مدونة عبد المجيد رمضان


الانتخابات في 2024 .. سكان 75 دولة يقررون مصير مستقبلهم

عبد المجيد رمضان | Abdelmadjid RAMDANE


11/10/2024 القراءات: 164  


تشير التقارير الصحفية إلى أن أكثر من أربع مليارات شخص - أي أكثر من نصف سكان العالم - يعيشون في بلدان تشهد تنظيم انتخابات خلال هذا العام الجاري 2024 الذي يشهد زخمًا انتخابيًا غير مسبوق، حيث يتوجه سكان 75 دولة إلى صناديق الاقتراع لتحديد مسار مستقبلهم.
تتنوع هذه الانتخابات بين رئاسية وبرلمانية ومحلية واستفتاءات، وتُعد محطات حاسمة في تاريخ العديد من الدول، حيث يقرر الناخبون اتجاه السياسات الداخلية والخارجية لبلدانهم. وتعكس هذه الانتخابات تطلعات الشعوب نحو تحسين حياتهم اليومية وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية. كما تشكل فرصة لتجديد الثقة في المؤسسات الديمقراطية أو لفتح صفحة جديدة من الإصلاحات. وفي ظل عالم متغير، يُعد هذا الزخم الانتخابي مؤشرًا قويًا على أهمية المشاركة الشعبية في صناعة القرار وتوجيه مستقبل الأوطان.
في القارة الإفريقية تعيش 17 دولة في عام 2024 فصولا من مظاهر الديمقراطية تتمثل في تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية. كان من أبرزها الانتخابات الرئاسية بالسنغال في 25 مارس الماضي، وذلك بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية والأمنية، وقد حققت المعارضة السنغالية التي يقودها الشباب فوز الرئيس باسيرو ديوماي فاي في الجولة الأولى من النزال السياسي. وفي تشاد، فاز الرئيس المؤقت محمد إدريس ديبي بالانتخابات الرئاسية التي أجريت في السادس من ماي الماضي، وأصبحت دولة تشاد الأولى التي تعود إلى الحكم الدستوري عبر صناديق الاقتراع من بين عدة دول أفريقية باتت تحكمها مجالس عسكرية في غرب ووسط القارة بعد انقلابات.
الجزائر بدورها نظمت انتخاباتها الرئاسية السابعة في عهد التعددية السياسية، من أجل اختيار القيادة القادرة على مواجهة التحديات الراهنة، حيث يتطلع المواطنون إلى تحقيق المزيد من التطور والرقي في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتحسين الخدمات العامة، وأن يسفر هذا الاستحقاق على حسن استثمار الثروات الطبيعية التي تزخر بها البلاد لتحقيق الأمن الغذائي والاستقلال الاقتصادي وتعزيز الأمن الوطني.
من إفريقيا إلى آسيا وأوروبا والأمريكيتين، يتابع العالم بترقب نتائج هذه الانتخابات التي قد ترسم خريطة جديدة للتحالفات والسياسات الدولية، وتعكس في الوقت ذاته تنوع المشهد السياسي العالمي وتفاوت تطلعات الشعوب في مختلف القارات.
وقد شهد النصف الأول من هذه السنة كذلك انتخابات رئاسية في روسيا أبقت الرئيس فلاديمير بوتين في منصبه لولاية أخرى، وانتخابات بلدية حاسمة في تركيا غيرت المشهد السياسي في البلد بعد أن تراجع حزب العدالة والتنمية الحاكم لصالح حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا. وخلال شهري ماي وجوان، عرف العالم خمس انتخابات رئاسية وبرلمانية هامة، بدأت في إيران وانتهت في رواندا مرورا بموريتانيا وبريطانيا وفرنسا. وكانت لنتائجها وقع مؤثر في هذين البلدين الأوروبيين، حيث طوت المملكة المتحدة بشكل رسمي صفحة حزب المحافظين بعد 14 سنة من الحكم بعد أن منح البريطانيون حزب العمال أغلبية مطلقة في انتخابات تشريعية حاسمة. وانقلب الحال رأسا على عقب في فرنسا، بعد أن فاز تحالف اليسار في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية على اليمين المتطرف الذي كان أقرب ما يكون إلى السلطة في الجولة الأولى.
كما يترقب العالم الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة، حيث تشكل هذه الانتخابات حدثًا عالميًا ذا أهمية بالغة، ليس فقط بالنسبة للأمريكيين، ولكن أيضًا لبقية العالم. الانتخابات القادمة، المقرر إجراؤها في نوفمبر 2024، تشهد تنافسًا حادًا وسباقا محموما بين المترشحين المتنافسين على البيت الأبيض، الرئيس السابق دونالد ترامب عن الجمهوريين، وكامالا هاريس عن الديمقراطيين، في ظل تصاعد النقاشات حول قضايا رئيسية مثل الاقتصاد، والرعاية الصحية، وسياسة الهجرة، والعلاقات الخارجية خصوصا ما يتعلق بتحديد مسار الحرب على غزة والضفة الغربية ومستقبل القضية الفلسطينية بشكل عام.
إجمالا، وعلى الرغم من تنوع السياقات والأهداف السياسية والاقتصادية في كل بلد، يبقى القاسم المشترك هو الرغبة في تحقيق ديمقراطية حقيقية تمثل إرادة الشعوب، وأن تعكس هذه الانتخابات تطلعات الملايين نحو حكم أفضل وأكثر عدالة وأمنا. وستؤدي هذه الانتخابات دورًا محوريًا في رسم معالم العلاقات الدولية للسنوات القادمة، حيث يمكن أن تسفر عن إعادة تشكيل التحالفات الجيوسياسية وتغيير موازين القوى في العالم. هذا الواقع يجعل من عام 2024 عامًا حاسمًا ليس فقط للدول التي تشهد انتخابات، بل أيضًا للمجتمع الدولي بأسره.


الانتخابات، 75 دولة، 2024، تحديد مصير


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع