الهندسة النفسية مبادئها وموضوعاتها
د. يوسف دفع الله حسين محمد | Yousif dafa alla husin mohmmed
12/12/2021 القراءات: 6914
الهندسة النفسية هي مصطلح عربي لما يطلق عليه في اللغة الإنجليزية Neuro Linguistic Programming أو NLP وترجمتها حرفيا تعني (برمجة الأعصاب لغوياَ) أو البرمجة اللغوية للجهاز العصبي، كلمة Neuro تعني عصبي، و Linguistic تعني لغوي، وProgramming تعني برمجة، والجهاز العصبي هو الذي يوجه ويتحكم في وظائف الجسم وأدائه، كما نجد أنَّ اللغة هي وسيلة التعامل مع الآخرين، أما البرمجة فهي طريقة تشكيل صورة الأشياء في الذهن، أي برمجة دماغ الإنسان.
تقوم الهندسة النفسية على عدد من المبادئ أهمها:
مبدأ الخارطة ليست هي الواقع: هذا المبدأ وضعه العالم البولندي الفريد كورزيبسكي، وهو يعني أن صورة العالم في ذهن الإنسان هي ليست العالم، فخارطة العالم في أذهاننا تتشكل من المعلومات التي تصل إلى أذهاننا عن طريق الحواس، واللغة التي نسمعها ونقرأها، والقيم والمعتقدات التي تستقر في نفوسنا، وهذه المعلومات التي تصور لنا العالم في أحيان كثيرة تكون خطأ أو صواب، وحينها يتكبل الإنسان بمعتقداته فتتعطل طاقاته، وتقل قدراته، وهذه الخارطة هي التي تحدد سلوكنا، وتتحكم في تفكيرنا، وتوجه مشاعرنا، وتؤثر في إنجازاتنا، نجد أنَّ هذه الخارطة تختلف من إنسان لآخر، ولا تمثل العالم كما هو بل أن الإنسان لا يدرك هذا العالم إلا إذا حدث تغير في الخارطة الكامنة في ذهنه، وإذا استطاع الإنسان تغيير هذه الخارطة الذهنية، فإن العِلْمَ يكون قد تغير، وعلى هذا المبدأ فإن الإنسان في استطاعته أن يغير العالم عن طريق تغيير الخارطة الذهنية، أي تغيير ما في ذهنه، قال تعالى: {لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} سورة الرعد الآية 11.
تتناول الهندسة النفسية عددا من الموضوعات يمكن تلخيصها فيما يلي:
1/ محتوى الإدراك لدى الإنسان وحدود المدركات: المكان، الزمان، والأشياء، والواقع (كما نفهمه)، الغايات والأهداف المستقرة في أعماق النفس، التواصل والتفاهم مع الآخرين، انسجام الإنسان مع نفسه ومع الآخرين. كيف يمكن إدراك معنى (الزمن).
2/ الحالة الذهنية: كيف نرصدها ونتعرف عليها، وكيف نغيرها، دور الحواس في تشكيل الحالة الذهنية، أنماط التفكير ودورها في عمليات التذكير، والإبداع.
3/ علاقة اللغة بالتفكير: كيف نستخدم حواسنا في عملية التفكير، كيف نتعرف طريقة تفكير الآخرين. علاقة الوظائف الفسيولوجية بالتفكير، كيف يتم تحقيق الألفة بين شخصين. ودور الألفة في التأثير في الآخرين، كيف نفهم (إيمان) الإنسان وقيمه وانتماءه، ارتباط ذلك بقدرات الإنسان وسلوكه، وكيفية تغيير المعتقدات السلبية التي تقيد الإنسان وتحد من نشاطه.
دور اللغة في تحديد أو تقييد خبرات الإنسان، وكيف يمكن تجاوز تلك الحدود، وتوسيع دائرة الخبرات، كيف يمكن استخدام اللغة في الوصول إلى العقل الباطن -اللاشعور- وكيف يمكن تغيير المعاني والمفاهيم، علاج الحالات الفردية، كالخوف، والوهم، والصراع الداخلي.
التحكم بالعادات وتغييرها، تنمية المهارات، وشحذ القابليات، ورفع الأداء الإنساني.
سيجد الممارس لهذا العلم ان للنجاح أركانا ثلاثة هي:
1/ تحديد الهدف (الحصيلة)
2/ قوة الملاحظة والانتباه (جمع المعلومات)
3/ الاستعداد للتغيير (المرونة)
ولكل واحد من هذه الأركان شرح وتفصيل، وطرق وأساليب، فإذا أخذت بهذه الأركان الثلاثة وأتقنت وسائلها وأساليبها، فيمكنك تحقيق أمرين اثنين:
التغيير والتأثير، أي تغيير الأفكار والسلوك، تحقيق الانسجام الداخلي، تحقيق الألفة، كعلاج لحالات الخوف والوهم، وتخفيف الألم وتنمية المهارات والتعليم والتدرب، وكذلك رفع الأداء الرياضي والفني، وحل المشاكل الشخصية والعائلية.
أما التأثير في الآخرين، ففي مجالات عديدة يتمثل أهمها في: اللقاءات والاجتماعات، التفاوض، البيع والتجارة والأعمال، الدعاية والإعلام، التربية والتعليم، الصحية، الدعوة والإرشاد.
وختاماً نقول: أن الهندسة النفسية علم يستند على التجارب والاختيار، ونتائجه محسوسة ملموسة. كذلك نجد أن الهندسة النفسية تنظر الى قضية النجاح والتفوق على انها عملية يمكن صناعتها وليست وليدة الصدفة أو الحظ، وذلك لأن إحدى قواعدها تقول: أنه ليس هناك حظ بل هو نتيجة للتجارب، وليست هناك صدفة بل هناك أسباب ومسببات أدت إلى الهدف.
منقول بتصرف من كتاب آفاق جديدة بلا حدود للدكتور محمد التكريتي.
الهندسة النفسية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة