مدونة د. سالم مبارك محمد حسن بن عبيدالله
موطن المجتمع البشري الأوَّل 1
د. سالم مبارك محمد حسن بن عبيدالله | D. Salem Mubarak mohammed ban obaidellah
07/07/2021 القراءات: 3426
فمكَّة المكرَّمة موطن المجتمع البشري الأوَّل، فدراسة "اللُّغة العربيَّة عبر التاريخ" يشير إلى ابتداء الحياة البشريَّة الأوَّلى على الأرض بآدم أبي البشر ، ويمكن أنْ نفهم من الآيات القرآنيَّة أنَّ آدم عاش في مكَّة، وأنَّ الأرض شهدت ميلاد المجتمع البشري الأوَّل في تلك البقعة المباركة ، قال تعالى: ((إِنَّ أوَّل بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)) (آل عمران/ 96.)، قال ابن عاشور: ((وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ الْكَعْبَةَ أوَّل الْبُيُوتِ الْمَبْنِيَّةِ فِي الْأَرْضِ، فَتَمَسَّكَ بِهَذَا الظَّاهِرِ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَالسَّدِّيُّ، وَجَمَاعَةٌ، فَقَالُوا: هِيَ أوَّل بِنَاءٍ، وَقَالُوا: أَنَّهَا كَانَتْ مَبْنِيَّةً مِنْ عَهْدِ آدَمَ ثُمَّ دُرِسَتْ، فَجَدَّدَهَا إِبْرَاهِيمُ)) (ابن عاشور، التحرير والتنوير 4/ 13)، وقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ((وَرُوِيَتْ فِي هَذَا أَقَاصِيصُ من نزول آدم به من الجنَّة ومن تحديد ما بين خلقه ودحو الأرض ... أَسَانِيدُهَا ضِعَافٌ فَلِذَلِكَ تَرَكْتُهَا)) (ابن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 1/ 474، ويُنظَرْ: ابن عاشور، التحرير والتنوير 4/ 13). وقوله تعالى: ((إِنَّ أوَّل بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاس)) مؤكِّد أنَّ البيت وُضِع للنَّاس، وما دام قد جاء الفعل مَبْنِيًّا للمفعول فواضعه غير النَّاس، فـ "وُضِع" هو فعل مبنيٌّ على مالم يسمَّ فاعله، فمَنْ الَّذي وضعه؟ والله سبحانه وتعالى يقول عن هذا البيت إنَّه: "هُدًى لِلْعَالَمِينَ" وهذا يعني أنَّ البيت هدًى للملائكة وللجنِّ؛ لأنَّهم عالم، وهذا يعني أنَّ البيت قد وضعه الله من قبل ذلك، إنَّ أحدًا لا يقْدر أن يجعل الكون على قدر العقل البشرى، إنَّ على العقل البشري أن يكون في ركاب الكون، وإيَّاك أنْ تجعل الكون في ركاب عقلك. أمَّا مسألة أنَّ إبراهيم قد بنى الكعبة أوَّلاً، فهذا عدم فهم للنَّص القرآنيِّ القائل: ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القواعد مِنَ البيت وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ السميع العليم)) (البقرة /127)، فما هو الرَّفع؟ إنَّه إيجاد البُعد الثَّالث وهو الارتفاع، فالطول والعرض موجودان؛ إذن فهذا دليل على وجود البيت قبل أن يقيم إبراهيم عليه السلام ارتفاع البيت. وهكذا نستنتج أنَّ الَّذي كان مطموسًا هو القاعدة والارتفاع، مع وجود الطول والعرض اللَّذَينِ يحدِّدان المكان، أمَّا البناء فهو الَّذي يحدِّد «المكين» وعندما انهدم البيت الحرام كان النَّاس يتَّجهون إلى المكان نفسه. إذن فعمل إبراهيم كان في إيجاد المكين لا المكان، وعندما نقرأ قوله تعالى: ((رَّبَّنَآ إني أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصلاة فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاس تهوي إِلَيْهِمْ وارزقهم مِّنَ الثمرات لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)) (إبراهيم /37)، نعرف أنَّه ساعة إسكان إبراهيم لذرِّيَّته كان هناك بيت، وأنَّ هذا البيت محرَّم، وعندما نقرأ عن رفع البيت الحرام نجد أنَّ إبراهيم لم يرفع قواعد البيت بمفرده، بل شاركه ابنه إسماعيل ، ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القواعد مِنَ البيت وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ السميع العليم)) (البقرة /127)، هكذا نعلم أنَّ إسماعيل كان قد نضج بصورة تسمح له أن يساعد والده خليل الرحمن في إقامة قواعد البيت الحرام، وهذا يدلّنا على أنَّ إسماعيل نشأ طفلًا في هذا المكان عندما أسكنه والده إبراهيم عند البيت المحرَّم، هكذا نتيقَّن أنَّ البيت المحرَّم كان موجودًا من قبل إبراهيم (يُنْظَرْ: تفسير الشعراوي 3/ 1631 - 1632) . (يُنْظَرْ: البُوريْني, عبد الرحمن أحمد، اللغة العربية أصل اللغات كلها، المقدّمة / 8).
موطن المجتمع البشري - آدم - رفع البيت الحرام - إسماعيل
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع