مدونة يحيى محمود سالم التلولي


حوارات هادئة/ أنكر الأصوات

د. يحيى محمود سالم التلولي | Dr. Yahya Mahmmoud Salem Tlouli


27/09/2023 القراءات: 870  


حوارات هادئة
أنكر الأصوات
بقلم/ د. يحيى محمود التّلولي
قال صاحبنا: ذكر في القرآن قوله: {وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}(لقمان: 19) أليس في هذا تحقيرا للحمار في أمر ليس له فيه دخل أو ذنب؟
فقلت: يبدو أنك تقرأ آيات القرآن سطحيا بلا تمعن أو نظر، فلو نظرنا إلى سياق الآية، سنجد ما يلي:
أولا: هذا الكلام جاء على لسان لقمان في معرض وصاياه لابنه.
ثانيا: سياق الآية هو وصف لواقع الحال الذي عليه صوت الحمار وشدته.
ثالثا: صوت الحمار مستنكر لدى الإنسان؛ بما يسببه من إزعاج شديد لمسامعهم.
رابعا: لا يوجد في الآية لا من قريب ولا من بعيد ما يدل على تحقير الحمار.
لكنه أردف قائلا: لو سلمنا بصحة ما تقول، فقد جاء في موضع آخر من القرآن قوله: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}(الجمعة: 5) أليس هذا كذا؟
فقلت: لقد عدت إلى المربع الأول بفهمك، فسياق هذه الآية فيه التالي:
أولا: تشبيه لبني إسرائيل (أو وصف لواقع حالهم) الذين نزلت عليهم التّوراة، فعلموا ما فيها، ولم يعملوا به، أو لم يعلموا ما فيها، ولم يعملوا به.
ثانيا: التّحقير هنا لبني إسرائيل، وليس للحمار.
ثالثا: ما هو مستنكر في الآية عدم فعلهم بمقتضى أحكام التّوراة أمرا ونهيا.
ألا ترى في قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(الأعراف: 179) أن الله ذكر حال الكفار الذين عطلوا حواسهم عن آيات الله وهدايته، وشبههم بالأنعام، بل هم أسوأ حلا من الأنعام في أسلوب بلاغي راق، حيث أكد فيه الذّم بما يشبه المدح.


أنكر- الأصوات- الحمير


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع