مدونة نافذ سليمان عبد الرحمن الجعب
مشروع تصنيف الأحاديث النبوية إلى مكية ومدنية
نافذ سليمان عبد الرحمن الجعب | nafez soliman ljoub
27/01/2020 القراءات: 8121
مشروع تصنيف الأحاديث النبوية إلى مكية ومدنية
فإن مرجعية المسلم هي القرآن الكريم والسنة المشرفة، فهما مصدر التشريع ومنبع التكليف، وكما هو معلوم أن علماء القرآن عنوا بتحقيق المكي و المدني من القرآن الكريم عناية فائقة ، فتتبعوا القرآن آية آية ، و سورة سورة ، لترتيبها وفق نزولها ، مراعين في ذلك الزمان و المكان و الخطاب ، و تحدثوا عن معنى المكي و المدني ، و الفرق بينهما ، و مميزات و خصائص كل منهما ، و ضوابط و سبل معرفتهما ، و أهمية و فوائد هذا العلم ، الأمر الذي يفسر عناية الأمة بالمصدر الأول للتشريع .
وهنا نطرح السؤال : أليس معرفة المكي و المدني من الحديث النبوي من الأهمية بمكان كما هو الشأن بالنسبة لمعرفة المكي و المدني من القرآن الكريم ؟
و بالتالي يمكننا أن نتحدث عن علم المكي و المدني في الحديث النبوي ، و اعتباره علماً من علوم الحديث له محددات و ضوابط و مميزات و فوائد ، وله مكانة فهو جزء من الوحي الإلهي ويمثل المصدر الثاني للتشريع.
وقد اهتم الصحابة بالحديث الشريف كما اهتموا بالقرآن الكريم فعن عبد الله بن عَمْرو َقَالَ: كنت أكتب كل شَيْء أسمعهُ من رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أُرِيد حفظه فنهتني قُرَيْش وَقَالُوا تكْتب كل شَيْء وَرَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بشر يتَكَلَّم فِي الْغَضَب وَالرِّضَا فَأَمْسَكت عَن الْكتاب، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَوْمأ بإصبعه إِلَى فِيهِ وَقَالَ «اكْتُبْ فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا يخرج مِنْهُ إِلَّا الْحق» رَوَاهُ الْحَاكِم وَصَححهُ.
وعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا , حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ , فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ , وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ". أخرجه الترمذي
ولا ينكر منصف جهود علماء الأمة في خدمة الحديث النبوي الشريف من حيث جمعه والحكم على رواته ودرجة صحته، وظهور علم الحديث وفروعه التي ذكر منها ابن الصلاح في مقدمته خمساً وستين علماً، ولم يذكر علم المكي والمدني من الحديث الشريف، والذي يعتبر علماً شديد الأهمية في أمور كثيرة سنبينها لاحقاً بإذن الله، وحسب إطلاعي وسؤالي لأهل الاختصاص في علم الحديث لم أجد كتاباً مختصاً بذلك يميز الحديث المكي من الحديث المدني، ويؤكد هذه النتيجة ما ورد في الفتوى رقم: 36223 على موقع إسلام ويب بتاريخ:الخميس 9 جمادى الآخر 1424 هـ - 7-8-2003 م : هل يوجد مرجع معين يوضح أحاديث المرحلة المكية وأحاديث المرحلة المدنية؟ .وكانت الإجابة: "وأما المكي والمدني من الأحاديث فلا نعلم مؤلفًا معينًا في هذا الشأن".
وذكر "أمين بوكنزة" باحث ماجستير من المغرب حداثة هذا الموضوع فقال: بعد البحث و الاطلاع على ما كتب في هذا الموضوع ، لم أعثر على رسالة علمية محكمة تتناول هذا الموضوع في إطار دراسة علمية نظرية و تطبيقية متخصصة".
لذا أجد لزاماً علينا أن ننبه علماء الأمة والمهتمين بالحديث الشريف لهذا الأمر، ونسعى من أجل تنفيذه لخدمة الإسلام والمسلمين.
ووجدت بحثاً موجزاً من (33 صفحة) عن هذا العلم بعنوان : " الحديث المكي والمدني : معالم وضوابط للدكتور عبد الكريم توري يؤصل فيه لهذا العلم ويبين أهميته.
أهمية وفوائد هذا العلم:
تنبع أهمية معرفة المكي و المدني من الحديث النبوي فيما يلي:
1. خدمة الحديث النبوي ببيان المكي و المدني منه و التأسيس لهذا العلم بالضوابط و القواعد المستخرجة من مظانها ، و اعتباره علما من علوم الحديث على غرار علم المكي و المدني من القرآن الذي يعتبر علما من علوم القرآن .
2. دراسة التطور التشريعي من خلال الحديث الشريف، وتطور الأحكام بتطور الظروف وتغير الزمان والمكان.
3. الوقوف على مقاصد الشريعة في الأحكام المختلفة بناء على فهم الظرف المكاني والزماني والشخصي لمن ورد فيهم الحديث.
4. ترجيح رواية على أخرى بإدراك ما بين الرواة من تفاوت زمني لمعرفة الأدق رواية، فرواية من سمع من النبي مباشرة أدق ممن روى عمن سمع.
5. معرفة الحكم النهائي الذي استقر عليه الشرع في المسألة الواحدة من خلال الترتيب الزمني للروايات في الموضوع الواحد ويفيد ذلك في علم الناسخ والمنسوخ.
6. حسن فهم الحديث وحسن فقهه ، فقد يكون السبب مفسرا لحالة ورود الحكم بسببها، وهل هو خاص أو عام، مجمل أم مفصل؟.
7. إزالة التعارض بين الأحاديث بالرجوع إلى أسباب الورود والظروف التي قيل فيها.
8. معرفة الباعث على الأوامر والنواهي ، لمعرفة درجة الحكم من الاستحباب أو الإباحة أو الفرض أو الكراهة أو الحرمة.
9. الاستفادة من ذلك في علم التربية والتزكية والتعليم، من خلال معرفة كيفية تعامل النبي مع المواقف المختلفة ومنهجه في تربية الصحابة كخير أمة أخرجت للناس.
10. يساهم هذا العلم في تفسير الفرآن الكريم وفهم آياته لأن أسباب ورود الحديث تتفق مع أسباب نزول القرآن في أمور كثيرة.
11. استخراج سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم ، و ذلك بمتابعة أحواله و أحاديثه في مكة و مواقفه في الدعوة وأحواله و أحاديثه في المدينة و سيرته في الدعوة إلى الله فيها .
12. إثراء المكتبة الإسلامية بكتب ومراجع تخص علم المكي و المدني من الحديث النبوي ، لأن هذا العلم لم يسبق إليه بالتأليف و التفصيل ، فأرجو أن يكون هذا المشروع هو اللبنة الأولى في هذا العلم .
13. جمع الأحاديث و تصنيفها إلى مكي و مدني ليستفيد منها الفقيه و المجتهد و
يعرف كيف أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يراعي الزمان و المكان في تعامله مع المسلمين، فيستثمر ذلك الفقيه مراعيا في فتاويه الأحوال و الزمان و المكان الذي يعيش فيه المسلمون .
14. تمكين العلماء في العلوم الإسلامية المختلفة (علوم القرآن و التفسير-علم الحديث- علم الفقه وأصوله-علم السيرة والتاريخ الإسلامي- علم التربية الإسلامية..) من الاستفادة من هذا العلم وتطوير علومهم.
مشروع- تصنيف-الأحاديث- مكي- مدني
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
يحتاج هذا المشروع إلى تفعيل حقيقي،وتأطير من طرف جهات رسمية عليا. وأحاول المساهمة فيه إن شاء الله.