في وداع الأخ الشيخ عمر السُّويدي
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
03/10/2021 القراءات: 5044
في وداع الأخ الشيخ عمر السُّويدي
عبدالحكيم الأنيس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فقد كان لنبأ رحيل الشيخ عمر(1) رحمه الله تعالى عليَّ وقعٌ شديدٌ، جاءَني على حين غِرة فازداد ألمُه واشتد أثرُه.
ورجعتُ بخيالي إلى الأيام الجميلة –على الرغم مِن قساوتها- يومَ كنتُ أدرِّس في كلية العلوم الإسلامية بجامعة بغداد في الدُّفعة المسائية، هناك عرفتُ عمرَ وكوكبةً أخرى من طلاب العلم، الراغبين في العلم حقًا، فقد جاؤوا بصدقٍ يطلبون العلم الشرعي بعد أنْ أنجزوا تخصصاتٍ متعددة كانوا فيها من الناجحين المبرِّزين، ولم يأتوا إلا بدافع حبِّ الدين والتفقه فيه... وامتدتْ علاقة عمر بي من الجامعة إلى الجامع والبيت، ورأيتُ فيه شابًّا يتوقد همةً وحرصًا على العلم ورغبةً فيه، وغيرةً على الدين والأخلاق، ويفوحُ منه عطرُ الإخلاص وحبُّ الخير، ويكاد يقطر رقة ومشاعرَ لطيفة.
وشاء اللهُ أن نفترقَ سنين، ثم قدَّر اللهُ عودة التواصل عبر هذه الوسائل الحديثة، وكان يراسلني ويواصلني، ورأيتُه -كما كان- حرصًا على الفائدة، ورغبة في الازدياد من الخير، إلى أنْ زفَّ إليَّ بشرى حصوله على درجة الدكتوراه في الفقه الإسلامي، وقد فرِحتُ له كما أفرحُ لابنٍ برٍّ حبيب.
ولا غرابةَ في ذلك فهو سليلُ أسرة علمية، عريقة كريمة، وقد جعل اللهُ فيه امتدادًا لتلك المآثر السابقة.
رحمك الله يا عمر رحمةَ الأبرار، ورفعَ مقامَك في عباده الأخيار، وتقبَّلَ منك كما يتقبل من عباده الصالحين المخلصين، ونحسبك منهم...
لقد ساقك اللهُ إلى منهل العلم الشرعي الصافي، ونفعَ بك نفعًا كبيرًا، واصطفاك الآن لجواره الكريم.
وأسألُ الله أنْ يبقى أجرُ عملك ممدودًا، واسمُك مذكورًا لا يُنسى.
وقد روى الخطيبُ البغدادي مُؤرِّخُ بغداد ومحدِّثُها في كتابه "شرف أصحاب الحديث" فقال: "قال هارون الرشيدُ ليحيى بنِ أكثم: ما أنبلُ المراتب؟
قال: ما أنتَ فيه يا أمير المؤمنين.
قال: أفتعرفُ أجلَّ مني؟
قال يحيى: لا.
قال الرشيد: لكني أعرفُ، رجلٌ في حلقةٍ يقول: حدَّثني فلانٌ عن فلانٍ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
فقال له: يا أميرَ المؤمنين هذا خيرٌ منك وأنت ابنُ عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ووليُّ عهد المسلمين؟
قال: نعم ويلك، هذا خيرٌ مني؛ لأنَّ اسمه مقترنٌ باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يموت أبدًا، نحنُ نموتُ ونفنى، والعلماءُ باقون ما بقيَ الدهر".
نعم، إنهم باقون ما بقي الدهر، تُذكر أسماؤهم، وتُقرأ مصنفاتهم، ويُذكرون بالخير ويُروى عنهم ويُتحدث بمآثرهم وما فعلوه وما علَّموه وما نشروه وما خطبوا به وما تكلَّموا عنه وما وعظوا ونصحوا به، فهم لا يُنسون أبدًا، وقد ألحقك الله بالعلماء، ونسأل اللهَ أن يحشرك فيهم، وأن يجعل أثرَك باقيًا لا يزول.
وعظَّمَ اللهُ أجرَنا، وأجرَ أسرتِك، وأهلِك، وأبنائِك، وإخوانِك، وجميعِ محبيِك فيك. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
اللهم اغفرْ لعبدك عمر فقد وفدَ عليك وأنت خيرُ مَنْ يُكرم النزيل يا أرحم الراحمين. اللهم أحسن وفادته، وارفع درجته، وحققْ حُسنَ ظنِّه فيك.
***
(1) هو السيد عمر بن فاضل بن عبدالله بن محمد بن يوسف بن سليمان بن محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله السويدي البغدادي. توفي يوم الجمعة 20 مِن شوال سنة 1441. وكانت ولادتُه عام 1968.
والشيخ عبدالله السويدي هو صاحب "النفحة المسكية في الرحلة المكية".
***
تراجم العلماء
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
اللهم اغفر له وارحمه برحمتك يا ارحم الراحمين أطال الله في عمركم أمدكم الله بالصحة والعافية لاحرمنا الله فضل علمكم ونور قلبكم سيدي
رحمه الله رحمة واسعه وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ( إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) ، آمييين وربنا يرحم كل موتانا وكل موتي المسلمين آمييين