مواقع التواصل الاجتماعي مفيدة أم مضرة
مها محمد علي شرف | Maha Sharaf
12/12/2021 القراءات: 3555
مواقع التواصل الاجتماعي مفيدة أم مضرة؟
جميعنا اليوم لديه مهمة رسمية، لا تختلف فيما بيننا؛ وهي تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن قد ينتقدني أحدهم على هذه العبارة "مهمة رسمية" لو تعمقنا بواقعنا لبصمتم لي بالعشرة، فبمجرد استيقاظك من النوم تشعر كما لو أن شيئا ما ينقصك، تريد أن تشبعه أو تعوضه، كمن يتعاطى المخدرات لا يسكن هيجانه إلا عندما يتناول جرعة منها، وكذلك نحن نبحث عن ما يخفف ذلك الزحم من التفكير وهو من خلال زيارة مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت الملجأ الأول والأخير لكل من يجد فراغا في وقته أو وحدته. ولكن لو عدنا إلى ما قبل انطلاق هذه المواقع اي لعام 2000م وفكرنا قليلاً بالوقت الذي كنا نقضيه مع عائلاتنا والأقارب والأصدقاء، وقمنا بمقارنته الآن، إلا أننا سنجد أن هناك فرق شاسع في حياتنا الاجتماعية ما بين قبل وبعد؟ أليس هناك حياة تختلف رأسا على عقب؟ أليس نحن اليوم مسجونون بسجون هذه المواقع دون أن ندري وندرك مدى خطر ذلك؟ لو تمعنا ونظرنا بحالنا جيدا فنحن الآن مقيدون، لا نملك آراء وأفكار ثابتة ولا حتى صلات محبة وألفة فيما بيننا، نحن نعيش تحت سيف هذه المواقع وجلاديها الذين يجعلوننا نتجرع سمومها دون أن نشعر، فحسب الاحصائيات اليوم هناك أكثر من 4 مليارات شخص أي ما يقارب 40% من سكان الأرض يستحدمون الإنترنت، فهذا رقم مرعب ورهيب، لو قمنا بدراسة حول هؤلاء؛ لمعرفة الغاية من استخدامهم للإنترنت حتما ستأتي النتيجة معظمها للتسلية وقضاء الوقت وتضييعه، فسلسلة التنقل من الفيس بوك إلى توتير إلى اليوتيوب الواتساب الانستغرام والتلجرام وتيك توك... الخ متواصلة لا تنقطع لدرجة الهوس؛ الهوس في الظهور، الهوس في الشهرة، الهوس لجلب اهتمام الآخرين، الهوس بالتقليد، ولكن ألا يعزو ذلك إلى حالة اجتماعية متفككة من الناحية الفكرية والعقائدية، وضعف الروابط الأسرية التي كانت يوما من الأيام كالحبل المتين؟ ألا يعزو ذلك إلى البطالة التي تقضم شخصية الشباب وتعيق تحركهم؟ ألا يعزو ذلك إلى الفقر والتشرد النفسي للإنسان العربي الذي يجد تفاوت كبير ما بين حياته المعيشية مع غيره من الذين يبذخون بالأموال، ويتباهون بالترف والتنقل والترحال؟ فلو عرجنا نحو عالم الغرب لوجدنا الأمر يختلف تماما، كل المقومات المعيشية والحياتية مأمنة من إنترنت واجهزة متطورة والجميع لديه حسابات عبر منصات التواصل ولكن ليس لديهم الإدمان الذي يعاني منه الإنسان العربي، وذلك لأن لديه منهجية واقعية بطريقة استخدامها، فمن يذهب ويعيش بينهم سيجد السبب، وهو أن الجميع يعمل، لا وقت هناك لتقضيه بأمور تافهة، منذ الصباح إلى المساء يجب أن تعمل، وطبعا بجد من غير تعب أو تأفف، هناك وقت للرياضة، هناك وقت لتقضيه في ممارسة هواياتك المحببة، فهم حين يلجأون للإنترنت يلجأون إليه في معظم الأحيان للعائد المادي والاقتصادي ومن أجل التعلم، فلديهم ثقافة كبيرة في كيفية استخدام هذه المواقع على عكسنا تماما، فثلة قليلة من شبابنا قد عرفت الطريق الصحيح لاستخدامه. إذًا علينا أن نضع نقطة هنا وهي أن هذه المواقع لا يمكن التعميم بشأنها ما إذا كانت مضرة أو أن لها فوائد جمة، يقول أندي شيبيلسكي من معهد أكسفورد للإنترنت:( وسائل التواصل الاجتماعي متنوعة تنوعا هائلا، فثمة مواقع مختلفة تطرح متنوعات مختلفة ما يجعل من الصعب التعميم بشأن آثارها) إذًا لا يخفى على أحد مهما كان لهذه المواقع من سلبيات يقابلها جانب من الإيجاب، وخاصة عندما ظهر مرض كوفيد 19، فأصبح للإنترنت ضرورة قصوى لتتبع كل صغيرة وكبيرة وكل شاردة وواردة، وزاد من الدخول لمرآبها تفشي هذا المرض الذي غدا جائحة تعصف بالصغير والكبير، فلا يمكن أن يمر يومك دون التنقل بين الصفحات الرسمية لبلدك؛ لمعرفة النتائج والأخبار، بل باتت المنصات والمواقع الوسيط الأوحد والحاسم لتداول المعلومات في ظل العزلة التي فُرضت على العالم أجمع، بل يمكن تسميتها عيادة (أونلاين) عن بُعد ما بين الطبيب والمريض، فجيف هانكوك؛ مدير مختبر سوشيال ميديا بجامعة ستراتفورد بأمريكا يقول: " التفاعل على هذه المنصات يتيح للمجتمعات أن تلتمس طريقها من خلال التهديد غير المسبوق الذي يتعرض له النوع البشري" وهذا ما خفف حالات انفجار الهلع والخوف بين الناس، إذاً مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن نقول عنها سلاح ذو حدين، مضرة ومفيدة بآن واحد، مفيدة عندما نعرف كيف نستثمرها في تطوير الذات وكسب المهارات والتعبير عن الآراء بثقة، والغور في كل جديد يحقق للإنسان المتعة المادية والعلمية والفكرية، ومضرة عندما تكون وسيلة فقط لإضاعة الوقت، وجعلها تنقاد لشخصيات العالم الافتراضي، دون العالم الحقيقي، الأسرة والأهل، والأقارب، واتباع التقليد الذي يقود إلى الإحباط واليأس وعدم الثقة بالنفس، وختامًا أوجه بعض الكلمات وخاصة لفئة الشباب من يدمنون ويثملون مشاهدة هذه المواقع: نحن في زمن اللاعودة، أي زمن التسابق والركض نحو التطور، نحو العلم اللامحدود، فإن أردت أن تمضي إلى الأمام عليك أن لا تنظر خلفك، اترك هذا الهراء بالانسجام المقذع بإتباع وسائل التواصل الاجتماعي، وخذ نفسا عميقا وفكر بروية، واتبع شغفك، فهو طائرك الذي سيحلق بك إلى حيث يقطن حلمك، سافر بعيداً لا تستسلم وتركن لاكاذيب الفيس بوك وتوتير ومتابعة المشاهير على الانستغرام، اجعل من فشلك ونكساتك خطوة تحدي للغور في المجهول وفرصة للتعلم، ريتشارد برانسون مؤسس مجموعة "فيرجن" يقول: ( أنا اندهش عندما أرى الناس يضيعون وقتهم في التفكير بالفشل، بدلاً من وضع تلك الطاقة في مشروع آخر) فأنت مشروع النجاح حيثما حللت وسكنت، فدونك كل المشاريع والخطوات فاشلة.
مواقع التواصل الاجتماعي، الفيس بوك، توتير، انستغرام، الشباب، كوفيد 19
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
💕تحياتى وتقديرى لشخصكم الكربم 💕
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة