مدونة أستاذ دكتور منى كامل تركي- استاذ القانون الدولي العام
فلسفة الوقاية من الجريمة
أستاذ دكتور منى كامل تركي | Prof. Mona Kamel Tourky
20/10/2020 القراءات: 3302
إن فلسفة الوقاية من الجريمة تقوم على مبدأ المسؤولية الشخصية والمجتمعية، حيث أن دور المواطن في الوقاية من الجريمة لا يقل أهمية عن الإجراءات الشرطية التقليدية، فالجريمة ظاهرة اجتماعية تصاحب كافة المجتمعات المتقدمة منها والمتخلفة عن دروب التقدم، وهي سلوك اجتماعي مضاد للمجتمع ومخالف للقانون وثقافة المجتمع، وهي على هذا الأساس توجد في كل المجتمعات مع اختلاف ملامحها من مجتمع لآخر.
فالحد من الجريمة لا يمكن أن يرتكز فقط على عمل الشرطة وأجهزة العدالة الجنائية الأخرى، بل يجب أن يعتمد على سياسة وقائية فعالة تتضمن الاعتراف بالمسئولية الشخصية والمجتمعية نحو الجريمة، ومن هنا تعد الجريمة قضية تعنى كل أفراد المجتمع ومؤسساته ، ولذلك أصبح من الضروري أن يقف المجتمع كله في مواجهتها ، كما إن إجراءات الوقاية من الجريمة لا تقف عند حد الإجراءات التقليدية التي تضطلع بها أجهزة الشرطة والعدالة الجنائية ، بل أن الأمر يقتضى وجود أساليب أخرى مدعمة وفاعلة ، تسير بالتوازي مع إجراءات الوقاية التقليدية، فالسلوك الايجابي هو وضع النشاط أو القوة في حركة باتجاه تحقيق هدف معين اما السلوك السلبي هو عدم وضع للنشاط او القوة باتجاه تحقيق نتيجة محددة وبالتالي فان طبيعة الامتناع في وجود أثر ممكن أن يتولد عنه السلوك الإيجابي بوقوع الجريمة، وأن لجمهور المواطنين دورًا في غاية الأهمية في الوقاية من الجريمة لا يقل أهمية عن إجراءات الشرطة التقليدية فلابد أن يعي المجتمع خطورة وضرورة اعتبار الوقاية من الجريمة هدفًا قوميًا تكرس له الجهود وتنشأ له المنظمات والهيئات الكفيلة بتحقيقه.
وبالتالي هنالك طرق عدة لوقاية المجتمع من الجريمة كوضع برامج متنوعة لعلاج المنحرفين مثل تحويل الرغبات والميول الخطرة عند الإنسان وعلاجها والعمل على الحد من حالات التعرض للإغراءات، ونشر الثقافة والوعي بين أفراد المجتمع والحد من استهلاك المشروبات الكحولية والمخدرات ومعالجة المدمنين وحل المشاكل الاجتماعية بشكل جذري وبالذات في حالات الطلاق بين الأزواج فأن بعض الجرائم تحدث نتيجة خلل اجتماعي أو تفكك أسري أو نتيجة مرض نفسي أو لأسباب اقتصادية نتيجة الفقر وبسبب التهميش الاجتماعي ، وعلى ذلك فإن طرق الوقاية من الجريمة التي تقوم على عنصرين أساسيين وهما الوقاية العامة والتي تتناول وضع الخطط والبرامج الشاملة من قبل السلطات والهيئات المختصة والتي من شأنها القضاء على العوامل المؤدية إلى الإجرام أو الظروف المهيئة له، والوقاية الخاصة التي يعتمدها الأفراد بوسائلهم الخاصة من أجل الابتعاد عن الظروف التي يمكن أن تجعل منهم هدفا للاعتداء عليهم والوقاية العامة تشمل الأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع والشرطة والإعلام في منع الجريمة، الوقاية الخاصة فهي تعتمد في جوهرها على الجهود الفردية والتي تضع الانسان في موقع متحفظ مما يحيط به من مخاطر وبالتالي يعمل على تجنبها وهي تختلف باختلاف الأفراد وظروف المكان والزمان، تشتمل الوقاية الخاصة على الوسائل التي يتخذها الفرد من تلقاء نفسه والتي تمكنه من الابتعاد عن احتمالات التعرض للاعتداء عليه.
الجريمة- المسؤولية- الإجراءات- المجتمع
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع