختلف جوانب الحياة. مصداقا لقوله تعالى:"ولو شاء الله لآمن من في الأرض كلهم جميعا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"(يونس 99). ـ تدريب الشباب على التفكير بطرق منهجية ومنطقية وعقلانية. ـ تربيتهم على الاستقلالية والتميز في التفكير ، مع احترام أفكار وقناعات الآخرين. ـ تنمية التفكير النقدي، الابتكاري والإبداعي لتمكين شبابنا من القدرة على المناقشة والنقد والغربلة لكل ما يقدم لهم لتأمينهم من كل محاولات التجنيد والتحريض المشبوهة ضد مصالح بلدانهم من قبل جماعات متعصبة أو منحرفة. ـ تعزيز ثقافة الحوار بالأفكار والحجج، لتنمية التفكير الموضوعي وتعليمهم فن التعايش مع الآخر مصداقا لقوله تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ". ـ تدعيمهم وتشجيعهم على مبدأ المشاركة الجماعية في جميع مؤسسات المجتمع. ـ تعزيز فرص التعبير الحر مع تجنب القمع الفكري. 3ــ إستراتيجيات التحصين الاجتماعي(المناعة الاجتماعية): بتعزيز روح الانتماء للأسرة، المجتمع، الوطن والأمة. دعم الحريات والتنوع بين مكونات الجتمع. 4 ـ إستراتيجيات التحصين الإعلامي والثقافي (تقوية جهاز المناعة الثقافية والاعلامية): عن طريق: أ ـ تعزيز وتدعيم قيم الحوار، حرية التعبير،دعم التعددية الثقافية واللغوية بما يتماشى والحقائق السوسيولوجية لمجتمعاتنا. 2 ـ استراتيجية التحصين السياسي والاقتصادي عن طريق تأسيس تقاليد التداول السلمي على السلطة وفق الارادة الشعبية، ترقية حقوق وكرامة الانسان، ضمان العدل والمساواة مع عدالة مستقلة تمنع الظلم والاستبداد. ونستخلص من كل ما سبق الحاصنة النفسية تتم وفق المعادلة الآتية: المناعة النفسية+ الفكرية + السياسية + الاعلامية+ الثقافية +الاقتصادية.


استراتيجيات ـ التحصين النفسي ـ خطر ـ فيروس ـ الآيادي الاجنبية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع