مضمون الحق المعنوي للمؤلف
الدكتور : سعد لقليب / محمد | dr. saad louglaib / mohamed
02/07/2020 القراءات: 5181
استقر الفقه و القضاء وكذلك جل قوانين حق المؤلف على أن الحق المعنوي للمؤلف يتضمن عدد الامتيازات أو السلطات تمكن المؤلف من حماية شخصيته التي يعبر عنها إنتاجه الذهني، وهذا ما سنحاول التطرق إليه فيما يأتي :
1 /- حق المؤلف في الكشف عن مصنفه .
بغض النظر على المصطلح المستخدم للتعبير على هذا الحق من حق الكشف أو الإذاعة أو الحق في توصيل المصنف إلى علم الجمهور فإنه يعتبر أحد الامتيازات الهامة التي يوفرها الحق المعنوي، بحيث يقوم هذا الامتياز على أساس أن المؤلف هو الشخص الوحيد الذي يقرر مدي صلاحية المصنف الأدبي أو الفني للنشر و لا يستطيع أحد أن يجبره على نشر المصنف في وقت يرى فيه أنه ما يزال بحاجة إلى تحسينات إضافية حتى يظهر بالمستوى اللائق بسمعته الأدبية و الفنية، وللتوضيح أكثر نتطرق إلى :
الحالة (أ) : حق تقرير النشر في حياة المؤلف : النشر هو إتاحة المصنف للجمهور لأول مرة عن طريـق المؤلف وحده فهو الذي يختار وقت النشر و طريقة النشر أي الطريقة المناسبة لذلك و التي تعد سلطات متفرعة عن الأصل الذي هو تقرير النشر . فلا يمكن إرغامه على نشر المصنف و في حالة التعاقد مع الناشر لا يمكن إجباره على التنفيذ العيني و تسليم عمله للناشر لأن ذلك يتعارض مع الحق المعنوي للمؤلف، و في هذه الحالة يكون مسؤولا طبقا للقواعد العامة في تعويض الناشر .
كما أنه بعد نشر المصنف و إذاعته و كشفه و إتاحته للجمهور يصبح ذلك المصنف قابلا للاستغلال الاقتصادي و بالتالي يجب التفرقة و عدم الخلط بين حق المؤلف في تقرير نشر مصنفه الذي هو حق معنوي و امتياز وبين إبرام عقود الاستغلال . فالمؤلف يبدأ أولا باتخاذ قرار الإذاعة ثم يشرع بعد ذلك في إبرام العقود، كما أنه يمكن أن تطول المدة الزمنية بينهما، أي يقرر المؤلف نشر مصنفه ثم تمضي فترة طويلة أو قصيرة دون أن يشرع المؤلف في إبرام عقود الاستغلال .
الحالة (ب) : حق تقرير النشر بعد وفاة المؤلف : في حالة وفاة المؤلف دون أن يقرر نشر مصنفه فإن ورثته هم الذين يقررون ذلك و يعينون وقته و طريقته، هذا يعني أنهم يباشرون نفس الحق المعنوي الذي كان للمؤلف أثناء حياته المادة 22/2 .
و لكن في حالة اختلاف الورثة بين مؤيد ومعارض لإتاحة المصنف، هنا وجب تدخل المحكمة للفصل في أمر الإذن بنشر المصنف، وكذلك تدخل الجهات المختصة في حالة عدم وجود ورثة المؤلف المتوفى.
2/- سلطة نسب المصنف إلى المؤلف (حق الأبوة )
اعترفت معظم قوانين حق المؤلف الوطنية بحق المؤلف في نسبة مصنفه إليه، كما اعترفت به الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الملكية الأدبية و الفنية من قبلها، فبماأن المؤلف هو صاحب الفضل في التعبير عن المصنف فإن له الحق وحده بالتمتع بنسب المصنف إليه و لا ينازعه في ذلك أحد سواء نشر المصنف في حياته أو بعد وفاته .
ويسمى أيضا بحق الأبوة، أي أن المؤلف شبه بالأب، فإذا كان للأب حق في تقدير ميلاد الطفل، وله سلطة أبوية على الولد فنفس الأمر يطبق على المصنف إذ يعد المؤلف بمثابة الأب على مصنفه .
3/- سلطة العدول عن المصنف ( حق السحب، حق الندم، و حق التوبة)
يقرر في كثير من الأحيان المؤلف نشر مصنفه و يقوم بذلك فعلا عن طريق التعاقد مع الغير (الناشر) على نشره ثم يرى أن هذا المصنف لم يعد مطابقا لأرائه الأدبية أو الفنية فيقوم بتعديل أفكاره نتيجة لما اكتشفه من عيوب في مضمون مصنفه، و أحيانا على الرغم من تعديل و تنقيح الأخطاء الموجودة في ذلك المصنف فإنه لا يكتفي بذلك فقط و إنما يلجأ إلى سحب مصنفه من التداول لان استمرار تداوله فيه إساءة إلى سمعته الأدبية .
يكون السحب في حالة وجود أسباب تضر بالسمعة و الشخصية المعنوية للمؤلف ، فغالبا ما يقوم المؤلف بذلك عندما يندم على رأي أبداه أو تعبير أورده أو شكل أتخذه المصنف و ذلك لتأكد المؤلف أنه يمس به أو بمكانته أو بسمعته كمبدع .
و كذلك حسب المادة 24 من الأمر 03-05 وجوب استئذان القضاء من أجل التأكد من جدية الدافع لمباشرة السحب و ضمان التعويض العادل لصاحب حق الاستغلال المالي إن وجد .
و بعد وفاة المؤلف لا يسمح القانون الجزائري بانتقال حق السحب إلى الورثة لأنه حق شخصي لا يعرف أسباب ممارسته إلا المؤلف .
4/- سلطة احترام المصنف و دفع الاعتداء عليه .
نصت على هذا الامتياز كل من اتفاقية برن في المادة 6 مكرر و كذلك المادة 25 من الأمر 03-05 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة .
فالمؤلف يتمتع بالحق في احترام مصنفه و لا يمكن أن يسمح لأحد القيام بأي تحوير أو تعديل بدون إذن مسبق و مكتوب من قبله.
ففي حياته له الحق في التعديل، التغيير، الحذف، الإضافة و كل ما يراه مناسبا لمصنفه، أما بعد وفاته يتولى الورثة دفع الاعتداء عن المصنف و في حالة عدم وجود الورثة يحل محلهم الديوان الوطني للحقوق المؤلف .
وهذا يعد استثناء من بين الاستثناءات الواردة على خاصية عدم قابلية انتقال الحق المعنوي للمؤلف إلى الورثة، حيث نجد فئتين :
الفئة (أ) : حقوق أدبية إستئثارية يستأثر بها المؤلف و يستطيع وحده أن يمارسها والتي يصعب تصور انتقالها إلى الورثة و هي :
• الحق في النشر باسم مستعار أو بالاسم الحقيقي ....، الامتناع عن النشر .
• الحق في التعديل .
• الحق في سحب المصنف من التداول .
الفئة (ب) : حقوق أدبية يمكن أن يمارسها المؤلف أو خلفه أي تنتقل إلى الورثة و هي :
• الحق في تقرير النشر إذا توفي المؤلف و لم ينشر مصنفه ولم يترك وصية بعدم النشر .
• الحق في منع إسقاط اسمه .
• الحق في احترام المصنف ودفع الاعتداء عليه .
• الالتزام باحترام سلامة المصنف يطبق أيضا على كل المستعلمين .
المؤلف ، الحقوق المعنوية . سلطات المؤلف
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع