مدونة هنادي مصطفى عبد الراضي احمد


اقتصاديات السلوك الاستهلاكي الترفي

هنادي مصطفى عبد الراضي احمد | Hanady Mostafa Abdelradi Ahmed


17/12/2020 القراءات: 3469  


يعد السلوك الاستهلاكي الترفي ظاهرة من ظواهر المستهلك بحيث يتم الانفاق على سلع كمالية وفي مناسبات غير ضرورية يتخللها الاسراف بقصد التباهي وحب الظهور وأصبح هذا السلوك عبئا كبيرا وداء عضال على المجتمع، ومصدرا لتشكيل الضغط على الطبقات المختلفة. اذ بدأ بالانتقال الى ذوي الدخل المحدود، غير مدركين لحجم مخاطره. فالإدمان على شراءه واستهلاكه لا يقل خطرا ودمارا نفسيا عن خطر الإدمان على الكحول، قد يكون ردة فعل للكآبة والتوتر النفسي وحلات من القلق عند عدم اشباع الفرد لرغباته الشرائية. فيجد المرء المتنفس الوحيد له في الإغراق بالشراء والاستهلاك المترف.
حيث ان المستهلكين المترفين يستهلكون السلع والخدمات، ليس فقط من أجل الحاجة اليها، لكن أيضا للإعلان عن مكانتهم الاجتماعية والتباهي والتفاخر بذلك. فقد أصبح امتلاك السلعة يعني الحصول على مكانة متميزة بين أعضاء الجماعة. ومن المؤسف ان جزءا من العالم اليوم يسير في الطريق عينه من استهلاك وترف، بل انه تجاوز نمط المعيشة المعتاد في بعض الجوانب، مثل ما يتم استهلاكه من قبل النساء من شراء وامتلاك المكملات الغير ضرورية من حلي وملابس.
تعد الملابس من الحاجات الأساسية للفرد كالحاجة الى الغذاء والمسكن، حيث ظهرت الحاجة الى ستر الجسد منذ بداية الخليقة حيث ذكر في القرآن الكريم في أكثر من موضع منها قوله تعالى (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً. {الانسان: 21 و قوله تعالى }يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ.{ الأعراف:26 كذلك ورد ذكر الملبس في الحديث الشريف ومنها: كَانَ رَسُول اللَّه إِذَا اِسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ : عِمَامَةً ، أَوْ قَمِيصًا ، أَوْ رِدَاءً ، ثُمَّ يَقُول : " اللَّهُمَّ لَك الْحَمْد أَنْتَ كَسَوْتنِيهِ ، أَسْأَلك خَيْرَهُ وَخَيْر مَا صُنِعَ لَهُ ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّه وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ) أحمد والترمذي وغيره).
كان الانسان الأول قد ارتدى الملابس لحماية بدنه من قهر الطبيعة وقسوتها فان الانسان في العصور التي تلتها بات يجمل مظهره ويقدم نفسه للناس حتى يتعرفوا عليه بأفضل صورة. اذ ارتدى الانسان عبر التاريخ الملابس لأغراض الزينة أكثر منه لستر جسده ولكن عموما ظلت الأزياء والملابس غنية بالدلالات على المرتبة الاجتماعية والنفوذ فضلا عن وظائفها ومهامها عبر حقب التاريخ المتتالية.
ولعل من بين اهم التحديات التي تهدد الامن المجتمعي هو طغيان الأنماط البذخية والترفيه في جوانب الحياة ومنها مظاهر تكديس الملابس والشراء المفرط دون الانتفاع منها، وتتضح هذه الحالة عند النساء نتيجة لتفاعل مجموعة من العوامل والأسباب.وأصبح الاستهلاك المظهري للمرأة هو السمة البارزة في مجتمعها، مما دفعها للبحث عن التميز عن الاخرين من خلال اقتناء السلع النفيسة والملابس الفاخرة اعتقادا منها بمساعدتها على تحسين ورفع منزلتها الاجتماعية في مجتمعها المحلي والعام
فتؤثر الموضة على الحياة النفسية والاجتماعية للفرد، فهي وسيلة معايشة واتصال، وأسلوب مشاركة وتعويض، وهي علامة اجتماعية مهمة تدل على المركز أو المكانة الرمزية، وباتباع الموضة فقد يتماثل الفرد ويندمج بها ويحصل على مركز جديد أكثر فائدة له. اذ أصبحت تمثل أحد أبرز اهتمامات المرأة سواء في اقتنائها لكل جديد منها أو في بحث طرق الاستثمار فيها، وخاصة ملابس السهرة والمناسبات ومكملاتها حيث انتشر بين النساء عن طريق وسائل الاعلام " ثقافة المرأة" التي تتميز بما ترتديه من ملابس واكسسوارات، حيث أصبح الامر يشكل هوسا بالنسبة لها.


الملابس - القوة الشرائية - الاستهلاك


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع