مدونة الجيلالي الساجعي


التكامل المعرفي عند علماء المغرب

الجيلالي الساجعي | Jilali essajai


30/11/2023 القراءات: 1159  


إن الحديث عن أعلام المغرب يصدق فيهم قول أبي بكر محمد بن محمد بن علي بن خميس في مقدمة تاريخ مالقة المنشور باسم أعلام مالقة :" إن أحسن ما يجب أن يعتني به، ويلم بجانبه، بعد الكتاب والسنة معرفة الأخبار، وتقييد المناقب والآثار، ففيها تذكرة بتقلب الدهر بأبنائه، وأعلام ما طرأ في سالف الأزمان من عجائبه وأنبائه، وتنبيه أهل العلم الذين يجب أن تتبع آثارهم وتدون مناقبهم وأخبارهم، ليكونوا كأنهم ماثلون بين عينيك مع الرجال، ومتصرفون ومخاطبون لك في كل حال، ومعروفون بما هم به متصفون. فيتلو سورهم من لم يعاين صورهم، ويشاهد محاسنهم، من لم يعطه السن أن يعاينهم، فيعرف بذلك مراتبهم ومناصبهم، ويعلم المتصرف منهم في المنقول والمفهوم، والمتميز في المحسوس والمرسوم، ويتحقق منهم من كسته الآداب حيلها، وأرضعته الرياسة ثدييها، فيجد في الطلب ليلحق به ويتمسك بسببهم"
وإن الدارس المتمعن في سير هؤلاء العلماء الأجلاء الذين سنقف مع جوانب مهمة من التكامل المعرفي في مؤلفاتهم وفي سيرهم وأطراف من مناقبهم، سوف يرى أنه بإزاء جمع من العلماء من أزكى ما أنجب المغرب من نوابغ ولا بأس أن نستحضر بعض الصفحات المشرقة من تاريخ سلفنا الصالح من العلماء والفقهاء الموسوعيين الذين كان لهم إلمام بأصناف شتى من العلوم والمعارف وقد آثرت ذكر بعضهم ممن وجدتهم ضمن العلماء المغمورين الذين لم ينالوا حظهم من الشهرة في عصرنا الحالي وإن كانوا علماء موسوعيين بحق فهذا ابن القطان الفاسي كان من أبصر الناس بصناعة الحديث وأحفظهم لأسماء رجاله وأشدهم عناية بالرواية وقد صنف في الحديث ورجاله والفقه وأصوله مصنفات نافعة، وهذا ابن البنا المراكشي (654/721ه) الذي زاوج بين العلوم الشرعية والعقلية فبدت أنواره فيهما معا وبزغت شمسه في جملة من العلوم حتى اعترف به الغرب قبل العرب فترجمت بعض كتبه إلى غير اللغة التي تعلم وتكلم وألف بها، فألف رحمه الله في علم الفلك والحساب والعلوم الشرعية واللغوية والفلسفة كما برع في العلوم الرياضية حتى فاقت تآليفه وتصانيفه خمس وثمانون مؤلفا في أصناف شتى من العلوم والمعارف وهذا ما يدل على غزارة تآليفه وسعة علمه وباعه الطويل في هذه العلوم، حتى أضحى معلمة من معالم التكامل المعرفي وموسوعة علمية حق للمغرب والمغاربة أن يفتخروا بها. وهذا محمد بن رُشيد السبتي (657/721ه) الذي تنوعت تآليفه وتعددت تصانيفه وتوسع في العلم وتبحر في موضوعاته وفنونه فألف في علم الحديث وخاض في أصعب ما فيه وهو الإسناد وألف في البلاغة، والنحو، والتراجم والنقد والفقه والعروض والعقائد وغيرها من الفنون.
وهكذا كان أبو العباس المنجور المتوفى سنة 995ه فقد قدم خدمات جليلة للعلوم الشرعية بما ألف وصنف من كتب وبما تخرج على يديه من طلاب فاقتبس من الفقه وأصوله والحديث والقراءات والعقائد والتفسير والرياضيات والفلسفة ما أهله ليكون ركيزة من ركائز الجامعة المغربية العلمية عبر التاريخ.


التكامل المعرفي- علماء المغرب- الموسوعية العلمية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع