العدد الخامس قراءة في كتاب
صناعةُ الهوية العلمية للعلماء والخبراء والباحثين / قراءة في كتاب
11/11/2020
تأليف : د.سيف السويدي ـــ أ.طارق برغاني
يعد هذا الكتاب واحدا من أهم المؤلفات العلمية التي تقدم خريطة طريق متكاملة للعلماء والخبراء والباحثين الناطقين بالعربية أينما كانوا في كيفية تسويق منتجهم العلمي، وجعلهم يحتلون المكانة التي يستحقونها بين أقرانهم في مختلف أرجاء المعمورة، لا سيما وان ما يقدمونه يشكل مكسبا علميا كبيرا في مختلف المجالات العلمية الانسانية والتطبيقية .. مجلة « صدى أُُريد « وحرصا منها في إتاحة هذا الكتاب للجميع ستقدمه على أجزاء، وهي تقدم شكرها وثنائها لمؤلفي الكتاب د.سيف السويدي و أ. طارق برغاتي على موافقتهما على نشره من باب ( زكاة العلم نشره ) نسأل الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتهم .
علم الاقتصاد
إنَّ المُطّلعَ على تاريخ صناعة الهُويَّة (الماركة) الشخصية يدرك تماما فضل المجال الاقتصادي، بشكل عام، في نشأة هذا المفهوم وتطوره، حتى انتقل استخدامه إلى ميادين مختلفة. إن الانطلاق من معنى مصطلح الماركة أو العلامة يشير منذ الوهلة الأولى إلى ما هو اقتصادي، فيتبادر إلى الذهن فروع مختلفة مرتبطة بهذا المجال مما هو تصنيعي، تجاري، تسويقي، إنتاجي واستهلاكي، «ادعت الشركة البريطانيةBass & Company أن علامتها المتمثلة في المثلث الأحمر هي أول علامة تجارية في العالم، وادعت أيضا شركة Lyle للشراب الذهبي ادعاء مماثلا، بعد إحرازها على رقم قياسي عالمي ضمن موسوعة غينيس للأرقام القياسية، كأقدم ماركة تجارية بريطانية، بعبواتها وأغلفتها المزخرفة باللونين الأخضر والذهبي، والتي لم تتغير منذ سنة 1885» .
ومع الثورة الصناعية وزيادة الإنتاج وظهور المنافسة بين البضائع المحلية والمستوردة، وانفتاح السوق، وتنامي الروح الاستهلاكية عرف مفهوم العلامة التجارية نقلة نوعية وانتشارا واسعا من أجل خلق نوع من الألفة بين المستهلك والسلعة، فقد «استطاعت المصانع التي أنشأت خلال الثورة الصناعية، إنتاج كمية كبيرة من البضائع وكانت محتاجة إلى سوق أوسع لكي تبيع منتجاتها، كما أرادت كسب شريحة من الزبائن المعتادين على السلع المحلية الجيدة. وسرعان ما اتضح أن نوعية جديدة من الصابون المعلب بطريقة مختلفة واجهت صعوبة في التنافس مع المنتجات المحلية المألوفة. وكان مصنعي السلع المعلبة مضطرين إلى إقناع الزبائن بأن يضعوا ثقتهم في المنتجات غير المحلية تماماً كما هو الشأن في المنتجات المحلية.
واعتبرت كل من منتجات Campbell›s soup، Coca-Cola، Juicy Fruit chewing gum، Aunt Jemima،Quaker Oats oatmeal من بين المنتجات الأولى التي تم وضعها تحت اسم «علامة تجارية» في محاولة لزيادة الألفة بين منتجاتها والمستهلكين...» .
التسويق
كما هو الشأن بالنسبة لتعزيز الذات والترويج لها على وسائل الإعلام وعلى الواقع أيضاً، من أجل بناء الماركة الشخصية، فإن الدعاية والتسويق للمنتج أو الخدمة باستخدام طرق الدعاية المختلفة أمر ضروري لبناء العلامة أو الماركة التجارية، فالتسويق في كلتا الحالتين ينطلق عموماً من المبدأ نفسه، ويهدف إلى الغاية نفسها، وهي إبراز ميزات المنتج أو الشخص وخصائص الجودة لديه ونقاط القوة عنده، لذلك نجد أن نجاح عملية بناء العلامة الشخصية لا بد لها من أن تعتمد على عملية التسويق الذاتي الذي يستمد بالأساس مجموعة من المبادئ والآليات المستخدمة في التسويق التجاري، «...وتجدر الإشارة إلى أن الغاية من عملية بناء العلامة هي فقط من أجل تطوير وتلميع صورة منتج أو خدمة ما بغرض إعطائها جميع المواصفات الضرورية لإرضاء الزبون، إن نفس الشيء يمكن أن يقال بالنسبة للماركة الشخصية...»
«لا شك أن الشركات العلمية البارزة تدرك جيدا أهمية الماركات التجارية والتسويق...في كتابها «No Logo» تشير «ناعومي كلاين» إلى أن بعض الشركات العالمية الآن تعتبر أن وضع ماركتها العالمية وتسويقها أكثر أهمية من المنتج أو الخدمة التي يقدمونها، ولدى أغلبية تلك الشركات جيش من خبراء التسويق مسؤوليتهم الوحيدة هي إدارة الأسلوب الذي يتم به استيعاب الماركة التجارية وإدراكها...» .
التدبير وإدارة الأعمال
إن مصطلح التدبير صار مستخدما في جميع المجالات المهنية والحقول المعرفية، « ...نشأ علم التدبير في أحضان علم الاقتصاد منذ القرن التاسع عشر الميلادي، وتطور كثيرا في القرن العشرين وسنوات الألفية الثالثة، وقد غزا كل مرافق الحياة، وأصبحت نظرياته وتوجهاته تطبق في مجالات متنوعة ومختلفة، مثل: علم الإدارة، والتربية والتعليم، والسياسة، والثقافة، والتسويق، والصناعة، والتجارة، والمالية والأبناك... « .
ورغم التأويلات المختلفة للمفهوم تبعا لاختلاف الميادين والسياقات الموظفة للمصطلح كتدبير الموارد البشرية، تدبير المقاولات، تدبير النفقات، تدبير الشأن العام... فهو يدل عموما على التخطيط والتسيير والتنظيم والقيادة والإدارة والمراقبة لتحقيق الجودة والفعالية.
وضمان حسن التدبير وإدارة مختلف المدخلات والمخرجات يعتبر شرطا أساسيا في إنجاح خطة بناء العلامة (الماركة) الشخصية، «...على الطلاب الوعي بأهمية الأوجه والعناصر المختلفة المكونة «للماركة الشخصية»، بقدر ما يتوجب عليهم بذل الجهد في توظيفها بطريقة فعالة في عمليتي التخطيط والتدبير لحياتهم المهنية»
علم الاجتماع
إن فهم ودراسة مظاهر التجمعات البشرية والعلاقات الإنسانية وتفاعلاتها، وترابطاتها وأسس تشكلها والعوامل المتحكمة في تطورها وتدهورها والمساعدة في تقويتها أو إضعافها تعد من أبرز اهتمامات علم الاجتماع، وبحكم أن الشخص يعيش كفرد ضمن مجتمع وكعنصر منه وكوحدة تشكل نسيجه سواء داخل الأسرة أو الدراسة أو العمل أو المجتمع بشكل عام، فإنه لا يمكن له بناء علامة (ماركة) شخصية دون الأخذ بعين الاعتبار انتماءه إلى هذا المجتمع وفهم قيمه وعاداته وثقافته وحضارته وتاريخه وطريقة عيشه ولغته، ورؤيته للأمور وكيفية إقناعه والتأثير فيه، لأنه يسعى إلى رسم صورة خاصة له في ذهن هذا المجتمع والحصول على مكانة متميزة فيه.
والهُويَّة بوصفها مصطلحًا تحمل معانيَ متعددة ، مثل: الانتماء والارتباط والمرجعية والتعريف فإن جميع هذه الدلالات تجد لها ارتباطا في سياقات مختلفة من علم الاجتماع من قبيل الانتماء القبلي، والارتباط الأسري، والمرجعية الدينية، والهوية الوطنية، ومعلومات التعريف الشخصية... «ويشير مفهوم الهُويَّة إلى ما يكون به الشيء «هو هو»، أي من حيث تشخّصه وتحقّقه في ذاته، وتمييزه عن غيره؛ فهو وعاء الضّمير الجمعي لأيّ تكتّل بشريّ، ومحتوى لهذا الضمير في الوقت نفسه ، بما يشمله من قيم وعاداتٍ ومقوّمات تكيّف وعي الجماعة وإرادتها في الوجود والحياة داخل نطاق الحفاظ على كيانها...» .
الجودة
الجودة عنصر مهم في أي عمل أو مشروع يبقى مواكبا وموجها لجميع مراحله من التخطيط ورسم الأهداف إلى تحقيق النتيجة النهائية وتسويقها، عن طريق الالتزام الصارم والثابت بمعايير محددة لتوفير مواصفات موحدة في المنتوج أو الخدمة حتى تستجيب لمتطلبات فئة خاصة من الزبائن والمستخدمين .
وقد عرف مفهوم الجودة بدايته في مجال التصنيع، قبل أن يتم تعميمه في باقي الميادين، وتُعرِّف المنظمة العالمية للتقييس (ISO)، الجودة على أنها «مُجمل مميزات مادة ما تحدد قدرتها على تلبية الحاجات الموصوفة أو المتضمنة» .
يتبع .....
مواضيع ذات صلة