مدونة بركات احمد


الاقتصاد الجديد الاقتصاد المعرفي (تابع5)

البروفيسور :بركات احمد | Professeur. BERKAT AHMED


31/10/2020 القراءات: 3239  


أهمية اقتصاد المعرفة: شهدت البشرية في العقود الأخيرة تحول كبير وعميق في مسارها وهـو ما أصـطلح على تسـميته بالمعلوماتية والتي جعلت المعرفة أساس الموارد والقوة والتقدم. وكما كانـت المجتمعـات والـدول المتقدمـة توصـف بأنهـا زراعيـة ثم صناعية فإنها اليوم توصف بأنها مجتمعات واقتصاديات المعرفة. وهـي مرحلـة اقتصـادية واجتماعيـة هامـة في تـاريخ البشـرية تجعـل المعرفـة مـوردا تسـعى المجتمعـات والـدول عامـة لاكتســابه وتقتضــي بالضــرورة إعــادة صــياغة المجتمعــات والسياســات للتكيــف معهــا فكمــا غــيرت الزراعــة في المجتمعـات والـدول والحضـارات بانتقـال البشـرية مـن الصـيد إلى الرعـي، وكمـا غـيرت الصـناعة في مـوازين القـوى والعلاقـات الدوليـة الإستراتيجية والاقتصـادية فـإن المعرفـة تغـير معظـم المنظومـات الاقتصـادية والتنمويـة والسياسـية والإستراتيجية. إن أهميـة اقتصـاد المعرفـة تـبرز مـن خـلال الـدور الـذي تؤديـه مضـامينه ومعطياتـه ومـا تفـرزه مـن تقنيـات متقدمـة في مختلــف المجــالات، وتتمثــل الإســهامات الأساســية لمضــامين اقتصــاد المعرفــة في ثــورة المعلومــات والاتصــالات والاستخدام الواسع للمعرفة والعلم، وتتمثل أهم هذه الإسهامات فيما يلي:
- إن المعرفـة العلميـة والمعرفـة العمليـة بالـذات والـتي يتضـمنها اقتصـاد المعرفـة تعتـبر هـي الأسـاس في توليـد الثـروة وزيادتهـا وتراكمهـا، هـذه الزيـادة في الثـروة الـتي ارتـبط نشـوء علـم الاقتصـاد بالبحـث عـن أسـباب تحققهـا حيث أن هذا الإسهام للمعرفة وبالذات التقنية المتقدمـة منهـا خصوصـا أدى إلى أن يكـون ( بيـل غـايتس) أغـنى رجل في العالم والذي ارتبطت ثروتـه بالحاسـوب وتقنياتـه خـلال فـترة قصـيرة وبعمـر مبكـر، وأن ثالـث أغـنى رجـل في العالم ترتبط ثروته بالاتصالات. - الإســهام في تحســين الأداء ورفــع الإنتاجيــة وتخفــيض تكــاليف الإنتـــــاج وتحســين نوعيتــه مــن خــلال اسـتخدم الوسـائل والأسـاليب التقنيـة المتقدمـة الـتي يتضـمنها اقتصـاد المعرفـة ومـا يتـاح في إطـاره مـن معرفـة علميـة وعمليـة يسـاندها قـدر واسـع مـن المعلومـات الـتي تسـاهم في توفيرهـا الاتصـالات وبالشـكل الـذي يسـاعد علـى حسـن إدارة المشـروعات الاقتصـادية، حيـث أن أكثـر مـن نصـف الزيـادة في إنتاجية الاقتصـاد الأمريكـي كانـت جراء استخدام التكنولوجيا المتقدمة في المعلومات والاتصالات. - زيــادة الإنتــاج والــدخل الــوطني وإنتــاج المشــروعات ، والإســهام في توليــد دخــول الأفــراد الــذين تــرتبط نشـاطاتهم بهـا سـواء بشـكل مباشـر أو غـير مباشـر وبالـذات في المجـالات الصـناعية الـتي تـبرز فيهـا صـناعة أجهـزة ومعــدات الإلكترونيــات الدقيقــة وصــناعة معــدات الفضــاء والاتصــالات والصــناعات البيولوجيــة والكيماويــة وغيرها، والتي تتحقق من خلالها زيادة مهمة في إنتاج الاقتصاد الوطني ككل. - الإسـهام في توليـد فـرص عمـل و بالـذات في المجـالات الـتي يـتم فيهـا اسـتخدام التقنيـات المتقدمـة، الـتي يتضمنها اقتصاد المعرفة نتيجة التوسع والتنوع في النشاطات الاقتصادية التي تستخدم التقنيات المتطورة. - يساهم اقتصاد المعرفة وتقنياته في إحداث التغير والتحديث والتطور للنشاطات الاقتصادية وبمـا يسـهم في توسعها ونموها بدرجة كبيرة وبشكل متسارع ومتزايد وبذلك يتم تحقيق الاستمرارية في تطور الاقتصاد ونموه. - إسـهام اقتصـاد المعرفـة ومضـامينه في التحفيـز علـى التوسـع في الاسـتثمار، خاصـة الاسـتثمار في المعرفـة العلمية والعملية من أجل تكوين رأسمال معرفي يسهم بشكل مباشـر في توليـد إنتـاج معـرفي وزيادتـه وبشـكل غـير مباشــر في الإنتــاج الــذي يســتخدم التقنيــات المتقدمــة وذلــك مــن خــلال تــوفير فــرص الاســتثمار المــربح ؛ إذ أن الاستثمار هو حالة للأرباح والأرباح حالة للتقدم التكنولوجي والذي تمثله التقنيات المتقدمة الـتي يوفرهـا اقتصـاد المعرفة.
- إســهام اقتصــاد المعرفــة بمضــامينه وتقنياتــه في تحقيــق تغــيرات هيكليــة واضــحة وملموســة في الاقتصــاد بحيث تتضمن هذه التغيرات الهيكلية ما يلي:
- زيادة الأهمية النسبية للإنتاج المعرفي وبالذات غير الملموس أي غير المادي. - زيادة الأهمية النسبية للاستثمار في المعرفة والذي هو استثمار وتكوين لرأس المال غير الملموس. - زيادة الأهمية النسـبية للعـاملين في مجـالات المعرفـة المرتبطـة باسـتخدام التقنيـات المتقدمـة خاصـة العـاملين ذوي المهارات والقدرات المتخصصة عالية المستوى. - زيادة الأهمية النسبية للصادرات من المنتجات المعرفية وبالذات الصادرات غير المادية غير الملموسة. - إسهام اقتصاد المعرفة لا في إضافة مورد وعنصر إنتــاجي مهــم - ألا وهو عنصر المعرفة العلمية- فحسـب بـل وإلى التحقيـق مـن قيـد المـوارد وبالـذات الطبيعيـة منهـا وبالارتبـاط بتكنولوجيـا المـواد الـتي يـتم مـن خلالهـا اسـتنباط مـوارد جديــدة، وإضـافة اسـتخدامات جديـدة للمـواد المعروفـة وتحسـين مـا هـو موجـود منهــا بالشكل الذي يسمح بزيادة الإنتاج وبذلك ضمان استمرار التوسع في النشاطات الاقتصـادية وتطورهـا و نموهـا بـدون محـددات تحـد مـن ذلـك، بالـذات المحــددات الطبيعـة (المـوارد الطبيعيـة) الـتي تتسـم بالنـدرة إزاء الطلــب عليها. - مسـاهمة اقتصـاد المعرفـة في إيجـاد نمـط جديـد للتخصـص وتقسـيم العمـل، الشـيء الـذي يـؤدي بالـدول المتقدمـة إلى احتكـار توليـد التقنيـات عاليـة التطـور بالشـكل الـذي يـؤدي إلى اعتمـاد الـدول الناميـة عليهـا في حصـولها علـى منتجـات اقتصـاد المعرفـة دون أن تسـاهم في توليـدها ؛ بـل وحـتى دون أن تتـوفر لهـا القـدرة علـى استخدامها بكفاءة وفاعلية وهو الأمر الذي يزيد من فجوة تخلفها. نتيجة لكل ما سبق أصبحت مضامين اقتصاد المعرفة ومعطياته وتقنياته المتقدمة والمجالات الـتي تولـد هـذه التقنيـات وتسـتخدمها في المجـالات القائـدة لعمليـة تطـور الاقتصـاد ونمـوه والمرتبطـة بثـورة المعرفة .


معرفة، اقتصاد، مؤشرات، متطلبات.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع