مدونة د. السيد علي السيد


المضامين الأخلاقية في رباعيات الخيام

د. السيد علي السيد | Dr. El - Sayed Ali El - Sayed Gommaa


17/07/2021 القراءات: 2905  


رباعيات الخيام "..
- من أشعار الشاعر الفارسي الكبير "عمر الخيام"..
- ومن ترجمة واختيار شاعر الشباب " أحمد رامي "..
- ومن ألحان موسيقار زمانه والشرق " رياض السنباطي "..
- ومن غناء سيدة الغناء العربي كوكب الشرق " أم كلثوم "
- الأغنية إنتاج عام 1950م ..
- القصيدة كما غنتها كوكب الشرق:
سمعتُ صوتاً هاتفاً في السحَر
نادى من الغيب غُفاةَ البشر
هُبوا املأوا كاس المنى قبل أن
تملأ كأسَ العمرِ كفُّ القدر
لا تُشغلِ البال بماضي الزمان
ولا بآتي العيشِ قبل الأوان
واغنَمْ منَ الحاضرِ لَذّاتهِ
فليسَ في طبعِ الليالي الأمان
غداً بظهرِ الغيب، واليوم لي
وكم يخيبُ الظنُّ في المُقْبلِ
ولستُ بالغافلِ حتى أرى
جمالَ دنيايَ ولا أجتلي
القلبُ قد أضناه عشقُ الجمال
والصدرُ قد ضاق بما لا يُقال
يا رب هل يرضيك هذا الظمأ
والماءُ ينسابُ أمامي زلال
أولى بهذا القلب أن يَخْفِقا
وفي ضرامِ الحبِّ أن يُحرَقا
ما أضْيَعَ اليومَ الذي مرَّ بي
من غير أن أهوى أو أعشقا
أفِق خفيفَ الظلِّ هذا السحَر
نادى دعِ النومَ وناغِ الوتر
فما أطالَ النومُ عمراً ولا
قصرَ في الأعمارِ طول السهر
فكم توالى الليلُ، بعدَ النهار
وطالَ بالأنجُمِ هذا المدار
فامشِ الهوَينا، إنَّ هذا الثرى
من أعينٍ ساحرةِ الإحْوِرار
لا توحِشِ النفسَ بخوفِ الظنون
واغنمْ من الحاضر أمنَ اليقين
فقد تساوى في الثرى راحلٌ
غداً وماضٍ من ألوف السنين
أطفئ لظى القلب بشهدِ الرضاب
فإنما الأيام مثل السحاب
وعيشنا طيفُ خيال ، فنلْ
حظَّكَ منه قبل فوتِ الشباب
لبستُ ثوبَ العيش لم أُستَشرْ
وحرتُ فيهِ بين شتَّى الفِكرْ
وسوفَ أنضو الثَّوبَ عني ولمْ
أُدرِكْ لماذا جئتُ أينَ المفر
يا من يحارُ الفهمُ في قدرتِكْ
وتطلبُ النفسُ حمى طاعتكْ
أسكرني الإثمُ ولكنني
صحوتُ والآمال في رحمتِك
إن لم أكن أخلصتُ في طاعتِك
فإنني أطمعُ في رحمتك
وإنما يشفع لي أنني قد
عشتُ لا أُشرِكُ في وحدتِكْ
تخفى عن الناسِ سنى طلعتِك
وكلُّ ما في الكونِ من صنعتك
فأنتَ مجلاهُ وأنت الذي
ترى بديعَ الصنعِ في آيتك
إن تُفصَلِ القطرةَ من بحرها
ففي مداهُ منتهى أمرِها
تقاربتْ يا ربُّ ما بيننا
مسافةُ البعدِ على قدرها
يا عالمَ الأسرارِ عِلْمَ اليقين
وكاشفِ الضرِّ عن البائسين
يا قابلَ الأعذار عدنا إلى
ظلِّـــكَ فاقبلْ توبةَ التائبين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المضامين الأخلاقية في رباعيات الخيام:
1- عدم الانشغال بالماضي؛ فقد انتهى. ولا برزق المستقبل؛ "فالأمر بيد الله". وما هو مطلوب هو "الاهتمام بالحاضر"؛ فهو الأصل؛ لذا يجب استغلاله والاستفادة منه على أحسن وجه؛ فالأمور تتبدل وتتغير بصور فجائية "نظرية الفوضى".
2-الغد "غيب" في علم الله، و"الحاضر" ممكن يجب استثماره؛ لذا يجب على الإنسان العمل في نطاق "دائرة الممكن"؛ أي الحاضر وفرصه المتاحة.
3- أمر الإنسان وفلاحه يرتبط بقضية "الوعي" بالحاضر وما يتضمنه من متغيرات وأحداث، وعليه الاستمتاع بما هو متاح في "يومه" والانجذاب إلى هذا الحاضر وما يحتويه.
4- "الجمال" يؤثر "القلوب"، و"الصدر" مكان الضيق واحتباس الانفعالات؛ لذا يتأثر الإنسان بكل ما هو جميل، فهو عنصر أساسي في تكوينه، كما يمكنه ألا يعبر عن انفعالاته لقدرته على احتباسها داخل "الصدر"، وهذا من عظيم خلق الله.
5- ضرورة "استثمار الوقت" وحسن التفاعل مع "متغير الزمن"؛ فما أطالَ النومُ عمراً ولا قصرَ في الأعمارِ طول السهر.
6- ترك "الظن"، واغتنام "الحاضر" والتمسك "بالآمال"، واغتنام ميزة "اليقين"، وأن "الله عن حسن ظن العبد به"، فالأمر بيد الله، و"الفناء" حق على كل البشر.
7- العمر "قصير"، و"الاجتهاد" هو السبيل لنيل "الحظ والمكانة" في الدنيا والأخرة. و"مرحلة الشباب" هي أساس البناء؛ فهي مرحلة "الكد والاجتهاد والتحصيل".
8- "العمر" يمر سريعًا مثل "السحاب" لا يشعر بحركته أحد؛ لذا وجب علينا اغتنام ما هو ممكن ومتاح.
9- "وجودنا" ليس بـ"اختيارنا"، وإنما لحكمة لا يعلمها إلا الله؛ وعلى الإنسان أن "يعي" سبب "خلق الله له"؛ فهو أساس حركته في هذا العالم وتفاعله معه.
10- "تعظيم الله وقدرته" من أركان الإيمان، و"الثقة في عفوه" ركيزة لتفاعل الإنسان مع الحياة، في ظل طبيعيته البشرية.
11- "الشرك بالله" أكبر الكبائر، ولا يوجد بعدها كبيرة؛ لذا فمن الركائز الحياتية "الإيمان بأن الله يغفر كل شئ" ما عدا الشرك به.
12- "دلائل وجود الله وقدرته" يستشعرها الإنسان من ما يتضمنه الكون من خلق؛ وإن دل ذلك فإنما يدل على "عظمة الخالق" و"دقيق صنعته".
13- على الإنسان أن يطمع في "رحمة الله"؛ حتى وإن كان عاص أو مقصر في الطاعات.
14- كلنا نعيش في "رحمة الله"، ونرجو عفوه ورضاه، وعلينا "التوبة" فإنها أساس النجاة.
15-الله "مطلع" وعالم بكل "شئ"؛ "يعلم الجهر وما تخفي الصدور".
16- علينا أن نتعامل في حياتنا بناء على هذا الأساس، وأن الله عالم بكل شئ ظاهره وباطنه.
د. السيد علي السيد جمعة
أستاذ التخطيط التربوي المشارك بكلية التربية - جامعة السويس - جمهورية مصر العربية


رباعيات الخيام - المضامين الأخلاقية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع