الايدلوجية الاداتية بين دكتور جيكل ومستر هايد
د/ احمد صلاح الدين ابوالحسن | Dr Ahmed Salah Aldin Abo ALhassan
08/03/2022 القراءات: 2717
تحدد الأيديولوجيا اصطلاحاً بأنها "النسق الكلي لـلأفكار والمعتقدات والاتجاهات العامة الكامنة في أنماط سلوكية معينة. وهي تساعد على تفسير الأسس الأخلاقية للفعل الواقعي، وتعمل على توجيهه. و تبرير السلوك الشخصي، وإضفاء المشروعية على النظام القائم والدفاع عنه، وجميع الأيديولوجيات تكون متشابهة في شيء واحد، وهو أسلوبها العاطفي وطبيعتها المحركة لعقول الجماهير.
وهناك مظاهر عديدة يمكن رصدها لتأثير الايدولوجية على التعليم فمثلا ايدلوجية (الجاوكاو (gaokao المنبثقة من تراث كونفوشيس وتعاليمه في الصين وتقوم على الدفاع عن حق الجميع في التعلم؛ لوضع أسس نظام تعليمي ناجح، قائم على معادلة التفوق = تدريبات مجهدة لإثبات الجدارة. لذا تفرض اختبارات تقييمية لإبراز الفروق العلمية والمعرفية بين جميع. بالطلاب بشكل صارم وعادل ويتم ذلك بإجراء اختبارات سنوية مصيرية للقبول في الكليات تعرف باسم ايدلوجية (الجاوكاو)، تضمن جودة مدخلات التعليم العالي الصيني.
واوضحت دراسة استقصائية أجريت عام قوة هذه الايدلوجية عام 2017 بوجود فروق كمية تبرز تفوق الطلاب الصينين بمعدل أكثر بحوالي 3.7 مرات من نظرائهم اليابانيين، و4.8 أضعاف عن طلاب كوريا الجنوبية في زمن الاستذكار ، مما جعل الصين تتربع قائمة الدول الأكثر صرامة تعليمية في العالم ويسجل طلابها في المرحلة الثانوية درجات عالية في الاختبارات الدولية في مضامير الرياضيات والقراءة والعلوم وغيرها.
وعلى هذا النحو أيضا يمكن اعتبار العلم - ومصنّعاته التقنية - نوعاً من أيديولوجياً ازدادت قوة بعد أن غادر العلم موقع المنتج الفوقي وصار يؤثّر في حياة الناس بطريقتين : الأولى حسية مباشرة يستشعرها الناس وهم يتعاملون مع مخرجاته التقنية بشكل يومى ، والثانية عقلية - سيكولوجية مركّبة عدلت رؤية الناس لأنفسهم وعلاقتهم مع الكون .
لكن الخطورة ان يتحول العلم الي ايدلوجية في مؤسسات تسلطية ذات طبيعية اكاديمية تخدم ايديولوجية بعينها دون غيرها او تتمسك بنظرية معينة دون غيرها باعتبارها هي المفسر الوحيد للكون وللعالم، لتضرب الحرية الاكاديمية في مقتل كمثال نظرية التصميم الذكي في مقابل نظرية التطور، كذلك ان تستبعد العلوم الانسانية والفلسفية تحت ظن اعتبارهم علوماً لا تستطيع مواكبة العلم واعتبار أن العلم الفيزيائي هو العلم الوحيد المفسر للكون، فيتحول العلم من العقلانية الي اللاعقلانية ويجعل من العلم أيديولوجيا قاسية وشرسة.
والان اصبح هناك قلق مبرر للخطورة المتصلة بالأيديولوجية التقنية او الآداتية التي كان لها دور في تطوير الإنتاج الفكري والثقافي وتقديم رسائل جديدة بألوان جديدة وغايات جديدة وتطويرها وعولمتا، ولكن على الناحية الاخرى تعد نشاط إيديولوجي بأدوات جديدة أحدثت ومازالت تحدث تبدلات قيمية أو مفاهيمية و تغييراً في الممارسات الاجتماعية والاقتصادية ، وتدفع البشر تحت وطأة جاذبيتها دون أن يشعروا الى تبنى سلوكيات معينة من خلال تقنيات مصممة أو معتمدة للوصول إلى ما دون الوعي أو اللاوعي البشرى.
الاديولوجية - الجاوكاو - التقنية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع