فقط، تقبلهم من أجل سعادتك
محمد ناجي عبد الرب عطية | Mohammed Nagi Abdulrab Atiah
08/10/2024 القراءات: 221
الانسان كائن اجتماعي، يستحيل أن يعيش في مجتمع بدون بشر، وباجتماعهم معا تتوفر أبواب كثيرة للسعادة والراحة والمتعة، وهذا هو أصل النعمة التي منحها الله لعباده في الدنيا (فلنحيينه حياة طيبة). ومع ذلك لا يوجد مجتمع يخلو من التوترات والمنغصات بين أفراده، وقد تتفاوت بينها شدة وضعفا، لكنها لا تزول بالمطلق، بل إنها من طبيعة الحياة الذي سماها خالقها (دنيا).
ومن أجل أن تعيش (أنت) بسعادة وراحة بال، فلابد أن تستوعب بعض قوانين العلاقات بين البشر ومنها: وجود النظام الذي يضبط المجتمع، بحيث يقوم على العدل في الحقوق والواجبات، وضبط الحدود بين الأفراد والمجموعات. فبقد ر الضبط في النظام، يستقر المجتمع وتحل الألفة، وتقل الممارسات السيئة، وبقدر استعداد الناس للتقيد بالنظام تصلح أمورهم، وتنضبط معيشتهم، وتخف الى أبعد الحدود معاناتهم.
والعلاقات تقع بين ثلاث أولويات هي: ضرورية وحاجية وكمالية. فالضرورية لها صفة الاستقرار والاستمرار، ومن الصعوبة الاستغناء عنها مثل: العلاقات الأسرية والوظيفية. وإلحاجيه غالبا ما تكون مؤقتة مرتبطة بالاحتياج، ويُستغنى عنها إذا زالت الحاجة، مثل المشتريات والعلاجات وغيرها. وأما الكمالية، فمؤقتة أيضا، وهي التي تلبي أي أغراض وتشبع احتياجات إضافية، مثل الحاجة للسفريات والترفيه وأمثالها.
والضابط في جميع العلاقات السابقة، يدور بين أمرين: إما المحافظة عليها، أو سهولة الاستغناء عنها. فدقة التقدير، وحسن الاستيعاب، وقوة الضبط، وتجنب الخلط في تطبيق هذين المبدئين في العلاقات، سبب مباشر إما في ازدهارها ونموها وتجددها ورسوخها، أو حدوث خرق فضيع، وخلل كبير، وربما عواقب وخيمة.
سأتناول معكم على سبيل المثال: الأسرة باعتبارها من العلاقات الضرورية، التي أبرز سماتها الديمومة والاستقرار، وما يترتب عليها من مصالح وحقوق وواجبات ومنافع ومضار عاجلة وآجلة، دنيا وآخرة، وتملك تأثيرا مباشرا على الاستقرار والاستمرار والترابط والسكينة. وأبرزها العلاقة الزوجية، والعلاقة بين الآباء والأبناء، لاسيما إذا بلغوا الرشد وبداية الاستقرار والاستعداد للعطاء والوفاء (قرة أعين).
فما كل النساء سواء في حسن العشرة والانسجام مع الزوج في الأهداف وأسلوب الحياة، وليس كل الرجال بالقدر المطلوب من المواصفات التي ترضي الزوجة، وليس كل الأبناء سواء في البر والطاعة. مع صعوبة التوافق التام بين الجميع في الأهداف وأسلوب الحياة. ورغم كل ذلك، لا يوجد أي خيار أمام هذه العلاقات غير المحافظة عليها بكل قوة رغم كل شيء، وترك التفكير بقطعها أو الاستغناء عنها البتة، إلا في حالة واحدة فقط هي الاستحالة (القطعية) لاستمرارها.
إن ظاهرة الخلط والتعسف في مفهوم الاستغناء عن استمرار العلاقة، لاسيما بين الزوجات والأزواج، أمر مشهور في كثير من البيوت، وهي ظاهرة عالية المخاطر، باهظة الأثمان، لا يمارسها إلا شخص يجهل أبعادها، ولا يستشعر عواقبها الوخيمة، أو آخر ناضج في تفكيره أو أهليته لتحمل المسئولية (الأمانة).
أما الحل المنطقي لتجنب ذلك الخلط والتعسف، المفتاح الأكيد لاستمرار العلاقة هو (مبدأ التقبل) (اصبروا، وصابروا)، ونقصد فيه التعايش معهم رغم كل شيء، والاستمتاع بالمتاح معهم باعتباره الفضل العظيم (والنعمة المنسية) من الله، مع التغاضي عن النقائص والقصور (فكل ابن آدم خطاء)، حتى (أنت) لا تخلو منها (كما تتخيل)، هذا إذا لم تكن أنت السبب الرئيس فيها (سوء إدارة وتدبير).
وأختم بنصيحة ثمينة (لك): فمن أجل سعادتك (فقط) تقبلهم وتعايش معهم كما هم، (مع كل الاجتهاد في التربية)، حتى تحقق الثمار الكبيرة والنضيجة والفوائد العظيمة كنتيجة معجلة من نتائج (الصبر الجميل) (جزاء وفاقا). ومنها: تقبلهم لك وتعايشهم معك على كل حال، ومتعة الرضى بالقضاء، ونزول السكينة ودوام الاستقرار، فتنمو الأسرة وتحقق أهدافها رغم كل شيء، وأهم من كل ذلك نزع أو (قطع) الفتيل (النكد) للأزمات المتكررة. وهذا هو (نعيم الدنيا)، أما الآخرة، فرضوان الله تعالى ونعيم الجنة وهي ثمرة الصبر المؤجلة (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
التقبل - السعادة - المحبة الأسرة -الأبناء
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع