مدونة الأستاذ الدكتور/ زينب صلاح محمود يوسف


استراتيجية تمكين المرأة المصرية مدخل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة

أ.د/ زينب صلاح محمود يوسف | Prof. Dr/ Zeinab Salah Mahmoud


05/12/2022 القراءات: 1900  


تعد قضية النهوض بالمرأة وتمكينها أحد الأولويات على جدول أعمال دول العالم منذ بداية القرن الحادي والعشرين، حيث استحوذت قضايا المرأة في الآونة الأخيرة ووضعها وموقعها على حيز كبير من الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة الذي وضعته الأمم المتحدة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مما أسهم في بلورة الأجندة الإنمائية العالمية. فحظيت قضايا المرأة باهتمام على المستوى العالمي والمحلى، وأحتلت حقوق المرأة موقعاً بارزاً على خارطة الفكر والثقافة، حيث أن هناك جهداً واهتماماً وسعياً سياسياً لتمكين المرأة ليس فقط باعتبارها شريكاً مساوياً ولكن باعتبار أن العبء الأكبر من التنمية المجتمعية يقع على عاتقها، فنجاح برامج التنمية واستدامتها مرهون بمشاركة فاعلة لكافة العناصر البشرية وحسن إعداده وطبيعة تأهيله، بالإضافة إلي أهمية الشراكة بين الدولة والمجتمع لتحقيق التمكين الكامل والشامل للمرأة، والذي يستهدف تحسين وضع المرأة اقتصادياً وسياسياً وقانونياً وتوفير الخدمات لبناء القدرات البشرية والمؤسسية للآليات الوطنية المعنية بالمرأة ووصول المرأة إلى المشاركة الحقيقية في صنع القرار بدءاً من الأسرة حتى أعلى مراكز صنع القرار في الدولة، ومروراً بمؤسسات المجتمع المحلي والقومي الحكومية وغير الحكومية، وانبثاق من نتائج التقارير الصادرة عن المؤتمرات الدولية كمؤتمر كوبنهاجن (١٩٩٥) ومؤتمر بكين (2000) والمؤتمرات التي نادت بضرورة تمكين المرأة للمشاركة في تنمية المجتمع وتعزيز المسؤولية الاجتماعية، نجد أن تمكين المرأة يواجه ضعفاً، ولا بد من توفير آليات جديدة لتحقيقه في جميع ميادين الحياة، وذلك بوضـع سياسـات اقتصـادية وتعليميـة تراعي احتياجـات وحقـوق المـرأة وضـرورة دعـم الجهـود الراهنـة التـي تهـدف الـى تعزيـز وتمكـين المـرأة فـي المجالات الاجتماعية والاقتصادية. والتي فُرضت على مصر كغيرها من بلدان العالم وبخاصة الدول النامية منها. فشهدت مصر فى الآونة الأخيرة وخاصة فى السنوات الست الماضية تقدماً إيجابياً ملحوظاً في مجال دعم وتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، والذي يرجع إلى الإدارة السياسية الداعمة، والمساندة لقضايا المرأة، وإلى ترجمة الحقوق الدستورية للمرأة إلى قوانين واستراتيجيات وبرامج تنفيذية تقوم بها جهات حكومية وغير حكومية، حيث جاء الدستور المصرى، ليأكد على قيم العدالة والمساواة ،فوضع الدستور أساسا قوياً لمواجهة التمييز ضد المرأة والذي رتب أربعة التزامات تجاه المرأة وهي: "أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية" و"أن تعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابية على النحو الذي يحدده القانون كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها،" وأن تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل"و"أن تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للطفولة والأمومة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجاً"، كما يشير الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة الذي أقره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية (2015) إلى المساواة بين الجنسين واعتبر أن القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات لا يمثل حقا أساسياً من حقوق الإنسان فحسب، بل هو أيضا عامل حاسم في التعجيل بتحقيق التنمية المستدامة. وحيث أن رؤية مصر2030 ترتكز على بناء مجتمع عادل يتميز بالمساواة بين الجنسين ويضمن الحقوق والفرص المتساوية، فجاء الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة "رؤية مصر2030" يرتكز على العدالة والاندماج الاجتماعي والمشاركة من خلال تحقيق المساواة في الحقوق والفرص، وتحقيق العدالة المكانية وسد الفجوات التنموية الجغرافية، وتمكين المرأة والشباب والفئات الأكثر احتياجًا وضمان حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ودعم المشاركة المجتمعية فى التنمية لكافة الفئات، وتعزيز روح الولاء والانتماء للهوية المصرية وتنوعها الثقافي. وذلك من أجل أعلى درجة من الإندماج الاجتماعي وتحقيق الحماية للفئات الأولى بالرعاية من خلال المساواة في الحقوق والفرص. وبالتالي اطلق المجلـس القـومي للمـرأة الاسـتراتيجية الوطنية لتمكين المـرأة المصـرية 2030 والمنبثقـة مـــن اجنـــدة التنميـــة المســـتدامة "رؤية مصر 2030" والتـــي تســعى الـــى التمكـــين الاقتصـــادي والاجتمـــاعي والسياســـي والقــانوني والحمايــة المجتمعيــة، حيث راعــت الاســتراتيجية تغطيــة اهــداف التنميــة المســتدامة وبــذل المزيد من الجهود من أجل تمكين المرأة والاهتمـام بقضـاياها وإقـرار العديـد مـن التشـريعات للحفـاظ على حقوقها وتوفير الحماية الاجتماعية للنساء الأكثر احتياجاً،وفى هذا الاطار أعلن عام 2017 عاماً للمرأة، وتكليف الحكومة وكافة أجهزة الدولة والمجلس القومي للمرأة باعتبار استراتيجية تمكين المرأة 2030 هي وثيقة العمل للأعوام القادمة لتفعيل الخطط والبرامج والمشروعات المتضمنة في هذه الاستراتيجية، والتي تستهدف تعزيز وضع المرأة في إطار ونهج شامل يأخذ في اعتباره المراحل والأدوار المختلفة خلال دورة حياة المرأة، والتي تضع عليها أعباء اجتماعية واقتصادية متغيرة، تحتاج معها إلى مساندة مجتمعية تمكنها من المساهمة في تنمية الوطن دون إخلال بمسئولياتها الأسرية، ولذلك فقد جاءت الاستراتيجية تحتوي على 34 مؤشراً من مؤشرات التنمية المستدامة، وتتألف من أربعة محاور عمل متكاملة وهي التمكين السياسي وتعزيز الدور القيادي للمرأة، والتمكين الاقتصادي، والتمكين الاجتماعي، والحماية، فضلاً عن العمل الجاد على تغيير ثقافة المجتمع نحو المرأة، وتعزيز سبل حصولها على حقوقها القانونية، كما تحدد الاستراتيجية مجموعة التدخلات المفصلية التي من شأنها إذا تضافرت الجهود من أجل نجاحها أن تحدث النقلة النوعية المطلوبة لتحقيق الإنطلاقة الكبرى.


تمكين المرأة، التنمية المستدامة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع