مدونة أحمد عادل عثمان


عصر ما بعد الحداثة في عالم لا رؤية فيه

أحمد عادل عثمان | Ahmed Adel


23/10/2023 القراءات: 643  


تخيل لو أن هناك قوما يعيشون بلا عيون مطلقاً ، يعيشون في عالم لا رؤية فيه ويتكلمون لغة لا ألوان فيها "لقد كنت في المنطقة الخشنة ."
"ولدت لفلانة بنت صوتها حسن"
ولأن حياتهم منزوعة الألوان فلغتهم خالية من التعبير باللون وهو ما يعني أن تفكيرهم منعدم من عامل الرؤية.

استطاع هؤلاء العيش وتطوير المعرفة عن طريق المرويات والأساطير المؤسسة التي تثمن قيمة القص والقول المأثور كمصدر وحيد للمعلومة ، ولتحديد المفاهيم عليهم الاعتماد على اللمس : الخشن خشن والاملس املس والحلو حلو ، أما الزمن فهو عندهم مسار ممتد لا يحمل أوقاتاً مميزة وانما ينامون بالتناوب المنظم ، ولو أن لهم أنظمة حكم سياسية سيكون تنظيم النوم من أولوياتها بالاضافة للطعام .

إن القواعد العقلية لهؤلاء ستكون مبنية على المخزون المعرفي الذي استطاعوا توفيره عن طريق الحس والصوت ومحاولات التخيل المنعدمة اللون .

ماذا لو أنه ظهر لهم فجاة رجل يبصر ، لنفترض انهم يتكلمون نفس اللغة لكنهم لن يفهموه تماما فالقاموس اللغوي الذي لديهم تنعدم فيه كل العبارات والجمل الدالة على اللون والرؤية (الضوء ، القمر ، الورد ... الخ)

سيقول هذا الرجل لتلك الفتاة التي ظنونها اقبح فتاة فيهم لان وجهها ناعم الملمس(محدد الجمال الخاص بهم) ، سيقول لها : ما اجمل هذا الصباح (الصباح بلا معنى بالنسبة لها ) .

أن هذه العبارات تثير مخاوف الجميع ، هذه اللغة الجديدة المحطمة للتوقعات مخيفة لأنها تدمر كل المعتقدات التي بنوها بالتفكير بلغة خالية من الألوان .
يثقون أن الكون ليس الا ما يستطيعون التعبير عنه بلغتهم وأن الحقيقة هي نتاج تفكيرهم الذي يستخدم مقاييس نفس اللغة .
ينشأ الإنسان في بيئة ذات عقيدة معينة فهو لا يكاد يفتح عينه للحياة حتى يرى أمه وأباه وأهل بيته وأقرانه يقدسون صنما أو قبراً أو رجلا من رجال التاريخ، وينسبون إليه كل فضيلة وعقل الإنسان ينمو في هذا الوضع حتى يصبح كأنه في قالب وهو لا يستطيع أن يفكر إلا في حدود ذلك القالب.


عصر ما بعد الحداثة فلسفه علم الاجتماع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع