مدونة د. نايف بن ناصر المنصور


انحراف المرأة المسلمة أسبابه وآثاره وعلاجه

الدكتور نايف بن ناصر المنصور | Naif naseer almansoor


10/10/2022 القراءات: 2157  


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم؛ أما بعد:
فكوننا مسلمين، فإنه يتطلب من المسلم الالتزام بعبادة الله سبحانه، وامتثال أوامر الشرع الحنيف، والسير على طريق الاستقامة والسلوك السليم، والابتعاد عن الوقوع في الشهوات المحرمة، والانحراف عن جادة الحق والفطرة السليمة، وخاصة فيما يخص المرأةَ المسلمة، فهي ذات قيمة خاصة، فالإسلام رفعَ شأن المرأة وحَسَّنَ حالها، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالرفق بهنَّ، ونهى عن تزويج الفتيات كُرهًا وعن أكل أموالهن بالباطل، ومن ذلك أيضًا فقد نزلت سورة خاصة بهنَّ تسمى سورة النساء توضح فيها أحكام المواريث، وكيفية معاملة المرأة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فإنهن خُلقنَ من ضِلَعٍ، وإنَّ أعوجَ شيءٍ في الضلَع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزلْ أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا»، والآثار في ذلك كثيرة، ورغم أن معدل الانحراف عند المرأة أقل منه عند الرجل، فإنه أشد تأثيرًا، كون المرأة هي قلب الأسرة إن كانت أمًّا وزوجة، ووضع حساس في وضعها ابنة أو أخت.
ويجدر بنا في البداية معرفة الانحراف في اللغة: فهو الميلان، يقال: انحرف عن كذا، أي حال عنه، وجاء بمعنى مال وعدل، وإذا مال إنسان عن الشيء قيل انحرف، والإنسان على حرف من أمره؛ أي: على انحراف، وعلى ذلك يمكن القول بأن الانحراف في اللغة الخروج والميل عما هو مألوف في ذلك المحيط الذي يعيش فيه.
أما تعريفه في الاصطلاح، فقد عرَّف علماء الاجتماع الانحراف بأنه الخروج عن السلوك السوي التي تحرمها القوانين، وتستوجب عقوبات خاصة، وكما تعد خروجًا عن قيم المجتمع وتقاليده، وقد عرفه (بول تابان): كل سلوك أو موقف يمكن أن يُعرض أمرُه على المحكمة ويصدُر فيه حكم قانوني
فللمرأة وضع خاص وتغيرات فسيولوجية تؤثر نوعًا ما في سلوكها وحالتها النفسية تتمثَّل في آلام فترة الطمث الشهرية التي تجعل المرأة أقل ضبطًا لنفسها، وقد تصادف أيضًا أنواعًا أخرى من التعرض للعنف والانتقاص داخل الأسرة والتعرض للصدمات الشخصية في العلاقات مع الآخرين مما يوقعها في الانحراف بأنواعه.
ويوجد عدة أسباب تؤدي لانحراف المرأة المسلمة وتوقِعها في الخطأ والمعصية، وبراثن أهل السوء، وهي: ضعف الوازع الديني، فالدين هو الذي يردع الإنسان عن عمل المعصية والوقوع في السلوك المنحرف، وكذلك الوقوع في علاقات محرمة مع الرجل، والتعرض للخداع بالزواج، والانتقام من الزوج أو الأب لأسباب وظروف خاصة، والمدرسة التي تعد الحاضن الثاني الذي يكوِّن شخصية الفرد وسلوكه، وقد تكتسب المرأة من المعلمة أو الزميلات السلوك والأخلاق السيئة، ووجود أسباب اقتصادية مثل الفقر أو الثراء الفاحش، فهذه التغيرات لها أثرها في سلوكها جادةَ الانحراف.
وهناك عواملُ ساعدت على انحراف المرأة في العالم، وخاصة في المجتمع المسلم، وأثَّرت في استقرارها الفكري والأخلاقي والأسري، عن طريق الحركات النسوية والمنظمات والمؤتمرات الدولية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: المؤتمرات الدولية التي تنعقد بشأن المرأة في العالم، من أهمها كان في ميثاق الأمم المتحدة الذي أبرم في سان فرانسيسكو في 26/6/1945م، ونص على عدم التفرقة بين الناس بسبب الجنس.
وفي عام 1948م صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تنص المادة الثانية منه على أن: (لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي؛ سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني، أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر)، وكذلك المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في بكين - الصين 1995م الذي تميَّز عن غيره من المؤتمرات بجرأته على الأخلاق، ودعوته الصريحة للحرية الجنسية (بما فيها ما يسمى زواج المثلين)، والتنفير من الزواج المبكر، والعمل على نشر وسائل منع الحمل، والحد من خصوبة الرجال، وتحديد النسل، والسماح بالإجهاض المأمون، والتركيز على التعليم المختلط بين الجنسين وتطويره، وكذلك التركيز على تقديم الثقافة الجنسية للجنسين في سن مبكرة.
والمؤتمر العالمي الأول للسكان ببخارست - رومانيا 1974م، وقد اعتمدت في هذا المؤتمر خطة عمل عالمية، جاء فيها: الدعوة إلى تحسين دور المرأة ودمجها الكامل في المجتمع، والدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل، والدعوة إلى تحديد النسل، وتخفيض المرأة لمستوى خصوبتها.
ووجود مؤسسات خاصة بشؤون المرأة في الدول العربية؛ مثل: المجلس القومي للمرأة بمصر، المجلس الأعلى لشؤون المرأة في بعض دول الخليج كالبحرين وقطر، ووجود مكتب كبير منسقي قضايا المرأة الدولية بوزارة الخارجية الأمريكية الذي تقول رئيسته إبريل بالمرلي في كلمة لها بعنوان (النساء في مجتمع عالمي): «حدد مكتبي ثلاثة مجالات عامة للسياسة سوف نستهدفها في جهودنا القادمة، وهي المشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة، ومن أهداف المكتب تشجيع الحريات للمرأة والترويج لقضاياها، وغير ذلك من المؤتمرات التي تهدف إلى هدم الأسرة وكيانها المتمثل في دفع المرأة للانحراف، والانحراف كما بينا سابقًا هو الخروج عن السلوك السوي الذي تحرِّمه القوانين وتستوجب عليه عقوبات خاصة، وينتج عنه جملة من الآثار هي:
ترك العمل بالشريعة في كثير من مجالات الحياة؛ مثل عدم الالتزام وكشف جزء من اللباس، والتعطر أثناء الخروج، وقد روى أبو هريرة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار: أحدهما نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها".
وقد يؤدي فساد المرأة كزوجة إلى سخط الزوج عليها والبحث عن بديل آخر للحصول على المتعة والرعاية، وأحيانًا للانتقام من الزوجة، وانهيار العلاقة داخل الأسرة ونشوء حالة الشك والعداوة بين الزوجة والزوج، وإهمال الأبناء، وكثيرًا ما يحصل ذلك بوقوع الطلاق بين الزوجين.




انحراف-مرأة-مجتمع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع