نحو سياسات فاعلة لتمكين النساء اقتصاديًا في قطاع غزة
د. رائد محمد حلس | Dr-Raid Mohammed Helles
28/03/2022 القراءات: 3626
تواجه عملية تمكين النساء اقتصاديًا في قطاع غزة مجموعة من التحديات والمعيقات الخارجية والداخلية المترابطة والمتداخلة، تتمثل في الإجراءات القمعية للاحتلال (الحصار والاغلاق والحروب المتكررة) كتحديات ومعيقات خارجية، والبيئة السياسية والقانونية والتنموية غير المواتية لعملية التمكين، بجانب عدم قدرة النساء من الوصول إلى التمويل والحصول على القروض، وكذلك النظرة الدونية للتدريب المهني والتقني وعدم وجود مراكز تدريب مهنية وتقنية ملائمة لاحتياجات سوق العمل ومتاحة للنساء كتحديات ومعيقات داخلية، وقد شكلت هذه التحديات والمعيقات المتداخلة والمتزامنة في أغلب الأحيان صعوبات أمام تمكين النساء اقتصاديًا في قطاع غزة، وأتاحت الفرص لزيادة معدلات البطالة والفقر في أوساطهن من جهة وتركت تبعات قاسية عليهن من جهة أخرى.
لذلك ترتبط عملية تمكين النساء اقتصاديا في قطاع غزة بمعالجة هذه التحديات والمعيقات والتي حالت دون تمكين النساء اقتصاديًا بالتوازي مع توجيه النساء نحو الأدوات المناسبة لعملية التمكين والتي تتمثل في (المشاريع الريادية الصغيرة، العمل عن بعد، وإنشاء التعاونيات)، يمكن تنفيذها في إطار مجموعة من السياسات وآليات التدخل ترتكز بشكل أساسي على إتباع أفضل الممارسات التي من شأنها أن تكون خارطة طريق لصناع القرار وللنساء أنفسهم من ناحية، وتدعم وتطور عملية تمكين النساء اقتصاديًا في قطاع غزة من ناحية ثانية، وتتمثل هذه السياسات فيما يلي:
أولًا: تطوير بيئة العمل والقدرة الاستيعابية للأيدي العاملة: بحيث يتم في إطار هذه السياسة التركيز على القطاع الخاص، كون القطاع العام يعاني من تخمة في الوظائف، وتطبيق قانون العمل بصورة عادلة وعدم التضييق على القطاع الخاص، مما يساهم في توفير فرص عمل جديدة، والعمل على تقسيم الوظائف وتحديد طبيعة الوظائف المتعلقة بالرجال والنساء، وإعادة النظر بطبيعة التخصصات التعليمية التي تنخرط بها النساء، والعمل على موائمة التخصصات التعليمية التي تنخرط بها النساء باحتياجات سوق العمل لزيادة مشاركتها في سوق العمل، وكذلك العمل على خلق بيئة مساندة وداعمة للنساء، من خلال تفعيل الرقابة على تطبيق قانون العمل، وتطبيق الحد الأدنى للأجور، وعدم حصر مجالات التدريب للنساء في أنشطة تقليدية أو أنشطة مخصّصة للنساء فقط كالخياطة والتجميل، وتوفير برامج لإعادة تدريب العاطلات عن العمل لتحسين مهاراتهن وقدراتهن الفنية والعملية، وكذلك إطلاق حملات توعية لتشجيع النساء على الإقبال على مراكز التدريب المهني أسوةً بالذكور، بالإضافة إلى ضرورة اهتمام مراكز التدريب النسوية باستهداف جميع الشرائح النسوية، وليس فئات معينة وأعداد محددة، بالإضافة إلى اعتماد منهجيات إبداعية جديدة للتدريس في الجامعات الفلسطينية تشمل تطوير المناهج التدريسية لبرامج التكنولوجيا والمعلومات، ودعم الجامعات من أجل تطوير المناهج، وإنشاء منصة تفاعلية تجمع أصحاب العلاقة، وتوفير دعم مادي لبعض الجهات العاملة في المجال الرقمي، وتعزيز إمكانية توظيف النساء الخريجات.
ثانيًا: تطوير ريادة وتوظيف النساء من خلال خلق بيئة مشجعة للاستثمار: بحيث يتم في إطار هذه السياسة دراسة تعديل القوانين الضريبية وتقييم فاعلية قانون الاستثمار، ومحاربة الإغراق والتهريب بهدف استقرار الأسعار في الأسواق المحلية للحد من التضخم وفرض العدالة الضريبة على الجميع، وتحسين الخدمات العامة مقابل الخدمات الضريبة، وتشجيع النساء للتوجه نحو للبدء بمشاريع ريادية صغيرة تمهيدًا لتطورها ووصولها إلى مراتب متقدمة، من خلال تدعيم المشاريع الريادية الصغيرة، وتدريب النساء وتأهيلهم لإنشاء وإدارة هذه المشاريع، وإيجاد الأسواق التي تساعد على تسويق منتجات المؤسسات النسوية التي تشغل نسبة كبيرة من النساء، وكذلك إنشاء هيئة لتقديم خدمات فنية وإرشادية للمشاريع الصغيرة والتي تحتاج إلى متطلبات كبيرة لإنجاحها، وتفعيل صندوق تمويل المشاريع الصغيرة وبخاصة التي تساهم في تمكين النساء، بالإضافة إلى ترشيد الاستيراد من الخارج لتشجيع الاستثمار وتطوير الصناعات الوطنية مما يساهم في توفير فرص عمل جديدة، واحتضان ودعم المبادرين أصحاب الأفكار الإبداعية والمشاريع الطموحة ماديًا وفنيًا وقانونيًا، لتوفير بيئة مناسبة لهم ومساعدتهم على النمو والتطور وتحويل أفكارهم إلى مشاريع مدرة للدخل قادرة على التوسع في سوق العمل المحلي وفي أسواق العمل الخارجية (الدولية).
ثالثًا: تشجيع وتطوير بيئة العمل عن بعد: بحيث يتم في إطار هذه السياسة توفير البنية التحتية والكهرباء ووسائل الاتصال الحديثة حتى يتسنى للشركات والقطاع الخاص الذي يعمل عن بعد في زيادة الاستثمار في هذا القطاع بما ينعكس بالإيجاب على انتاجية هذا القطاع، وكذلك توفير بيئة مشجعة للنساء العاملات في قطاع العمل عن بعد في أماكن تواجدهن مما يساعد على استقطاب وزيادة عدد العاملين عن بعد، وسن قانون يحدد الحد الادنى للأجور في مجال العمل عن بعد بما يتناسب مع تخصصاتهم وامكانياتهم العملية، وكذلك وجود قوانين تحمي حقوق العاملين عن بعد سواء في الداخل او في الخارج، بالإضافة إلى تنفيذ التشريعات القوانين التي تهتم بمجال العمل عن بعد وتقديم حوافز مادية وتوفير مساحة للمشغل في اتخاذ القرار ومناقشة الأفكار.
وتجدر الإشارة إلى أن تطبيق هذه السياسات وبما تشمل من آليات التدخل يحتاج إلى تنسيق وتعاون مشترك من جميع أطراف التنمية التي تتمثل في الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
تمكين النساء اقتصاديًا - المشاريع النسائية الريادية - العمل عن بعد - قطاع غزة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة