مدونة الدكتوره ساره مطر العتيبي
ماذا يحدث لو خلى المجتمع من الأترجة ؟؟
دكتورة ساره مطر العتيبي | Dr/Sarah Motter ALOtaibi
23/11/2021 القراءات: 3037
إن المتأمل في المجتمعات ذات القيمة ،الاجتماعية ،والعلمية ،والدينية يجدها ترتكز على صنف من الناس بشكل كبير ، وهو أساس تقدمها ورقيها ، وقلت تواجد هذا الصنف في أي مجتمع يؤدي لتخلفه وتراجعه ، بل زواله .
دعونا نكتشف هذه الفئة من خلال منبعنا الأصيل :
قال عز وجل : وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون .
فقد نصة الآية على فئة معينة تتسم بسمتين :
1: إصلاح الذات أولا بالتعلم والعلم .
2: إصلاح الغير بما لدية من علم وعمل .
وهذه الفئة مرت بمرحلين : الأولى منها يسمى الفرد فيها ( صالح) كونه أجتهد في اصلاح ذاته وتنقيتها، والمرحلة الثانية أسمى وأعلى وهي بلوغ درجة ( المصلح ) فهو مصلح لما حولة ، كثير النفع للغير ، حريص على إصلاح الآخر .
وهذا الأمر يؤكده حديث النبي صلى الله عليه وسلم : مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالتَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا .
فالناس في هذا الحديث على ثلاث أصناف منهم الصنفين السابقين :
فالمصلح أصلح ذاته وغيره بملازمة القرآن تعليما وعملا ، فهو ذو منفعة متعدية ، وهو أقرب شبها لفاكهة تسمى " الأترجة " وهي فاكهة ذات منافع كثيرة ، وقد ذكر ابن القيم رحمة الله تعالى بعض من تلك المنافع فقال :
" في الأترجِّ منافع كثيرة. وهو مركَّب من أربعة أشياء: قشر، ولحم، وحَمْض، وبِزر؛ ولكلِّ واحدٍ منها مزاجٌ يخصُّه.
فقشره حارٌّ يابسٌ، ولحمه بارد رطبٌ، وحَمْضه باردٌ يابسٌ، وبِزره حارٌّ يابسٌ.
ومن منافع قشره: أنَّه إذا جُعِل في الثِّياب منع السُّوسَ. ورائحته تُصلح فساد الهواء والوباء. ويطيِّب النَّكهة إذا أمسكها في فمه. ويحلِّل الرِّياح. وإذا جُعل في الطَّعام كالأبازير أعان على الهضم" .
وأما الصالح فلا يملك تلك المقدرة على إصلاح الغير لأسباب عدة منها :
1: الإمكانات العلمية ضئيلة .
2: الإمكانات الذاتية غير المتعدية ، فهذه الإمكانات التي لا تقوى إلا على إصلاح ذات الفرد ، والمحافظة على نقاء سريرته . فهو أقرب شبها لثمرة ( التمرة ) ، لكون المستمع بمذاقها الحلو آكلها فقط ، فالمنفعة هنا غير متعدية للغير ، فمن قرأ القرآن وعظ ذاته وأصلحها ، وألزمها طريق الحق ، وشفاها من كل مرض عضو وروحي ونفسي .
والصنف الأخير من الناس منقسم إلى صنفين :
1: فاسد معسول اللسان ينطق بالعسل المغشوش فلا فائدة ولا ثمرة ترجى منه ، وهو أقرب لنبات ( الريحانة ) ذو الرائحة الجميلة ومذاقها مر، فهذا الصنف مخادع ، قد يودي بمن يصاحبه للمهالك ، لفساد نيته وعمله، وهو أقرب للمنافق .
2: فاسد حالك السواد ظاهر الافساد والضرر لنفسه وغيره ، فهو واقع في الفساد وداع إليه وحامية ،ومثله كمثل نبات (الحنظل) ، كريه الرائحة والطعم ، وكلما كثر هذا الصنف قوى احتمال زوال هذه المجتمع بأسرة ، لبعده عن الفطرة السليمة ، والتاريخ البشري يشهد على ذلك ، فما قوم هود ، وقوم لوط ،وقوم شعيب وغيرهم عنا ببعيد .
وخلاصة القول :إن المجتمعات التي يقل فيها وجود المصلحين ( الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر )، أقرب لاحتمالية الزوال وحلول عذاب إلهي ، والدليل على ذلك ما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول خ: يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ .
فقولها رضي الله عنها " ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟ " إشارة (للصالح )الغير قادر على انكار المنكر وهو غزو الكعبة ، وانعدام وجود " المصلح " في ذلك الزمان .
وفي الختام نسأل الله عز وجل الصلاح والإصلاح
بقلم : دكتوره ساره العتيبي
23/نوفمبر /2021
@DR_Sara3
صالح مصلح- فاسد - مفسد
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع