مدونة عبدالحكيم الأنيس


نثار من فوائد وخواطر وأفكار (2)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


08/02/2025 القراءات: 99  


5- مختارات للمتنبي:
شرُّ البلاد مكان لا صديق به ... وشر ما يكسب الإنسان ما يصمُ
+++
ولو زلتم ثم لم أبككمْ ... بكيت على حبيَ الزائلِ
+++
الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أولٌ وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفسٍ حرة ... بلغتْ من العلياء كلَّ مكانِ
+++
وما صبابة مشتاقٍ على أملِ ... من اللقاء كمشتاقٍ بلا أملِ
+++
ومثلك من كان الوسيط فؤاده ... فكلَّمه عني ولم أتكلمِ
+++
بم التعلل لا أهلٌ ولا وطنُ ... ولا نديم ولا كأس ولا سكنُ
+++
ومرادُ النفوس أصغر من أنْ ... تتعادى فيه وأن تتفانى
غير أنَّ الفتى يلاقي المنايا ... كالحاتٍ ولا يلاقي الهوانا
+++
إذا اشتبهت دموعٌ في خدودٍ ... تبين مَنْ بكى ممن تباكى
+++
أتراها لكثرة العشاقِ ... تحسبُ الدمعَ خلقةً في المآقي؟
+++
على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وتعظم في عين الصغير صغارها ... وتصغر في عين العظيم العظائِمُ
+++
ولا فضل فيها للشجاعة والندى ... وصبر الفتى لولا لقاء شعوب
+++
ومن يجعل الضرغام للصيد بازه ... تصيده الضرغام فيما تصيدا
انظر الديوان ضمن "العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب" للعلامة ناصيف اليازجي وهو شرح جليل مفيد. 345. 276. 439. 349. 497. 508. 511. 623. 242. 401.332. 387.
***
6-جواب أبي بكر ابن داود:
قال الإمام أبو إسحاق الشيرازي في كتابه "طبقات الفقهاء" (ص: 175-176): "سمعتُ شيخنا القاضي أبا الطيب الطبري قال: سمعت أبا العباس الخضري قال: كنت جالسًا عند أبي بكر ابن داود فجاءته امرأة فقالت له: ما تقول في رجل له زوجة لا هو ممسكها ولا هو مطلقها؟
قال أبو بكر: اختلف في ذلك أهلُ العلم، فقال قائلون: تؤمر بالصبر والاحتساب، ويبعث على التطلب والاكتساب.
وقال قائلون: يؤمر بالإنفاق، وإلا يحمل على الطلاق.
فلم تفهم المرأة قوله، فأعادت مسألتها وقالت له: رجل له زوجة لا هو ممسكها ولا هو مطلقها؟ فقال لها: يا هذه قد أجبتُك عن مسألتك، وأرشدتك إلى طلبتك، ولست بسلطان فأمضي، ولا قاض فأقضي، ولا زوج فأرضي، فانصرفي. قال: فانصرفتْ المرأة ولم تفهم جوابه".
***
7-الذل في دائرة الوقف!
أراد الشيخُ طه الشواف (ت: 1327) صرف ليرة ذهبية واحدة في بغداد، فصُرفت بأقل من قيمتها الرسمية المعينة فقال:
قل لأمير المؤمنين الذي ... قد عمنا بالجود واللطفِ
درهمُه أضحى ودينارُه ... في سوق بغداد لدى الصرفِ
أذلَّ مِن طالب علمٍ أتى ... لحاجةٍ دائرة الوقفِ
انظر: تاريخ علماء بغداد، للشيخ يونس السامرائي (ص: 296-297).
***
8-البحث عن العلم:
قال الإمام تقي الدين أبو بكر الحصني في كتابه "كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار" (ص: 126-127): "(فرع) ‌أصبح ‌شخص ولو ينو صومًا فتمضمض ولم يبالغ فسبق الماء إلى جوفه ثم نوى صوم تطوع صح على الأصح قال النووي [في المجموع (6 / 327)]: "وهي مسألة نفيسة. وقد تطلبتُها [المتطلب لها الحصيني] سنين حتى وجدتُها ولله الحمد".
***
9-التحرّي:
جاء في "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" للعلامة محمد الشربيني الخطيب (1 /26): "وقال الشاعر [قلت: هو ابن سناء الملك، انظر وفيات الأعيان" (3 / 379)]:
فتحريت أحسب الثغر عقدًا ... لسليمى وأحسب العقد نثرا
فلثمت الجميع قطعًا لشكي ... وكذا فعل كل مَنْ يتحرى"!
***
10-محبة الأصدقاء:
قال الشاعر عمر فروخ في ديوانه "فجر وشفق" (ص: 192):
قد ينفر الطائر من وكره ... ويهجر الإنسان أوطانه
وتهرب المرأة من بعلها ... ولا يمل المرءُ إخوانه
وفي "مناقب الشافعي" للبيهقي (1 / 195): "ليس سرور يعدل صحبة الإخوان، ولا غم يعدل فراقهم".
***
11-البخاري في المسجد:
حكى الحافظ ابن حجر العسقلاني في "هدى الساري"، مقدمة كتابه "فتح الباري" (2 / 196) في ترجمة الإمام البخاري رحمهما الله تعالى قال: "قال محمد بن منصور: كنا في مجلس أبي عبدالله البخاري، فرفع إنسان قذاة من لحيته، وطرحها إلى الأرض، فرأيت البخاري ينظر إليها وإلى الناس، فلما غفل الناس رأيته مد يده فأدخلها في كمه، فلما خرج من المسجد رأيته أخرجها وطرحها على الأرض".
***
12-قال الأحنف بن قيس:
قال السيد عبدالخالق بن عبدالرحيم الاردبيلي (ت: 740) في كتابه "غرر المثاني ودرر المعاني" (ص: 4):
"قال الأحنف: مَن ظلم نفسه كان لغيره أظلم، ومَن هدم دينه كان لدين غيره أهدم".
وفيها أيضًا: "قال الأحنف: مَن منعك من الخير حرمك، ومَن أعانك على الشر ظلمك".
وفي (ص: 5): "قال الأحنف: مَن أوغرتَ صدرَه، استدعيتَ شرَّه".
وفي حاشية "لقط الدرر": "قال الأحنف: كثرة الضحك تذهب الهيبة، وكثرة المزاح تذهب المروءة، ومن لزم شيئًا عرف به".
وفي "الأمالي" للقالي (2 / 167): "قال الأحنف بن قيس: العقل خير قرين، والأدب خير ميراث، والتوفيق خير قائد".
وفي "جمع الجواهر" للقيرواني (ص: 34): "قال الأحنف لن يسود مزاح، ولن يعظم مفاكه".
وفي تذكرة ابن حمدون (ص: 35): "قال الأحنف: كل ملك غدار، وكل دابة شرود، وكل امرأة خؤون". أقول: وليس هذا على إطلاقه.
وفي "الأمالي" للقالي (2 / 20) خطبة رائعة للأحنف منها: "أنصفْ من نفسك، قبل أن ينتصفَ منك".
وفي "الحكمة الخالدة" لأبي علي أحمد بن محمد مسكويه (ص: 164): "قال الأحنف: ما عرضتُ الإنصاف على أحد فقبله إلا هبتُه، ولا أباه إلا طمعتُ فيه".
وفي "ذيل الأمالي والنوادر" لأبي علي القالي (ص: 118) يروي بسنده عن الأحنف أنه قال: "قال لي عمر: يا أحنف مَن كثر ضحكه قلتْ هيبته، ومَن مزح استخف به، ومَن أكثر من شيء عُرف به، ومَن كثر كلامه كثر سقطه، ومَن كثر سقطه قل حياؤه، ومَن قل حياؤه مات قلبه".
وقيل للأحنف بن قيس: بأي شيء سدتَ قومك؟ فقال: لو عاب الناسُ الشرابَ ما شربتُه. ربيع الأبرار (2/ 126) ط. بيروت.
قلت: ومثله قول الإمام الشافعي: "والله الذي لا إله إلا هو لو علمت أنَّ شرب الماء ينقص من مروءتي ما شربتُه، ولو كنت اليوم ممن يقول الشعر لرثيت المروءة". انظر: مناقب الشافعي للبيهقي (1/ 187).
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع