إضاءة على إدارة الذات في زمن الحرب
م.نوره الخضير | Noura alkhader
28/05/2024 القراءات: 861
لن احتاج اليوم إلى مراجع ولن احتاج إلى التنقيب في الدراسات والأبحاث على قلتها في الموضوع. والتي ناقشت في غالبها تضميد الآثار النفسية بعد أن تضع الحرب أوزارها. وتتكفل بالعلاج الذي يتيح الفرصة لمصالحةٍ مع الذات، تساعد الإنسان على البدء من جديد. بل سأحاول إلقاء الضوء على جانبٍ من إدارة الذات: أثناء الحرب.... مع المصير المفتوح على كل الاحتمالات...... مع الحياة التي ممكن أن تختصرها لحظة.... مع احتمال فراق حبيب أو فراق مكان او حتى فراق وطن... هنا سيكون لإدارة الذات شكلٌ مختلف، توثقه الذاكرة، ليحفر فيها قصةً صعبة المراس، لكنها تترك أثراً يصقل التجربة، ويضيف إلى الشخصية نضجاً قد يكون مبكراً وقبل أوانه بمراحل. ومع الحرب في سوريا والتي دامت لسنوات طويلة، كثر فيها الشهود على الحدث، كل يتحدث من زاويته، فرأيت من المفيد أن أتحدث عن إدارة الذات أثناء الحرب. كيف يدير الإنسان مشاعره ومهاراته ليتجاوز المرحلة؟ كيف يكون الربان والسفينة في آنً معاً؟ كيف يوجه مخاوفه لتأمين الحماية لمن هم في رعايته، وينسى بأنه بحاجة إليها؟ في الحرب يكتشف الإنسان أنه بحاجة إلى الكثير من الأسلحة الداخلية، التي عليه أن يحسن استخدامها في الوقت المناسب. تحتاج الحرب أن يختصر الإنسان كل ما يفعله الإدرينالين أثناء الخوف في قلبه هو وحده، وذلك لا لشيء إلا ليقنع من يحبهم،أنه ما زال هناك فسحة للحياة يرونها في عينيه. تحتاج الحرب إلى إنسان يؤمن تماماً بأن العمر محسوب بالثواني، وذلك ما تثبته الحرب في كل لحظة، عندما تتعداك رصاصة لتصيب غيرك، بعيداً عن قوانين المسافات وإحداثيات الأهداف. تحتاج الحرب إلى إنسان قادرٍ على بناء العلاقة مع الأمكنة، وجعل أي مكان مع بعض التعديلات يستعيد ذاكرة كاملة، تجعله ملاذاً مريحاً وأمناً، حتى ولو لم يكن كذلك. تحتاج الحرب إلى شخص يجيد العمل في المساحة المتاحة، وقادرٍ على أن يتحول من رقم في ضحايا الحروب، إلى شخص فاعل يتمتع بكامل الأهلية والمسؤولية، وإن كلف الأمر الصبر المؤقت المحسوب وتحمل عثرات السير في طريقٍ لا يمثل طموحه، وأن يكون على ثقة بأن الوصول أمر حتمي ما دام الهدف داخله لم ينطفئ. تحتاج الحرب إلى علاقة وثيقة بالله عز وجل، وفي الحرب تقيم هذه العلاقة في كل لحظة. تحتاج الحرب إلى إنسان يحب الحياة، ولديه الكثير من المشاريع المؤجلة، بعيداً عن فلسفة الموت التي تكرسها الحروب.
وأختم بأبيات رائعة للمبدع عبد الله البردوني:
حكمة الحربِ أن تهد لتبني ليس غاياتها: أصابوا أطاحوا
في مدى الحرب، نرتديها جراحاً في سوى الحرب، ترتدينا الجراح
إدارة الذات- الحرب
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع