الخطاب الالهي المباشر للمؤمنين الحلقة 1
د حازم الشيخ الراوي | D.HAZIM AL SHEIKH ALRAWI
17/07/2021 القراءات: 2387
بعد ما أصاب الامة الاسلامية من وهن وهوان ، وبعد ما تفرقت الى اشياع وفرق وأطياف ، وبعد الابتعاد عن منهج الحياة الذي رسمه لنا القرآن الكريم وسنة نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم وابتداع ما لم ينزله الله تعالى وما لم يفعله أو يقله أو يقرره نبينا وحبيبنا وقائدنا وأسوتنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبعد ما انتشرت الفتاوى والأقاويل والأحاديث والرؤى المتناقضة والمتقاطعة خلال وسائط التواصل الاجتماعي ، وبعد ظهور الفتنة التي نعيش مآسيها الآن والتي كثر فيها القتل بين المسلمين أنفسهم بدافع التكفير وانتشار الطائفية المقيتة ، والتي أشار لها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، حيث جاء في باب ظهور الفتن لصحيح البخاري بالحديث رقم 7061 قوله : (يتقارب الزمان ، وينقص العلم ، ويلقى الشُّحُّ ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج). قالوا : يا رسول الله ، أيُّما هو ؟ قال : القتل القتل. وأضحت الفتية هي أساس الفتنة بعدما أفتى كل من هب ودب بغير علم، أو بقصد ايقاظ الفتنة النائمة.
من كل هذا لا بد من التفكير بوضع حدود لهذه الفوضى، والانتقال من ظلمات الجهل والتخلف الى أنوار المعرفة والعلم. هذه الحدود التي ينبغي أن ترتكز الى معيار ثابت وخط فهم وتفاهم مشترك لجميع المؤمنين بغض النظر عن طوائفهم ومذاهبهم دون خلاف أو اختلاف. وإذا كان من يشكك ببعض الأحاديث النبوية الشريفة فيصنفها اما انها موضوعة او ضعيفة، فلا يعتمدها. فان الجميع يتفق أن لا خلاف على النص القرآني بحكم قول الله تعالى (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون).
ومن هنا لابد من القاء الضوء على الخطاب الالهي المباشر الذي خص به سبحانه وتعالى عباده المؤمنين. فوضع لهم منهج متكامل للحياة في العقائد والعبادات والمعاملات والآداب دون خلاف واختلاف، والتي وردت في الآيات القرآنية الكريمة التي نادى بها الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين (يا ايها الذين آمنوا)،
وللمؤمنين مكانة خاصة عند ربهم حيث خصهم تعالى بخطاب مباشر في هذه الآيات، وكذلك حباهم الله في آيات اخرى، كما في قوله تعالى (ان الله يدافع عن الذين آمنوا) الحج 38 و(ان الله مع المؤمنين) الانفال 19 و(والله ولي المؤمنين) آل عمران 68 و (ان الله لا يضيع أجر المؤمنين) آل عمران و (كذلك ننجي المؤمنين) الانبياء 88 و (وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) الاحزاب 47
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصف المؤمن بأن كل أمره خير بقوله (عجبا لأمر المؤمن ان أمره كله خير وليس ذاك الا للمؤمن ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له) (صحيح مسلم 2999)
وفي تمعننا بالمفردات التي تضمنها هذا الخطاب لعموم المؤمنين حتى قيام الساعة وجدنا فيها شرعة كاملة ومنهج حياة شامل لأغلب الأمور التي يحتاجها المؤمن، فلا عليه أن يتعصب لمذهب ما دون آخر ولا يتمسك برأي شيخ ما دون غيره ولا يحتار ولا يختار، فالقرآن الكريم حسم هذا الأمر في الآيات المحكمات. ونحن هنا لا ننفي الأثر الانعكاسي الطيب لمذاهب ديننا الحنيف في المفردات والتفاصيل ولا ندحض آراء العلماء الأفاضل بل أن اختلافهم في الفروع هو رحمة للمؤمنين حيث يشكل هذا الاختلاف فرشة واسعة من المرونة في شرح وفهم التفاصيل والمفردات الواردة في الفروع وليس الاصول، حيث اعتمد اصحاب المذاهب الاسلامية رحمهم الله على القرآن والسنة النبوية المطهرة كمرتكز أساسي دون اي تعارض بينهم فيما ورد فيهما من نصوص وأصول وتفسير. ولكن بعد انطلاق ما يسمى بثورة المعلومات والتكنولوجيا وانتشار القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية اللتان دخلتا بيوتاتنا دون استئذان، وما سببته من ظهور الكثير ممن نسبوا لأنفسهم العلم وهم جهلة فأصدروا الفتية التي تنشر الفتنة، أو ممن تعمد في تشويه صورة ديننا الحنيف بنشر الأفكار التي لم تأتي بها مصادر الشريعة الاسلامية السمحة في القرآن والسنة والاجتهاد والاجماع والقياس أو حتى الاستحسان.. كان لابد من ايجاد السبيل الأوفق للعودة الى شريعة الله تعالى التي خاطب بها المؤمن بشكل مباشر (يا ايها الذين آمنوا) ولعل أهم سمات هذه الآيات المحكمات أنها جاءت سهلة التعبير ويسيرة التفسير. فالمؤمن لا يحتاج فيها الى التعكز على شيخ ما أو الاستنجاد بمذهب ما. وما عليه الا أن يقرأها ويجسد مضامينها بسلوكه الذي يكسب به الأجر ويضمن به الثواب..
المؤمنون .. العقيدة ..
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة