مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (193)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


29/06/2024 القراءات: 337  


-الاستدراك على النفس:
من مفاخر تراثنا العلمي الاستدراكُ على النفس صيانةً للعلم:
قال ابنُ خزيمة في «صحيحه» ط3 (1/ 66-67) «باب إسقاط إيجاب الوضوء من أكل ما مسته النار أو غيرته": "ثنا أحمد بن عبدة الضبي، أخبرنا حماد -يعني ابن زيد- عن هشام بن عروة عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عظمًا أو قال: لحمًا ثم صلى ولم يتوضأ.
قال أبو بكر: "خبر حماد بن زيد غير متصل الإسناد، غلطنا في إخراجه، فإن بين هشام بن عروة وبين محمد بن عمرو بن عطاء: وهب بن كيسان. وكذلك رواه يحيى بن سعيد القطان، وعبدة بن سليمان...".
وقال أيضًا (2/ 835) في «باب ذكر الخبر المتقصى للفظة المختصرة التي ذكرتها، والدليل على أن العلة التي تفزع الخلق لها من يوم الجمعة هي خوفهم من قيام الساعة فيها، إذ الساعة تقوم يوم الجمعة": "نا الربيع بن سليمان المرادي، نا عبدالله بن وهب قال: وأخبرني ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيد الأيام يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة".
قال أبو بكر: ‌غلطنا في إخراج الحديث، لأن هذا مرسل. موسى بن أبي عثمان لم يسمع من أبي هريرة، أبوه أبو عثمان التبان روى عن أبي هريرة أخبارًا سمعها منه».
فانظروا قوله: (غلطنا في إخراج الحديث)!
وممن استدركوا على أنفسهم: ابن حزم، وابن طولون، وعبدالفتاح أبو غدة، وعبدالهادي التازي، وعامر حسن صبري، وساعد غازي.
ويُذكر في هذا السياق: الرجوعُ عن كتبٍ، والرجوعُ عن شعرٍ.
وتنظر رسالتي: "ثقافة الرجوع عن الخطأ".
***
-أمراء المؤمنين في الحديث:
من كتاب الشيخ عبدالفتاح أبو غدة عنهم:
1. أبو الزناد عبدالله بن ذكوان التابعي المدني.
2. أبو بكر محمد بن إسحاق المطلبي المدني.
3. أبو بكر هشام بن أبي عبدالله الدَّستُوائي البصري.
4. أبو بِسطام شعبة بن الحجاج الواسطي البصري.
5. أبو عبدالله سفيان بن سعيد الثوري الكوفي.
6. أبو سلمة حماد بن دينار الرَّبعي البصري.
7. أبو عبدالله مالك بن أنس الأصبحي الإمام المدني.
8. أبو عبدالرحمن عبدالله بن المبارك بن واضح المروزي.
9. أبو محمد عبدالعزيز بن محمد الدَّراوَردي المدني.
10. أبو عبدالله الفضل بن موسى السِّيْناني المروزي.
11. أبو سعيد يحيى بن سعيد بن فروخ القطان البصري.
12. أبو عبدالله محمد بن عمر بن واقد السهمي الواقدي المدني.
13. أبو نعيم الفضل بن دكين التيمي المُلائي الكوفي.
14. أبو الوليد هشام بن عبدالملك الباهلي الطيالسي البصري.
15. أبو الحسن علي بن عبدالله بن جعفر ابن المديني البصري.
16.أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ابن راهويه المروزي.
17. أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجُعفي البخاري.
18. أبو عبدالله محمد بن يحيى بن عبدالله الذهلي النيسابوري.
19. أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي.
20. أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني البغدادي.
21. أبو محمد عبدالغني بن عبدالواحد الجَمَّاعِيلي المقدسي الدمشقي.
22. أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن خليل، سبط ابن العجمي الحلبي.
23. أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني المصري.
24. أبو محمد عبدالرحمن بن علي بن الدَّيْبَع الزبيدي اليمني. -وفي عدِّه كلام للشيخ-.
25. عبدالله بن سالم بن محمد، البصري المكي.
26. محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني المعروف بابن الأمير.
***
-مَن قائل هذين البيتين؟
نقرأ في ختام المخطوطات كثيرًا:
ستبقى خطوطي برهةً بعد ميتتي ... على أنها تبقى وتبلى أناملي
فيا ناظرًا فيها سل اللهَ رحمةً ... لكاتبِها المدفونِ تحت الجنادلِ
وقد جاء في كتاب:” الدر الفريد وبيت القصيد” لمحمد بن أيدمر المستعصمي (ت: 710) (6/ 8700):
«ستبقى ‌خطوطي برهةً بعد ميتتي … على أنها تبقى وتبلى أناملي
بعده:
فيا ناظرًا فيها سل اللهَ رحمة … لكاتبِها المدفونِ تحت الجنادلِ
قال كاتبه عفا الله عنه: هذه صورة الحال، فرحم الله من قرأه فترحم على كاتبه، ودعا له بالرضوان».
وليس في ذلك نصٌّ على القائل، وليس البيتان له، فقد وُجدا قبل ذلك:
قال محمد بن ميمون المراكشي (كان حيًّا سنة 650) في ظهرية كتابه "الأزهار في عمل الأحبار" (قرأه وعلق عليه الأستاذ عبدالعزيز الساوري): "نقلة [كذا بخطه] هذه الأبيات ببغداد وهي ..." وذكر هذين البيتين. فالله أعلم بالقائل.
وقول ابن أيدمر (كاتبه) لا يعني أن المكتوب له، فقد رأيتُ فيه -أعني «الدر الفريد وبيت القصيد»- (1/ 47):
«كاتبه (عفا الله عنه): [من السريع]
صدَّ عن الحق اتباعُ الهوى … وزينَ الباطلَ طولُ الأملْ
كأنَّ ما كان إذا ما انقضى … حلمٌ وما حلَّ كأنْ لم يزلْ
بادرْ فقد أصبحتَ في مهلةٍ … بالعمل الصالح قبل ‌الأجلْ
وكنْ على علمٍ بأن الفتى .... يُجزى بما قدَّمه مِنْ ‌عملْ».
وهذه الأبياتُ جاءتْ -باختلاف يسير جدًّا- بخط القاضي عياض في (تقييد) ختام نسخةٍ سبتيةٍ من "المدونة" كُتبتْ سنة (497)‍، نصُّه: ”تم كتاب الشركة من المدونة بحمد الله وعونه، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمًا. قابلتُه بكتاب الفقيه القاضي أبي عبدالله محمد بن عيسى بن حسن التميمي رضي الله عنه، بحمد الله وعونه بمسجده بسبتة في شعبان سنة سبع وتسعين وأربع مئة. وأنشدنا رضي الله عنه:
صدَّ عن الحق اتباعُ الهوى …".
وفيه:
كأنَّ ما كان إذا ما مضى
يقدم يومًا على ما عمل. [كذا]
فهذه الأبيات الزهدية الأربعة لشيخ عياض المذكور، وهي أشبهُ به.
تنبيه: أفدتُّ معرفة هذا التقييد المهم من مقال الأستاذ عبدالعزيز الساوري: (من نوادر المخطوطات السبتية: حضور المدونة بسبتة الإسلامية. أو خط القاضي عياض السبتي بمقابلة نسخته من المدونة مع نسخة” الفقيه العاقل” في شعبان سنة 497. أو تاريخ الوراقة في سبتة الإسلامية).
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع