مدونة البرفسيور محمد عبد الرحمن يونس


عطور و حذاء و منافي ، قصة قصيرة ، القسم الثاني ، محمد عبد الرحمن يونس

البروفسيور محمد عبد الرحمن يونس | professor : Mohammad Abdul Rahman Younes


21/01/2025 القراءات: 9  


القسم الثاني من القصة
ووجدت نفسي أملك الشجاعة النائمة أبداً وفاتحته بالأمر.‏
ـ آخر الشهر أعطيك أجوره إن شاء الله... عندما تأتي دولارات الأحبّة من وراء الأطلسي... والله على ما أقول شهيد.‏
ـ أخرج "بره" يا وجه الشؤم... بدوي... ما أقذركم فقراء هذه المدينة‍!‏
تك.. تك.. تك.. تك.. تك.. تك.. تك.. تك.. تك(1).
انسحبت خارج الحانوت... تلزمني أيضاً الآن سبحة بمائة حبة لأحمد الله على هذا الخروج السليم.‏
عند زاوية السوق في "الكزا" العتيقة كانت المرأة الزاحفة على قدميها ويديها تستظلّ بحائط المقهى الغاص بلاعبي "الدومينو"... نظرت إليّ متوسلة: الله يسترك أعطني درهماً.‏
تابعت سيري، وكان صوتها يأتي راعشاً، لا بارك الله فيك ولا بعشيرتك ولا بقبيلتك.
وبصقت في وجه القبيلة ا لتي قذفتني وراء الأطلسي شريداً تائهاً، لا أملك درهماً واحداً. لتذهب قبيلتي وكلّ القبائل الكلبية المعاصرة إلى جحيم ربي السابعة..‏
تقلّصت أصابع قدميّ... نخرني ألم حادٌ عربدَ في مسامات روحي... نزعت الحذاء... كانت قدمايّ ملوثتين بدماء شاحبة من كل جهاتهما، وكانت المسامير تغرز رؤوسها السامة في أصابعي. رميت الحذاء في زاوية الشارع.‏
أطلق رجل المرور صفرة حادة وصرخ:‏
ـ أوه يا للعرب.. خذ حذاءك.. ارمه بعيداً.
لم يكن هناك سلة مهملات واحدة طول الشارع. ما إن ابتعدت عن الشرطي حتى رميت الحذاء أمام البنك المركزي المغربي الذي كانت تدغدغه أعلام دول السوق الأوروبية المشتركة، وتابعت سيري حافياً. وكان الصقيع لا يزال يلفّ زواريب المدينة المتجمدة وأزقتها الضيقة وصوت المرأة الزاحفة على يديها يسربلني: لا بارك الله فيك ولا بقبيلتك، ألا تعطيني درهماً واحداً؟..‏
(1) ـ صوت المطرقة وهي تضرب الحذاء على السندان.‏


قصة قصيرة ، أدب حديث ، يونس