مدونة الدكتور/ مازن جهاد إسماعيل الشوبكى


فساد المؤسسات الإغاثية وجامعي التبرعات: جريمة إضافية بحق الشعب الفلسطيني في غزة

الدكتور/ مازن جهاد إسماعيل الشوبكى | Mazen J. Al Shobaki


20/09/2024 القراءات: 384  


في خضم حرب الإبادة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في غزة، حيث يسقط الشهداء، وتدمر المنازل، ويصبح المدنيون العزل أهدافاً للقصف والدمار، تبرز أزمة أخرى لا تقل خطورة عن الاعتداءات العسكرية نفسها، الا وهي الفساد المستشري في بعض المؤسسات الإغاثية وبعض جامعي التبرعات الذين يتخذون من معاناة شعبنا الفلسطيني في غزة ستارًا لجمع الأموال، فهؤلاء الذين يرفعون شعارات النخوة الإنسانية والتضامن مع المظلومين، هم في الحقيقة من يتاجرون بمآسي شعبنا الفلسطيني ويستغلون دماءه لتحقيق المكاسب الشخصية.
في كل مرة يتعرض فيها الفلسطينيون في غزة للاعتداء الاسرائيلي، تندفع قلوب الملايين حول العالم للمساعدة والتبرع بهدف إغاثة الضحايا، وتوفير الغذاء، والمأوى، والرعاية الطبية، ولكن، ماذا يحدث لهذه التبرعات الضخمة التي تجمع باسم الإنسانية؟
كثير من الأموال التي من المفترض أن تصل للجرحى والمحتاجين تتبخر في جيوب الفاسدين والمتنفذين في بعض المؤسسات الإغاثية، سواء المحلية أو الدولية، التي تتحول إلى أدوات للسرقة بدل أن تكون جسوراً للإنقاذ.
ان الكارثة لا تكمن فقط في المؤسسات التي تعمل داخل غزة، بل أيضًا في الجهات التي تعمل خارجها وتستغل الأزمة لجمع التبرعات باسم الفلسطينيين، وفي بعض الأحيان، يتم تنظيم حملات تبرع ضخمة، وتصدر البيانات الصحفية الرنانة حول دعم صمود غزة، بينما في الواقع لا يصل سوى جزء ضئيل من هذه الأموال إلى مستحقيها وغير مستحقيها من الأقربون وأصحاب الولاءات، أما الجزء الأكبر، فيضيع في "تكاليف إدارية" و"عمولات" ومصالح شخصية.
الفاسدون في هذه المؤسسات لا يتورعون عن نهب ما يمكن أن يخفف من معاناة الأطفال الذين فقدوا أسرهم، أو الجرحى الذين يحتاجون إلى علاج فوري، أو الأسر التي تبحث عن لقمة تسد رمقها تحت الركام، فالمال الذي من المفترض أن يعيد بناء البيوت، ويقيم المستشفيات الميدانية، ويشتري الأدوية الضرورية، يُسرق بدم بارد ويُهدر في مشاريع وهمية.
ونتيجة لهذا الفساد المستشري، بات الفلسطينيون الذين نجوا من القصف ونجوا من الموت المباشر، ضحايا لسرقة حقوقهم في الحياة الكريمة، ومن تبقى على قيد الحياة في غزة لا يجدون طعامًا كافيًا، ولا ماءً نظيفًا، ولا رعاية صحية، وبدلاً من أن تصل التبرعات الهائلة إلى الجرحى والمشردين، يظل هؤلاء يعانون من نقص الأدوية، والمواد الغذائية، وأبسط وسائل الحياة اليومية.
الأموال التي من المفترض أن تبني المدارس والمستشفيات، والتي تجمع من قلوب شعوب العالم المتضامنة مع القضية الفلسطينية، تختفي تحت غطاء فساد مهول، وبات شعبنا الفلسطيني في غزة يعيش على الفتات، بينما يرتفع شأن المتورطين في هذه السرقات ويزدادون ثراءً وقوة.
السكوت عن هذه الجرائم هو بمثابة تواطؤ في جريمة إضافية ضد الشعب الفلسطيني، حيث انه يجب على الحكومات والمنظمات الرقابية أن تتحرك فوراً لمحاسبة الفاسدين والمتاجرين بمأساة الشعب الفلسطيني، ويجب إجراء تحقيقات شفافة ودقيقة في كيفية إدارة التبرعات والإغاثة، ومحاسبة كل مسؤول عن سرقة الأموال التي كان يفترض أن تساهم في إنقاذ حياة الفلسطينيين.
ولا يجب أن يتوقف الأمر عند ذلك، بل يجب أن يتم نشر الوعي بين المتبرعين حول ضرورة التحقق من المؤسسات التي يتبرعون لها، والتأكد من أن تبرعاتهم تصل فعلياً إلى مستحقيها، فالشعب الفلسطيني بحاجة إلى دعم حقيقي لا يتلاعب به المتاجرون باسمه.
إن من يتربح من آلام ومعاناة الشعب الفلسطيني في غزة يرتكب جريمة أخلاقية وإنسانية كبرى، ومنهم أولئك الفاسدون الذين ينهبون أموال التبرعات والإغاثة يسهمون في استمرار معاناة الفلسطينيين، ويحولون مأساة غزة إلى مصدر للربح الشخصي.
من المؤكد ان الاحتلال لن يتوقف عن إجرامه، ولكن يجب أن يتوقف الفساد الذي ينهش جسد غزة من الداخل، فشعبنا الفلسطيني بحاجة إلى أفعال، وليس شعارات جوفاء.


الفساد، المؤسسات الإغاثية، جامعي التبرعات، الشعب الفلسطيني، غزة، فلسطين.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع