مدونة أ.د حمود محسن قاسم المليكي


دور الإعلام في التنمية السياسية

أ.د حمود محسن قاسم المليكي | Hamood Mohsen Gasem Almolukey


08/07/2021 القراءات: 5134  


أصبح تطور وسائل الإعلام جزءاً من تطور الحياة السياسية بشكل عام، فلا يمكن للمجتمعات السياسية المعاصرة البقاء، من دون انتشار واسع واتصالات سريعة يوفرهما الإعلام، وإن المعلومات المهمة عن الأحداث التي تقع في أي مكان من العالم، تبث في كل مكان في دقائق قليلة، وبذلك أصبحت أجزاء واسعة من هذا العالم بمثابة متلقٍ واحد، تحركه الأحداث ذاتها وتدفعه الميول أيضا, وتعد وسائل الإعلام من أفضل الأدوات وأكثرها خطورة في ربط الصلة بين الحاكم والمحكوم، على وفق السياسة الإعلامية لهذه الوسائل، التي تخضع عن وعي أو من غير وعي، لتعكس البصمات الواضحة على تدخلات السلطة في الإعلام، وقد أثبتت التجربة العملية إن ما من إعلام حر ومستقل بالمطلق، فكل أجهزة الإعلام تخضع لنظم رقابية، تمارس أشكالاً من التدقيق والحجب على مضمون الرسائل ففي وقت تأخذ فيه أغلب الأنظمة الرقابية أشكالاً سياسية أو قانونية أو اقتصادية، حيث بدأت بعض الدول بوضع رقابات غير مباشرة تأخذ صيغ تقنية، وخاصة في الدول النامية، التي توجه الإعلام لأغراض التعبئة السياسية ويمكننا القول إن وسائل الإعلام استخدمت في الحياة السياسية لعدة أغراض منها : بيان ما هو مهم وما هو غير مهم، وما الذي يستحق أن يكون ذو صلة سياسية بحياة المواطنين، وترتيب الأجندة السياسية لهم، وكذا أداة لتحريك الرأي العام من خلال خلق رأي عام مساند واستغلال تأييد المنتفعين من قضية ما، ومخاطبة اهتمامات الفئات المعارضة وكسب تأييدهم ودعمهم للقضية، عن طريق التنويه، الذي يتحقق بتقديم المعلومات الملائمة لتحقيق الأهداف، والحفز على التغيير، وخلق الطموحات الممكنة لدى الأفراد المستهدفين، والدعوة للمشاركة، والمشاركة هنا هي المطلب الأساس في إحداث التغيير. كما استخدمت مصدراً للمعلومات لأولئك الذين لديهم خطط وطموحات، إذ إن الإعلام يقوم بدور حيوي في جذب الشركاء وتكوين جمهور من الأنصار والمساندين، وإنشاء اتصالات وثيقة وآليات للتنسيق بين المنظمات والأفراد، ومواجهة السلطة للإعلام المضاد الذي تتعرض له، عن طريق تحصين مواطنيها عبر وسائل الإعلام المحلية باستخدام أساليب مختلفة كإثارة الخوف والقلق وزيادة التوتر عند المتلقي، من نتائج غير مرغوبة لديه، مما يجعله يقاوم الرسائل الإعلامية المضادة.
كما يستخدم كأداة سياسية للإشهار عن مواقف للدولة: ويقوم الإعلام بوظائف محددة يؤديها تنفيذًا للدور الذي تفرده له السياسات العامة للدولة، تتمثل بالاتصال بالأفراد والشرائح الاجتماعية والجماعات والكتل السياسية والمنظمات، والحوار مع القوى المؤثرة في اتخاذ القرار السياسي، من شخصيات وأحزاب وكتل برلمانية، للوصول إلى الحد الأقصى من الفاعلية، التي تخدم سياسات معينة للدولة.
وإذا ما أردنا توظيف الإعلام لخدمة التنمية السياسية بشكل صحيح يهدف لتعريف الفرد بحقوقه وواجباته السياسية وكيف يمارسها بوعي وخلق ومسؤولية تنمية تقوم على مبادئ الحرية والديمقراطية والعقلانية، فان ذلك التوظيف وذلك الدور يجب أن يكون من خلال الآتي :
• توعية إفراد المجتمع وبالأخص الناشئة بالقضايا والنظم السياسية من أجل تكوين ثقافة سياسية بأمور الحكم والدولة وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة الواسعة والحقيقية أمام الأفراد للتعبير عن الآراء الحزبية والبرامج الدعائية للأحزاب والجماعات السياسية، وإحاطة النشء بالخطوط العامة للمناخ الذي يعيشه من أحداث داخلية وخارجية حتى لا يعيش بمعزل عما يجري حوله، خاصة في عصر التقدم الهائل في وسائل الاتصال والأقمار الصناعية والذي جعل العالم قرية صغيرة.
• التوعية بالديمقراطية وأهميتها وقواعدها السليمة واحترام حقوق الأفراد في التعبير عن أنفسهم وتحقيق المساواة السياسية واحترام الرأي والرأي اﻵخر، وتوعيتهم بالانتخابات وتعريفهم بما يجري حولهم من أحداث سياسية سواء في بلدهم أو البلاد المحيطة بهم والتي قد تؤثر على الأمن القومي للبلاد. وتعريفهم بطرق وأهمية الحكم الذاتي وبدستور البلاد وقوانينها السياسية وبرلمان المدرسة والاتحادات الطلابية مما يؤدي إلى الوصول لمفهوم الديمقراطية للناشئة بصورة مبسطة وسليمة تقوم على الحوار والتدريب علي تقبل الرأي والرأي اﻵخر.
• التعريف بالشخصيات السياسية المهمة التي كان لها دور مهم في الأحداث التاريخية عبر السنين.
• توعية القائمين على التعليم بأهمية التربية السياسية والدور الملقى على عاتق المؤسسات التعليمية وعلى رأسها المدارس في نقل واكتساب الناشئة للمعارف والمفاهيم والقيم والمبادئ السياسية وضرورة أن تتضمن المناهج الدراسية مقررات عن التربية السياسية وأن يكون المعلم على إلمام تام بها ليؤدي دوره على أكمل وجه، وكدا توعيتهم بممارسة الأنشطة الطلابية والتركيز على ضرورة إيجاد اتحادات طلابية عن طريق الممارسة الديمقراطية لتعويد الناشئة العملية الديمقراطية وممارستها داخل المؤسسات التعليمية.


دور - الإعلام - التنمية السياسية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع