يُعد (مارتن لوثر) طليعة التمرُّد الكنسي وأحّد أبرز روّاد حركة الاصلاح الديني البروتستانتي في القرن السادس عشر الميلادي، وقد تضمّن نتاجه الفكري المُتأخّر شكلاً من العداء الواضح المُنصب على اليهود كطائفة دينيّة وجماعة قوميّة ذات صيرورة خاصّة لم تنجح في التماهي والاندماج مع شروط المُجتمعات الأوروبيّة التي وجدت في كنفها، وهو ما عُرِف لاحقاً في الأدبيّات السياسيّة بـ(اللاساميّة) التي تميّزت كظاهرةٍ بجُملةٍ من الخصائص والسمات، وكانت دوافعه لكراهيّة العُنصر اليهوديّ مزيجاً من النصوص الدينيّة والنظريّات العرقيّة والعوامل الاقتصاديّة والهواجس الأُخرويّة-الأُسطوريّة، ودون أن يعني ذلك بالضرورة أن (لوثر) لم يكن ذا مواقف مُغايرة في مرحلةٍ مُبكّرة من تصدّيه للمسألة اليهوديّة.