الدبلوماسية الثقافية عند ابن خلدون
الدكتورة : فاطمة عيسى محمد | Dr.fatma Essa Mohammad
30/09/2024 القراءات: 112 الملف المرفق
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. إن الدول العظمى استخدمت القوى الصلبة في نزاعاتها على مر العصور إلى الثمانينات من القرن الماضي ، ومع بداية التسعينيات بدأت في تغيير نمط سياساتها في محاولة لاستعادة مجدها ، ومن خلال مراكز الأبحاث المختلفة توصلت إلى فكرة التخلي عن نمط القوى الصلبة إلى الاعتماد على القوى الناعمة في استعادة سيطرتها وظهور ما يسمى بالدبلوماسية الثقافية . ومع نهاية الحرب العالمية الثانية أدرك السياسيون أهمية التوجه إلى تكوين علاقات دبلوماسية وأنماط ثقافية متنوعة تعتمد على العلاقات الدولية ، فلم تعد القوة العسكرية وحدها تجدي نفعاً، بل أدركوا أهمية الثقافة في بناء جسر التقارب والتواصل بين الشعوب . ما أدى إلى تقلص الكثير من الفوارق بين الشعوب خاصة مع الثورات التكنولوجية والتواصل الرقمي الذي انتشر كانتشار النار في الهشيم ، فلم يعد هناك مجال لفرض القوة العسكرية لوحدها كما كان في السابق ، حتى أصبح العالم يمثل قرية صغيرة تتواصل الكترونياً خاصة مع تطور التواصل الرقمي وصولاً إلى عالم الميتافيرس، والذكاء الاصطناعي. فأصبح للثقافة دور كبير في تشكيل العلاقات الدولية، وأصبح محور اهتمام الدول قائم على التبادل الثقافي والاهتمام بالعلاقات الإنسانية والإعلام الالكتروني وتقديم الخدمات والمساعدات التي تمثل التأثير القوي على علاقات الدول في شتى المجالات، بل تترك أثراً ايجابياً على نقيض ما تتركه القوى العسكرية. ولاشك أن التاريخ الإسلامي أثبت لنا أسبقية المسلمين في نشر هذه الثقافة وبناء العلاقات الدبلوماسية لتكون دعامة لتأسيس الدولة الإسلامية الأولى، واستمر الصحابة والتابعين من بعد على هذا النهج . وفي حقبة من التاريخ تشدق المسلمون بالثقافات الغربية رغبة في التقليد، وهاهم يعودون أدراجهم لأصل هذه العلوم والثقافات المتأصلة في دينهم وتاريخهم الإسلامي . ابن خلدون (1332- 1406م): هو عبدالرحمن بن خلدون، المغاربي المسلم، من أصل حضرمي ، ولد في تونس ودرس العلوم المختلفة في جامعة الزيتونة، وهو ابن الخامسة عشر من العمر ، وتولى العديد من المناصب السياسية وهو في العشرين من عمره، يعد أحد رواد التاريخ الحديث و علم الاجتماع والاقتصاد كما درس الفقه والحديث والعلوم التجريبية ، فكان نابغاً من نوابغ البشرية في التاريخ الإسلامي ، واشتهر بالمقدمة التي عرفت باسم مقدمة ابن خلدون، ومثلت دستوراً في العلم والدين والسياسة، اقتفى أثرها العديد من السياسيين بالرغم من مضي حوالى ستة قرون على وفاته ، لكنه ترك خزانة من العلم والمعرفة ، وسبقت مقدمته ما تعارف عليه العلماء واكتشفوه بعد قرون من وفاته. ويعتبر كتاب المقدمة تمهيداً لكتاب (العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر). ويضم الكتاب إلى جانب المقدمة ستة مجلدات أخرى، قال ابن خلدون عن كتابه:(أتممت هذا الجزء الأول، المشتمل على المقدمة، بالوضع والتأليف قبل التنقيح والتهذيب، في مدة خمسة أشهر آخرها منتصف عام تسعة وسبعين وسبعمائة (779 هـ). ثم نقحته بعد ذلك وهذبته وألحقت به تواريخ الأمم، كما ذكرت في أوله ) الثقافة الدبلوماسية عند ابن خلدون: اعتمد ابن خلدون على بعض الأفكار التى تمثل أهمية في الدبلوماسية الثقافيةو ،هي : 1. العصبية: حيث أكد ابن خلدون على دور العصبية كقوة مُحركة للتماسك الاجتماعي والسياسي . 2. التعصب: حذر ابن خلدون من عقبات التعصب ، الذى من شأنه أن يعيق جهود التواصل بين الثقافات المختلفة. 3. التبادل الثقافي : شجع ابن خلدون على التبادل الثقافي كوسيلة لتعزيز التفاهم والتعاون بين الحضارات. 4. اللغة: يؤكد ابن خلدون على أهمية دور اللغة كأداة أساسية للتواصل بين الثقافات. 5. الدين: وأشار في مقدمته كذلك إلى دور الدين في تشكيل الثقافة، وضرورة احترام التنوع الدينى. من أقواله: انفراد الحكام بالمجد يذهب بالدولة إلى الهِرم" حيث عاصر ابن خلدون عصر الانحطاط واندثار الحضارة الإسلامية وشهد الكثير من الخلافات السياسية في تلك العصور، فقد شهد عصر الموحدين بتونس، واضمحلال الدولة الإسلامية في الأندلس وذهاب مجدها بسبب انشغال الحكام بأمجادهم وبعدهم عن الرعية، واعتمادهم في الملك على القوة ، وكذلك ما تعرض له من محن ودخوله السجن بسبب الفتنة وسجنه في فاس، وكتب المقدمة وهو سجين في أحد قلاعها ، كما أن الاضطرابات النفسية التى تعرض لها في مصر وغرق عائلته في البحر ، جعلته يعتزل الحياة السياسية، وينكب على التأليف والكتابة.
ابن خلدون - البدلوماسية - الثقافية - القوى الصلبة - العلاقات الدولية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع