مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (197)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


06/07/2024 القراءات: 136  


-كنز المذكِّرين:
فحصتُ المخطوط المُسمّى بـ "كنز المذكّرين" الذي نسبه حاجي خليفة إلى ابن الجوزي، وما أظنُّه له، ولا يوجد في المخطوط نسبة، وإنما رأى (حاجي خليفة) في "المنتخب" لابن الجوزي أن له "كنز المذكر"، ورأى هذا المخطوط -فيما يبدو- فظنَّه هو، وهذا "كنز المذكرين"، لا "كنز المذكر". وقد جاء في أوله: "قال الشيخ أبو عبدالرحمن". ونُسِبَ في "معجم تاريخ التراث" إلى أبي عبدالرحمن السُّلمي. وفي المخطوط حاجة إلى مزيد بحث.
***
-تقريظ "المقصد الأسنى في شرح الأسماء الحسنى":
هذا تقريظٌ كتبه أحد علماء الأزهر حين طُبع هذا الكتاب بمصر أول مرة سنة (1330)، قيل في أوله:
تقريظ لحضرة العالم العلامة، الحبر البحر الفهامة، خاتمة المحققين، الأستاذ الشيخ السعيد بن علي الموجي أحد علماء الأزهر الشريف، نفع الله به المسلمين، آمين.
(بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله الذي لا إله إلا هو وسعَ كل شيء علمًا، وأوسعَ كل حى رحمة وحلمًا، سبحانه إلهًا واحدًا تفرد بالأولية والقدم، وربًّا شاهـدًا وسمَ كلَّ شي غيره بالحدوث عن بحت العدم، قادرًا على الإنشاء والإبداع، منفردًا بالإيجاد والاختراع، يعطي ويمنع، ويضر وينفع، ويخفض ويرفع، ويعز ويذل، ويولي ويعزل، حكمة جارية بمقدار، وسنة ماضية على اقتدار، الذي علا فدنا ودنا فنأى، وسمع ورأى، وعلم وأحصى، وقدر وقضى، وحكم وأمضى، وأغنى وأقنى، وأضحك وأبكى، وأمات وأحيى، والذي خلق فسوى، والذي قـدر فهدى، والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى، فالق الحب والنوى، ذي [كذا] المنظر الأعلى، رب الآخرة والأولى، له الأسماء الحسنى والصفات العـلى، يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
والصلاة والسلام على النور المبين، الصراط المستبين، خلاصة العالم، سيد ولد آدم، الفاتح الخاتم، أبي القاسم، سيدنا محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم، أرسله الله رحمة للعالمين، وهدى للمتقين، بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، فهدی بنوره من الضلالة، وبصر به من العمى، وأرشـد به من الغي، وفتح به أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا، وقـلوبًا غلفًا، على فترة من الرسل، وتفرقٍ في السبل، وطول هجوع من الأمم، و تكثر جموع من الفتن، وتلظ من الحروب، وانتشار من الكروب، فبلغ الرسالة، وأوضح الدلالة، وأفصح المقالة، وأبلغ في تقريب العلم وإبعاد الجهالة، وبالغ في إثبات التوحيد ونفي الشرك والضلالة، وعلى آله وصحبه الذين شايعوه أحسن المشايعة، وآمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه.
وبعد: فقد منَّ الله علتْ كلمته، وبلغتْ حجته، على المؤمنين، وأوليائه الصالحين، بإبراز الكتاب الموسوم بـ "المقصد الأسنى في شرح الأسماء الحسنى" للإمام الرباني، والقطب الصمداني، سيدي ومولاي عز الدين عبدالعزيز بن أحمد بن عبدالله بن نفيس الديريني، الشريف الحسني، مِن ولد الحسن السبط ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكرّم الله وجهه، سعى في إبرازه، فحظي بفضل إحرازه، ذو الفضل الظاهر، والأصل الطاهر، القوي الأمين، العلي المكين، الشريف السيد محمد بهاء الدين الديريني الحسني، فرع تلك الدوحة العلوية، وغصن تلك الشجرة المباركة النبوية، فنشر عبيرَه، وجمع شتيته ونظم نثيرَه، وأطلعَه بالطبع، في أحسن صورة وأجمـل شكل وأكمل وضع، قام -شكر اللهُ سعيه- بنشر ما نشْرُهُ بين أهل الفضـل يضوع، وقد كاد -لولا عنايةُ الله به إذ ألهم ذلك الفاضل- يضيع، وما أسعدَ الآباء إذا نجب الأبناء!
لله درُّك يا بهاءْ ... يا نسلَ خير الأنبياءْ
فلقد حبوتَ صنيعة ... ولقد عملتَ على الوفاءْ
وفیتَ أصلك حقه ... عمـلَ البنين الأوفياءْ
ونشرتَ ما لولاك ما ... وصلتْ إليه الأولياءْ
وأذعتَ ما كتم الزما ... نُ أبو العمين الأغبياءْ
ولئن شكرتُ فلستُ وحـ ... دي بل جميع الأصفياءْ
لله سعيه المشكور، وعمله المبرور، شكر الله سعي ذلك الفاضل، ونظم عقد فضله حتى يقلده جيد ذلك الزمان العاطل، وله مني جميل الثناء، ومنه تعالى جزيل الجزاء، إنه سميع قريب مجيب الدعاء. قال ذلك وكتبه السعيد بن علي الموجي من علماء الأزهر الشريف عفا الله عنه).
ويُلحظ أنه ذَكر للديريني نسبًا شريفًا.
وله تقريظٌ آخر على كتاب "بهجة المشتاق في بيان حكم زكاة الأوراق" للسيد أحمد الحسيني.
وله ذكرٌ في "فهرس الفهارس والأثبات"، و"هدية العارفين"، و"إيضاح المكنون"، و"معجم المؤلفين"، ولد سنة (1268)، ولم تذكر وفاته. وتقريظه لكتابٍ طُبع سنة (1330) يدلُّ على أنه كان حيًّا تلك السنة.
وفي التقاريظ ما ينفعُ في معرفة العلماء وتراجمهم.
***
-السيد أحمد صقر أيضًا:
حدثني أحد الإخوة الفضلاء (أن السيد أحمد كان يعرِّض بالأزهريين أحيانًا، وقد قُرِّر مرة مناقشًا لرسالةٍ أشرف عليها الأستاذ محمد أبو شهبة فقال لمن معه قبل المناقشة: سأتخذ الطالب تكأة للتعريض بغيره. وفُهم أنه أراد المشرف. وفي المناقشة قال المشرفُ في كلام: نعم كان على الطالب أن يفعل كذا، فاستغلها السيد وقال: وأين كنت قبل؟ وبعد قليلٍ وقع منه لحن فقال له الشيخ محمد: كيف تقول هكذا؟ وكان أبو شهبة شيخًا وقورًا جدًّا.
وكان الشيخ إسماعيل الدفتار خطيب الأزهر وجاء مرة وسلَّم على السيد فقال السيد لمن معه: هذا خطبُ الأزهر، وضحكوا.
ومِنْ أسلوبه عند التنبيه على الخطأ أن يقول: يا أمة ضحكتْ. ولا يكمل.
ومرة ناقشَ طالبًا وكان الطالب قد قال عن راوٍ: إنه لم يحدِّث عن أبيه. فقال له السيد: افتح الصفحة الفلانية وإذا فيها قولُ ذلك الراوي: حدثني أبي. فقرأ السيدُ النصَّ ومدَّ ياء حدثني وياء أبي وقال: هل يعود الضميرُ على أمه؟
وقال لنا بعضُ مَن يعرفه إن السيد في مصر أشد مما ترون بكثير. ولعل تقدم السن خفف منه، وكذلك فقده ابنًا له ضربته سيارة وهو معه فتُوفي، وقد أثرتْ فيه هذه الحادثة كثيرًا، وكان كثيرًا ما ينظر إلى صورته بحزنٍ، ويسليه الناس فيقول: لا أقدرُ على التحمُّل.
-وكان لا يصرِّح بالفائدة تصريحًا، إنما يلمح كقوله: انظرْ دار القطن لتعرف أين كان الدارقطني. وهكذا).
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع