مدونة د. منى الحداد


شخصيات إسلامية. مريم الإسطرلابية

منى عبد الله محمد الحداد | muna Abdullah muhammed alhaddad


18/04/2022 القراءات: 4418  


✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻✍🏻

*شخصيات إسلامية*

( *مريم الأسطرلابية: رائدة علم الفلك العربية التي أنكرها التاريخ* )

يُعد نظام التموضع العالمي أو المعروف بالجي بي إس GPS واحدا من أهم الابتكارات البشرية، نظرا لتعقيد آلية عمله، ودوره الأساسي الآن في الحياة اليومية.
لكن هل تتخيل أن آلية عمل هذا الابتكار بالإضافة لاعتمادها على البوصلة والأقمار الصناعية تعتمد أيضا على ابتكار قديم يدعى *الاسطرلاب المعقد ابتكرته امرأة عربية؟*
# كثيرا ما نتحدث عن دور العلماء المسلمين في نهضة العلم والحضارة، وهو ما يدفعنا للسؤال عن دور المرأة في تلك المرحلة؟!
فلم تقتصر الإسهامات العربية الإسلامية في الحضارة الإنسانية على الرجل فقط، بل شملت المرأة أيضًا، التي كان لها دور حقيقي في هذه الإسهامات. وقد حظيت العلوم الإنسانية والعلوم الدينية - بطبيعة الحال - بالقدر الأكبر منها في المشرق والمغرب. 
وعلى الجانب العلمي، وهو محل مقالنا هذا، نجد من العالمات القليلات من لهن أثر جلي في هذا الجانب العلمي. وموضوعنا اليوم هو عن إحدى هؤلاء العالمات؛ *وهي مريم الأسطرلابي (أو الأسطرلابية)، والتي نبغت في مجالات الفلك، والرياضيات، والهندسة.*

# *حياتها ونشأتها:*
لم نقع لها على تاريخ وفاة أو ميلاد، ولكن الثابت في المراجع أنها عاشت في العصر العباسي في فترة حكم سيف الدولة الحمداني (303-356هـ/915-967م) ، وكان والدها  العالم الجغرافي والفلكي المشهور كوشيار الجيلي المتوفى سنة (420هـ/ 1029م)، ويعرف أيضًا بكوشيار الكيلاني نسبة إلى مدينة «أستان كيلان» بالفارسية؛ إحدى محافظات إيران. وله العديد من المؤلفات في الفلك.
كما نرى فإن الفتاة الشابة قد نشأت وربيت في هذه البيئة الرياضية والفلكية؛ مما جعلها ترث هذه العلوم عن أبيها، وأن تتعمق في هذين العلمين إلى درجة إتقانها لمعادلاتهما وحسابتهما المعقدتين؛ فانطلقت مريم الأسطرلابية في هذا المجال – مجال علوم الفلك الذي يطلق عليه الآن علوم الفضاء - لتبدع وتصمم وتصنع آلة الأسطرلاب «المعقَّد».

# *اختراع مريم:*
*الأسطرلاب*:
يعتبر الاسطرلاب الذي ابتكرته مريم اللبنة الأولى لكثير من أجهزة الملاحة والفلك في العصر الحديث مثل البوصلة والأقمار الاصطناعية وأجهزة تحديد المواقع المعروف اختصارا بـ *جي بي أس (GPS).*
وهو آلة فلكية قديمة أطلق عليها العرب "ذات الصفائح". استطاعت مريم تطويرها  لعمل الأسطرلاب المعقد، وهو نموذج ثنائي البعد للقبة السماوية، يظهر كيف تبدو السماء في مكان محدد عند وقت محدد. وقد رسمت السماء على وجه الإسطرلاب بحيث يسهل إيجاد المواضع السماوية عليه. بعض الإسطرلابات صغيرة الحجم وسهلة الحمل، وبعضها ضخم يصل قطر بعضها إلى عدة أمتار. وقد كانت تعتبر حواسيباً فلكية في وقتها، فقد كانت تحل المسائل المتعلقة بأماكن الأجرام السماوية، مثل الشمس والنجوم، والوقت أيضاً.
وساعد أيضًا في قياس ارتفاع الشمس في السماء، وهو ما مكنهم من تقدير الوقت في النهار أو الليل. 
كما استخدمه المسلمون في تحديد اتجاه القبلة خاصة بعد اتساع رقعة الدولة الإسلامية. كما ساعدهم في تحديد بدايات الشهور الهجرية ومواسم الحج وغيرها.
وصنع منه أجهزة صغيرة الحجم سهلة الحمل كانت بمثابة ساعة الجيب في ذلك العصر. كما ساتخدم أيضا في الملاحة البحرية.

# *إهمال التاريخ:*
على الرغم من عظم الآلة التي اخترعتها مريم وأهميتها إلا أنها لم تأخذ حقها في كتب التاريخ العربية قبل الأوروبية، ولم يعلم عنها الكثيرين شيئا.
والغريب أن التاريخ تجاهلها ولم يفرد لسيرتها سوى بضعة سطور قليلة، فهل كان ذلك لتفكك الدولة وضعفها في هذا الوقت، أم لكونها امرأة.
على أي حال يبدو أن التاريخ أراد أن يصالحها في عام 1411 للهجرة (1990 ميلادي)، أطلق الفلكي الأمريكي هنري إي هولت اسم مريم الاسطرلابي على حزام الكويكبات الذي اكتشفه أثناء عمله في مرصد بالومار الفلكي في مدينة سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وفي عام 1437 للهجرة (2015 ميلادي) استلهمت الكاتبة الأمريكية نيدي أوكورافور شخصية مريم الاسطرلابي لتؤسس عليها شخصية البطلة في روايتها "بنتي" التي حازت على جائزة هوغو الأدبية التي تعتبر من أرفع جوائز أدب الخيال العلمي في العالم.  


الاسطرلاب. المعقد. جي بي اس


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع