مدونة مها شرف


اللغة العربية على الهامش

مها محمد علي شرف | Maha Sharaf


24/04/2019 القراءات: 6118  


اللغة العربية كانت ملكة العرب التي أخذت عنهم ولم يأخذوها عن غيرهم. ولكن عندما اختلطوا بالاعاجم..فسد اللسان العربي ..وأصبحت تلك الملكة بلا تاج

إياكم ورطانة الاعاجم
اللّغة العربيّة من أكثر اللغات انتشاراً على مستوى العالم، وهي من اللغات السّامية يبلغ عدد المتحدثين بها أكثر من 422 مليون شخص، ولها مكانة عظيمة في العالم الإسلامي، فهي لغة القرآن الكريم ولا تصح الصلاة إلا بها،ومقارنة مع اللغات الأخرى تبين أنّها من بين أهم 4 لغات حية وهي العربية والإنجليزية والفرنسية والروسية ..ومن خلال إحصاء كلماتها وُجد أنّ اللغة العربية تحتوي 12.302.912 بدون تكرار بينما اللغة الإنجليزية.000 .600. كلمة تبعاً لأكبر المعاجم إليها والفرنسية تحتوي. 000 .150. كلمة بينما الروسية 130.000 كلمة فقط. وبالنظر إلى تلك الأرقام ندرك مدى أهميتها ومخزونها اللغوي الكبير من مرادفات واضداد واشتقاقات. وعلى الرغم أنّ اليونسكو يحتفل باللّغة العربية في 18 ديسمبر. ومحاولة اسباغ شيئا من التمجيد لها إلا أنّنا نجد أنّ هُناك إضاعة لكلماتها ومفرداتها.. فكم اليوم نجد أنفسنا نستهجن ونندهش لسماعنا لبعض الكلمات ونظن أنّها من الغريب المُوحش. على الرغم أنّ هذه الكلمات فصيحة لم يصيبها أي خلل.. ويعدو ذلك إلى تراجع مكانتها بيننا وبين محافلنا ومدارسنا وجامعتنا بالإضافة إلى تراجع القرآن الكريم وعلومه بيننا..الذي يعد مرجعاً كبيرا لكلمات اللغة العربية. . فمعروف أن الكلمة في القرآن الكريم تمتاز بميزات قلَّ أنْ تجدها في أي كتاب آخر من حيث جمال وقع الكلمة على السّمع. فاللفظ القرآني اعتلى ذروة الفصاحة والبلاغة فقوله تعالى"والليل إذا عسعس*والصبح إذا تنفس" (التكوير). ستتبدَّى لك لوحةً جميلةً رائعةً تحكي بزوغ النهار متجسدة أمام ناظريك في صورة مخلوق يتنفس (والصبح إذا تنفس) وهي استعارة مكنية جميلة. بالإضافة إلى اتساع دلالات اللفظ القرآني العربي. .بخلاف الألفاظ في اللغات-معجز- وهو يُعبر بحروفه وطريقة نطقه عن أدق التفاصيل بما فيها المشاعر الإنسانية يجعلك في تناغمٍ فريد. .فصوت الإنسان الخفيض أو الخفي قد يكون:همساً أو جرساً أو خشفةً أو همشةً أو وقشةً، ولكلّ منها استخدامه في موضعهِ الخاص. .فمثلاً صوت الماء:أنه إذا جرى فهو خرير، وإذا كان تحت ورق أو قماش فهو قسيب، وإذا دخل في مضيق فهو فقيق، وإذا تردد في الجرة أو الكوز فهو بقبقة وإذا استخرج شرابا من الآنية فهو قرقرة. فمن خلال تلك الأمثلة فلنسال أنفسنا هل جميعنا يفهم تلك الكلمات ويعي معناها بشكل جيد؟ أم أنّها غريبة بالنسبة لك؟ إذاً ما السّبب الذي يجعلها غريبة وبعيدة عنا؟ لما لا نسأل أنفسنا عن السبب وإيجاد الحلول لذلك؟ صحيح ما كان للعربية من مجدٍ ومكانةٍ ..ولكنّها منذ العهد العثماني اقتصرت على علوم الدين دون دخولها بمجالات العلوم الأخرى وصولاً إلى يومنا هذا. .فالعلاقة باللغة أصبحت ميتافيزيقية. وإنْ قمنا بتمجيدها.. ولكن هذا التمجيد بالخروج عن التاريخ والحضارة يصبح مجاملة وتضليل.. بعد أنْ غابت المسألة اللغوية والمشاريع والبرامج السياسية للسلطات والأحزاب التي تتصدى لذلك .. رغم أنَّ اللغة الحامل الأول لاتصال البشر. ولا ننسى الأسباب الاجتماعية التي تلعب دوراً في ذلك بانعدام الوعي الإجتماعي بأهمية اللغة بالإضافة إلى الصراع العالمي لسيطرة لغة على أخرى ..وارتباط اللغة بالمصالح. فالعربية اليوم للأسف التي نحتفل بها بقيت في الوجدانيات والأدب والثقافة.. فيما حضرت اللغات الأخرى في العلوم والتكنولوجيا ومظاهر التطور والعصرنة ..وكما يقال اللغة وعاء الثقافات. .فأي لغة قوم هي عبارة عن مفردات تعكس كمية من المعاني العميقة فعندما نقوم بترجمة وعبارات لغة أخرى فإنّنا لنْ نستطيع نقل تلك المفردات بالمعنى العميق وبذلك الشعور التي تحمله الكلمة. .فكلّ لفظة تعكس ظلالا أخرى غير ثقافتنا ومسلماتنا الأصلية ..وغير الدوافع والقيم الشعورية. ولذا عندما نلجأ إلى اللغات الأخرى ونتبناها وننسى لغتنا فكيف لها أنْ تنهض؟ فكيف لنا أن نعتز بها؟. .فنحن اليوم بحاجة إلى حملة قيمة تتبنى فكرة الاعتزاز بالهوية واللغة العربية كجزء من ذلك. . فمثلاً يمكن أن نعطي نموذجاً لدولة استطاعت أنْ تصبح اللغة الثانية في العالم بعد الإنكليزية وهو النموذج الفرنسي:

ففي فرنسا وفي عهد الرئيس \"ميتران\" كان لدى الفرنسيون شعور بأن اللغة الفرنسية قد أصبحت مهددة وتعاني من التراجع على الصعيد العالمي ، مع انحسار الاستعمار المباشر وبسبب ذلك فإن دولة فرنسا قد بدأت تصبح في مصاف الدول ذات المرتبة الثانية في العالم ، بعد أن كانت فرنسا على مرّ التاريخ من دول الصف الأول دائماً وبدأت تجاهد الحركة الفرانكفونية على بقاء نفوذ الثقافة الفرنسية في العالم بعد انحلال إمبراطوريتها ، فقامت عدة مراكز إستراتيجية بدراسة سبب هذه المشكلة ووصلت إلى أن أحد أسبابها هو ضعف اللغة الفرنسية ، وقلة انتشارها في العالم بعد هيمنة اللغة الانجليزية ، فقاموا بإنشاء مشاريع طويلة الأجل لتقوية اللغة الفرنسية ونشرها في العالم أجمع وبعد سنوات طويلة ، كانت تلك النتيجة المثمرة ، والتي لربما ترون ما الذي وصل إليه الكيان الفرنسي الآن ، وكيف اعتزاز الفرنسيون بلغتهم ، بل حتى إن النظام الفرنسي يمنع الكتابة على لوحات الشوارع والمحلات التجارية بأي لغة أخرى غير الفرنسية . . فالاديب مصطفى صادق الرافعي في كتاب وحي القلم يقول (ما ذلت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمرها في ذهاب وادبار، ومن هنا يفرض الأجنبي المستعمر لغته فرضاً على الأمة التي يستعمرها، ويركبهم بها، ويشعرهم عظمته فيها).فنحن اليوم إذلاء بعد أنْ ذُلّت لغتنا بعد تلقينا اللغات الأخرى وحضارتها المتقدمة علينا بالتسليم والقبول..على الرغم من أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوصانا بعد الفتوحات بقوله:(إياكم ورطانة الاعاجم) فلما لا نتعلم من تلك البلدان تلك الثقة بلغتها والإهتمام بها وعدم اهانتها وازدراءها وإلى متى نمجد اللغات الأخرى بدل من لغتنا العربية لغة القرآن الكريم.


اللغة العربية. الرطانة الاعاجم. اللهجات.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع