مدونة عماد ناجي رشيد الهاشمي


كيف نعالج المريض بالداء نفسه الذي يعاني منه (اي نمرضه لنعالجه)؟

عماد ناجي رشيد الهاشمي | Imad Naji Rasheed


03/01/2025 القراءات: 16  


من مذكراتي في طب الاعشاب
وداوني بالتي كانت هي الداء (تفسير علمي)
هذه المقولة هي من بيت شعر او بالاحرى العجز من بيت الشعر لآبي نواس "الحسن بن هاني" وهو يوجه شعره الى من ‏لامه على شرب الخمر،

‏ دع عنك لومي فإن اللوم اغراء وداوني بالتي كانت هي الداء
فيقول لمن لامه: ان عتابك الشديد لي غير مجد، وبلا فائدة، و إن التوبيخ والعذل يزيدني حباً ورغبةً في الخمر، فكلما ‏لمتني أكثر فإنني سأشربها أكثر، و إن كانت الخمر دائي فهي ايضا دوائي. و هذا غير صحيح من الناحية الطبية ان يتداوى بالخمر ناهيك عن التحريم الشرعي. ومرادفات كلمة دواء: بلسم، علاج، ‏عقار، ترياق، والضد من الدواء يسمى: داء، سقم، علة، مرض، وبهذا فالداء لغوياً هو المرض ظاهراً أو باطناً، والجمع منه: ‏أدواء.
و بالمناسبة فإن ابا نواس كان مثقفا و شديد الاطلاع على الامور العلمية في عصره بما فيها الطب ويبدو انه كان على علم بتلك القضية عن المداواة بالنظائر.
والسؤال: كيف يداوي المريض نفسه بالداء الذي يعاني منه؟ إنه أمر مستغرب لمن لا علم له بطب الاعشاب. و ‏من المتعارف عليه ان علاج اي داء بما يضاده، فمثلا الحمى تعالج بأعشاب مبردة و المريض المستبرد يعالج باعشاب مسخنة. ولكن ‏في العصر العباسي في زمن الرشيد و الامين والمأمون تطور الطب الى درجة كبيرة وقفز قفزة هائلة من علوم نظرية بحتة ‏ايام جالينوس الى التجربة العملية لكل داء و استقصاء صدق كل معلومة في كتب الطب المترجمة. وكان الكندي الطبيب الفيلسوف زمن الرشيد، قد كتب عن علاج الاسهال ‏المستعصي الذي لا يتوقف بالقوابض الى استعمال اعشاب مسهلة ، اي يعالج الاسهال بالمسهل!‏
و التفسير العلمي لذلك ان بعض حالات الاسهال قد تكون فايروسية و القوابض لا تؤثر فيها (حسب آلية عمل الاسهال ‏الفيروسي)، و اما المسهل المستعمل فهو السنامكي و المعروف عنه انه يشجع بطانة الامعاء على الانسلاخ و التجدد سريعا. و بما ‏ان الفيروس المسهل يكمن في بطانة الامعاء فالمسهل السنامكي اذا هو علاج له! ‏و مثال آخر، الالم في المفاصل يعالج بألم الحرق الجزئي و هو الكي (مع ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يشجع الامة على ممارسة الكي الا للضرورة القصوى. و علميا الكي يقوم بتدمير البروتينات الضارة التي تهاجم المفاصل بعملية تدعى تمسخ البروتين protein denaturation بالحرارة و هي طريقة اصفها كأنها سلاح ذو حدين، فمن المحتمل ان تؤذي الانسجة الطبيعية في المفاصل و تسبب ضررا جسيما (ولهذا لم يشجع صلى الله عليه وسلم التداوي بالكي مطلقا كما في الحديث الصحيح: عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الشفاء في ثلاثة في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية بنار وأنا أنهى أمتي عن الكي"
و للعلم فانه الطبيب الألماني صموئيل هانيمان عام 1796 ادعى انه هو قد ابتكرها و سماها (العلاج بالمثل Homeopathy) وهذا اصله من طب العرب القديم.


داء ، دواء ، اعشاب ، Homeopathy ، ابو نؤاس ، الكندي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع