العدد الثامن قراءة في كتاب
صناعة الهوية العلمية للعلماء والخبراء والباحثين / قراءة في كتاب
18/02/2021
د.سيف السويدي ، أ.طارق برغاني
من الطبيعي أن يواجه الشخص مجموعة من العراقيل، وأن يفشل في عدد من المحطات، لكن الناجح هو الذي يتخذ من هذه العراقيل تحديا، ويحول مواقف الفشل تلك إلى بدايات للنجاح، فالتعلم من الخطأ صار إطارا نظريا في التعليم الحديث، بل أصبح دافعا نحو الإصرار على إثبات الذات، فكم من موقف قد يتعرض فيه الشخص بنوع من الإحراج أمام الناس بسبب تقدير خاطئ أو رد متسرع أو هفوة في الكلام...فيتوارى عن الأنظار ويصاب بالإحباط ويسيطر عليه اليأس.
لكن الشخص المتميز هو الذي لا يترك لهذه المواقف مجالا للتأثير السلبي في مساره نحو التفوق، بل إن إدراكه واقتناعه أن كل شخص معرض للخطأ وأن طريق النجاح ليست مفروشة بالورود، وأن التميز يحتاج إلى صبر وتضحية وإصرار.
كل هذه القناعات توجهه في المسار الصحيح وتكسبه طاقة من أجل الصمود والتحدي من أجل الرفع من مستواه، واكتساب مهارات جديدة وإبراز قدرات أعلى في مواقف مستقبلية، "ليس هناك شيفرة جينية داخلك تحدد من ستكون، وإنما أنت المفكر الذي تحدد من ستكون، فأسلوب تصرفك هو من ستصبح...وعندما تتمثل الشخصية التي تريد أن تلعبها فستحصل على الطاقة والإلهام..."[1].
وهو سبيل لتطوير الذات وتنمية المهارات وتقوية القدرات وتوسيع المعارف والكفايات، فكلما تعلَّم الشخص أكثر كلما كان أكثر تأثيرا، وأرقى تفكيرا، وأحكم تدبيرا، وأسرع في تقدير الأمور، وأنجع في حل المشكلات، وحظي باحترام العامة وبتقدير الخاصة، وسلك مسالك العظماء وارتقى في مدارج الفضلاء.
فالعلم المستمر مفتاح النجاح وسر الفلاح، وهو باب الحكمة، وعين العقل، وروح البصيرة.
فلا يجحد فضله إلا جاهل ولا ينكر قيمته إلا غافل، فكم من شخص استطاع بلوغ المجد بشرف العلم وكم من فرد تمكن من تحصيل المكانة والقدر بفضل العلم.
الفرصة قد تتاح مرة واحدة ولا تعود، حتى إذا ضاعت وأدرك الشخص قيمتها فيما بعد، تملكه الندم والحسرة وأصابه اليأس والخذلان، "الفرصة هي ذهب الحياة، وهي كل ما تحتاجه...فهي الحقل الخصب الذي تنمو فيه كشخص، والفرص مثلها كمثل تلك الجزئيات الكمية دون الذرية التي لا تبرز إلى الوجود إلا حينما يراها ملاحظ ، ولهذا فإن فرصتك ستتضاعف لو أنك اخترت أن تراها"[2].
والفرصة تقتضي النظر بعين الحكمة والبصيرة وتقدير الفائدة منها بميزان الربح والخسارة، وبحساب احتمالات الإصابة والخطأ قبل الإقدام عليها ومن التوجيهات اللازم العلم بها في هذا الباب:
ü سرعة البديهة في دراسة الفرصة وتحليلها والحكمة في أخذ القرار المناسب.
ü التحلي بالمبادرة والتغلب على التردد والتخوف والتسويف.
ü أخذ المشورة من أهل التجربة والتخصص.
ü الشجاعة والحزم مع وضع احتمال المخاطرة في الحسبان.
ü التفاؤل بالنجاح مع تغليب احتمال الربح على احتمال الخسارة.
ü العزم على إحداث التغيير والخروج من النمطية والرتابة في الحياة.
يتضمن التواصل مجموعة من المقومات والعناصر والشروط التي يجب توافرها في الباحث حتى يضمن تفاهما واتصالا دائما وفعالا مع جمهوره سواء على الواقع أم في العالم الافتراضي.
"..نجاحك في الحياة يعتمد على ترك انطباع إيجابي و فوري لدى الآخرين (حتى عندما يكونوا مشغولي أو مشتتي التركيز) عليك التواصل معهم بقوة وأن تكون مقنعا وقادرا على طبع صورتك في الأذهان..."[3].
كما أن اكتساب الباحث تقنيات التواصل الفعال يدخل في أساسيات القدرة في التأثير على الناس وكسب ثقتهم واهتمامهم، لذلك فإن هذا العلم يعدُّ مجالا خصبا للأخذ منه والاستعانة بمبادئه ونظرياته في تعزيز بناء العلامة (الماركة) الشخصية، نظرا لارتباطه الوثيق بجميع عناصرها ولتكامله مع باقي المجالات الأخرى التي تدعم نفس الهدف، علم النفس، علم الاجتماع، التنمية الذاتية، التسويق والإدارة، الإعلام والدعاية وغيرها...
يُعرف التواصل على أنه "سلوك أفضل السبل والوسائل لنقل المعلومات والمعاني والأحاسيس والآراء إلى أشخاص آخرين، والتأثير في أفكارهم وإقناعهم بما تريد سواء كان ذلك بطريقة لغوية أو غير لغوية"[4].
تعيش المجتمعات في القرن الحادي والعشرين في ظل ثورة علمية ومعلوماتية كبيرة. وقد أثرت تلك الثورة العلمية والمعلوماتية في جميع أوجه الحياة، حتى أصبحت السرعة والكفاءة هما السمة المسيطرة على إيقاع العصر.
ويُعد الإنترنت أحد أبرز أوجه الثورة المعلوماتية التي أسهمت في نقلة نوعية في شتى مناحي الحياة[5].
وقد ساعد التطور المتسارع في استخدام التقنيات الحديثة والولوج إلى شبكة الإنترنت في تطوير عملية البحث العلمي والوصول إلى المعلومة واختصار المسافة، وتوفير الجهد وربح الوقت.
وكلها ميزة مفيدة تخدم الباحث الأكاديمي في تقوية حضوره ودعم تواجده على الشبكة.
وإن الكم الهائل لمواقع الإنترنت الذي يتجاوز 50 مليون موقع لدليلٌ على فائدة هذه التقنية وأهميتها في توصيل المعلومات، وسهولة الوصول إليها من شتى أقطار العالم، في أقصر وقت يمضيه الإنسان عبر التاريخ في البحث عن المعلومات الجديدة والبعيدة عن موقع الباحث[6].
وتشمل جميع المنصات والمواقع والمدونات والخدمات والبرامج والتطبيقات المتاحة على شبكة الأنترنت، بهدف التواصل وتبادل المعلومات، ونشر الأخبار والمستجدات وتحميل الكتب والوثائق والبحوث والدراسات، وتقديم عروض العمل والمشاريع وتطوير المهارات والقدرات وتعزيز الظهور وتقوية التواجد على الشبكة وبناء شبكة علاقات مع أشخاص...والعديد من الوظائف والاستخدامات الأخرى التي يمكن للشخص الاستفادة منها وتوظيفها في الاتجاه الصحيح الذي يخدم خطته ويحقق أهدافه.
"وقد أدى التسارع الكبير في تطور استخدامات (الحواسيب ، المعدات الالكترونية) إلى زيادة قدرات الأجهزة، وربطها بعضها مع بعض لتكوّن شبكة واسعة (الأنترنت)، يمكن من خلالها تبادل الملفات والتقارير، والبرامج والتطبيقات، والبيانات والمعلومات. كما يمكن أيضا من خلالها التواصل الحر، بصنفيه المتزامن وغير المتزامن، الذي ساعد في إلغاء الفوارق المكانية والزمانية، أو تقليصها على حد سواء"[7].
مع كل هذه الفوائد والخدمات الفعالة يستطيع كل مستخدم طموح ولديه الرغبة والإرادة أن يوظفها في بناء ماركته الشخصية.
" إن تطوير وإدارة وجودك على الإنترنت يجب أن يكون جزءا هاما من استراتيجيتك الخاصة لبناء علامتك الشخصية. إذا كنت تريد أن تطَّلع عما يبحث عنه الآخرون بخصوصك وما يرغبون معرفته عنك ما عليك إلا أن تضع اسمك على محرك البحث غوغل من وقت لآخر.
يمكنك أيضا محاولة البحث عن الكلمات الرئيسية ذات الصلة بالأعمال والبحوث الخاصة بك على المواقع الهامة مثل غوغل وقواعد البيانات الأكاديمية..."[8].
سيأتي تفصيل الحديث حول دور شبكات التواصل الاجتماعي في بناء الماركة الشخصية في الفصول القادمة.
تعدُّ هذه المهارات جزءا لا يتجزأ من البنية التواصلية العامة كما تدخل ضمن تقنيات وأساليب الإلقاء والتأثير على الجمهور، وتحتاج من الباحث إلى تنمية مجموعة من القدرات من قبيل:
ü إبداء الاهتمام وحسن الإنصات أثناء حديث المُحاور، "...لقد أصبح المستمعون الجيدون عملة نادرة هذه الأيام وعلى الرغم من إمكانية اكتساب المرء للمهارات، فإن وضعها محل التطبيق الفعلي على أرض الواقع يشكل تحديا حقيقيا، إلا أن الثمار الهائلة التي ستجنيها من ورائها تستحق العناء..."[9].
ü القوة في الإقناع بالحجج والبراهين، "...فكر في جميع الزعماء التاريخيين العظماء، لقد كانت تجمعهم صفة واحدة مشتركة من "جانكيز خان" إلى "غاندي" ألا وهي القدرة على جعل الآخرين يسيرون في ركابهم وأن يتبعوهم، قد لا تطمح في التمتع بهذا القدر من التأثير العالمي، لكنك في حاجة بالتأكيد لأن تتمتع بنفس هذا النوع من التأثير على العالم الذي تتحرك بين جنباته، إنك حتما قادر على أن تفعل ذلك وحدك ولكنك بحاجة إلى إقناع الآخرين بالسير على هُداك"[10].
ü مواجهة الجمهور، "اعمل على جمع معلومات عن الجمهور مع مُراعاة التالي: لا تشكل انطباعا مسبقا عن الجمهور... لا يوجد جمهوران متشابهان لذلك عدل خطبتك حسب الجمهور...شكل حديثك حسب جمهورك...إذا كان جمهورك مخالفا لرأيك فحدد مدى اختلافهم وابدأ بنقاط الاتفاق...اعرف ما الذي يضايق الجمهور وعالجه بحذر...راع جمهورك في الأمثلة التي ستعرضها (محاضرة للأشخاص المهتمين بالتدريب ستختلف في أمثلتها إذا ألقيت على أشخاص اهتماماتهم مالية..."[11].
ü المرونة في التعاطي مع ردود الأفعال ووقائع المواقف، "إذا ما أخطأ محدثك، فحاول أن تفرق بين الخطأ والشخص المخطئ، هاجم الخطأ ولا تهاجم المخطئ...بعد أن ينتهي محدثك من حديثه، لخص كلامه بصياغته الشخصية، واعده عليه...كن شخصا إيجابيا إذا ما كان هناك مشكلة، فابحث عن الحل، إذا ما تحدث الآخرين عن العقبات تحدث أنت عن الإيجابيات..."[12].
ü الوضوح في الشرح وفي إيصال الرسالة، " استخدام الكلمات ذات المعنى الواضح المحدد، تأكيد المعنى بكلمات أخرى، فالتكرار قد يساعد على الوضوح بالإضافة إلى تأكيد المعنى ...، تقديم الأمثلة التي توضح المعنى للمرسل، استخدام المقارنات التي تساعد على الوضوح فالأشياء تتميز بأضدادها، استخدام النقاط فهذا يساعد على سرعة الفهم والإلمام بمحتويات الرسالة كما يساعد على تذكر عناصر الرسالة"[13].
ü الفصاحة والبيان في الخطاب، "انتقاء الكلمات البليغة المؤثرة له أبلغ الأثر في إيصال المعاني للمُستقبِل...الوضوح والبيان في الكلام من أهم أسباب تفاعل الطرف الآخر مع الكلام...الإلمام بمصطلحات الموضوع الذي تتحدث فيه له دور كبير في قبول رسالتك واحترام حديثك وبخاصة من قبل المتخصصين..."[14].
ü ضبط نبرة ومستوى الصوت حسب المواقف وحال المستقبل، "...نبرات الصوت وتفاعلها مع معاني الكلمات من أهم الوسائل في إيصال الرسالة إلى الآخرين... ثم حدد الزمن المناسب الذي تريد أن تتحدث فيه، إذ قد يكون سوء اختيار الوقت سببا في عدم قبول الآخر لكلامك، واعلم أن لكل مقام مقالا ولكل حال أسلوبا يختلف عن أسلوب حال آخر..."[15].
[1] ستيف تشاندلر، "مائة طريقة لتحفيز نفسك"، ص: 37.
Source: www.shahro.com
To PDF: http://www.al-mostafa.com
[2] ستيف تشاندلر، "مائة طريقة لتحفيز نفسك"، ص: 20.
Source: www.shahro.com
To PDF: http://www.al-mostafa.com
[3] أماندا فيكرز، ستيف بافيستر، جاكي سميث، "التأثير الشخصي، ما يتطلبه الأمر لإحداث فارق" مكتبة جرير، الرياض، الطبعة الأولى، 2011، ص: 8.
[4] د. عوض القرني، "حتى لا تكون كلا، طريقك إلى التفوق والنجاح"، دار الأندلس الخضرا، جدة، 1418 هــ، ص: 117.
http://ia800309.us.archive.org/7/items/waq45596/45596.pdf
[5] د. صالح عبد العزيز النصار، " تجربة إنشاء موقع على الإنترنت يُعنى برصد الرسائل العلمية والبحوث المحكمة المتعلقة بتدريس اللغة العربية"، كلية التربية، جامعة الملك سعود (1419هـ)، تاريخ الولوج 08 نوفمبر 2017.
http://www.khayma.com/education-technology/Study10.htm
[6] د. صالح عبد العزيز النصار، " تجربة إنشاء موقع على الإنترنت يُعنى برصد الرسائل العلمية والبحوث المحكمة المتعلقة بتدريس اللغة العربية"، كلية التربية، جامعة الملك سعود (1419هـ)، تاريخ الولوج 08 نوفمبر 2017.
http://www.khayma.com/education-technology/Study10.htm
[7] د. صالح عبد العزيز النصار، " تجربة إنشاء موقع على الإنترنت يُعنى برصد الرسائل العلمية والبحوث المحكمة المتعلقة بتدريس اللغة العربية"، كلية التربية، جامعة الملك سعود (1419هـ)، تاريخ الولوج 08 نوفمبر 2017.
http://www.khayma.com/education-technology/Study10.htm
[8] Dilip S. Mutum, “SOCIAL MEDIA FOR RESEARCHERS & ONLINE PERSONAL BRANDING” (2nd Ed), Wolfson Research Exchange, University of Warwick Library, University of Warwick Coventry 2011.
[9] أماندا فيكرز، ستيف بافيستر، جاكي سميث، "التأثير الشخصي، ما يتطلبه الأمر لإحداث فارق" مكتبة جرير، الرياض، الطبعة الأولى، 2011، ص: 95.
[10] أماندا فيكرز، ستيف بافيستر، جاكي سميث، "التأثير الشخصي، ما يتطلبه الأمر لإحداث فارق" مكتبة جرير، الرياض، الطبعة الأولى، 2011، ص: 115.
[11] د. طارق السويدان،" فن الالقاء الرائع"، شركة الإبداع الفكري، الكويت، 2004، ص: 36، 37.
[12] د. إبراهيم الفقي، "سحر القيادة، كيف تصبح قائدا فعالا؟"، دار أجيال للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2008، ص: 78.
[13] محمد هشام أبو القمبز، "فن التواصل مع الآخرين"، ص: 9.
http://arareaders.com/books/download/17354
[14] د. عوض القرني، "حتى لا تكون كلا، طريقك إلى التفوق والنجاح"، دار الأندلس الخضرا، جدة، 1418 هــ، ص: 123، 122.
http://ia800309.us.archive.org/7/items/waq45596/45596.pdf
[15] د. عوض القرني، "حتى لا تكون كلا، طريقك إلى التفوق والنجاح"، دار الأندلس الخضرا، جدة، 1418 هــ، ص: 123.
http://ia800309.us.archive.org/7/items/waq45596/45596.pdf
مواضيع ذات صلة